ترى ما هي هذه الأفضلية التي تمتع بها حتى أصبح محمياً من المرض المتوحش، مدمر الأجساد.. السرطان؟!، ما الذي جعله يتجاوزالإصابة به رغم أن هذا المرض قد عُرف بانتشاره المستشري في أي جهاز من أجهزة الجسم؟!
قال الطبيب جاكلين بارينتوس: “هناك أورام تظهر في القلب، لكنها ليست شائعة لذلك لا نسمع بها
أورام القلب الخبيثة التي تعرف باسم
Rhabdomyosarcomas نادرة جداً، بنسبة لا تتجاوز 0.1 بالمائة، حسب دراسة مبنية على 12000 حالة تشريحية، تم فيها تشخيص سبعحالات فقط وجد فيهم نوع من أنواع الأورام القلبية الأولية (يقصد بها الأورام التي توجد في القلب دون أن تنتشر إليه من أي مكان آخر منالجسم).
وهذا يعني أن أغلب السرطانات التي توجد في القلب تنتشر إليه من أنسجة أخرى، أي أنها أورام ثانوية، ولفهم ذلك يجب علينا العودة إلىالوراء في مفاهيم السرطان الرئيسية.
حسناً، في الحالة الطبيعية يقوم العدد الهائل من الخلايا التي يحتويها جسمنا (37.2 ترليون خلية) بعمليات تتشارك فيها بحمل العبء الهائلالذي يترتب عليها بتنظيم بيئة أجسامنا، فتنمو، تنقسم، وتموت في وقت محدد ليتم استبدالها بغيرها، والسرطان هو اختلال هذه العملياتباختصار.
يبدأ السرطان كما نعلم عندما تنمو الخلايا بشكل غير مُتحكم به، أو غير مُسيطر عليه، وهذا بسبب تضرر الــDNA، وفي الحالة الطبيعيةتقوم الخلية بإصلاح أي ضرر يحدث في الـ DNA، أو تموت دون أن تنقسم.
لكن الخلايا السرطانية لا تقوم بإصلاح العيب في الـDNA، كما لا تموت، بل تتابع الانقسام مشكلة المزيد من الخلايا ذات الـDNA المشوّه،وبهذه الانقسامات تستطيع أن “تغزو” الأنسجة الأخرى، بينما لا يمكن للخلايا الطبيعية أن تقوم بذلك، وعندما ذكر الأطباء أن السرطان يأتيمن قسم آخر من الجسم، كان هذا ما عنوه.
وذكر الأطباء أن معظم الأورام الثانوية التي تغزو القلب تأتيه من الرئتين، المريء، الكبد، المعدة، وحتى الأعشاش الخلوية لسرطان الدم تشكلالسرطان في القلب، وأغلب هذه الأنواع من السرطانات تنتشر باتجاه القسم الأيمن من القلب، أي في المكان الذي يدخل فيه الدم إليه.
ولكن لماذا لا تكون هذه الأورام متشكلة في القلب دون أن تنتقل إليه من مكان آخر؟
يتمكن الأطباء من خلال الفحص المجهري أن يتعرفوا إلى أصل الخلايا السرطانية في كل نسيج تغزوه، فمثلاً اذا انتقلت الخلايا السرطانيةمن البنكرياس إلى الدماغ وشكلت ورماً، يُمكّن الفحص المجهري من تحديد مصدرها، فيظهر أن هذا الورم لا يشبه الأورام السرطانية التيتحدث في الدماغ، عوضاً عن ذلك ستبدو الخلايا مطابقة لخلايا الأورام البنكرياسية، وتلعب الجينات الدور الأساسي في كون الورم أولياً اوثانوياً.
ويقول الطبيب ميتشل غاينور في كتابه “The Gene Therapy Plan” الذي سيكون مطروحاً للأسواق عام 2015 أن العلماء قد بدؤوا مؤخراًبفهم الآلية التي يتعدل من خلالها التعبير المورثي للـDNA مما يسبب ظهور السرطان، وهذا التعبير المورثي الشاذ يعتمد في عمله علىعوامل مسرطنة تأتي من البيئة المحيطة أو من الطعام الذي نتناوله.
وهي تتحكم بالفترة التي يتم تفعيل الجين فيها، وتكرار المرات التي سيعبر فيها عن الصفات التي يحملها، وتوجد هذه العوامل المسرطنة فيالثدي عند المرأة بشكل مكثف لأن الثذي غني بالخلايا الشحمية وهي أكثر أنواع الخلايا حملاً للمواد المسرطنة، مما يفسر انتشار سرطانالثدي بكثرة.
أما بالنسبة لأنواع الخلايا الأخرى فهي تملك مناعة ضد هذه المواد السامة المسرطنة عن طريق أنزيمات تزيلها، كما أنها مزودة بعوامل دقيقةتفعل الجينات التي تبطل تكون الأورام، في حين لا تملك الخلايا الشحمية كل هذه الآليات “التعقيمية” مما يجعلها سبباً رئيسياً في تعديلبنية الـDNA وانتشار الأورام السرطانية بشكل خاص في النسج الشحمية، وهذا ما يجعل القلب متميزاً.
القلب لا يحوي نسيجاً شحمياً، كما أنه مغلف بغشاء يدعى التامور، وهو قد يصاب بورم سرطاني لكنه مع ذلك يحافظ على وظيفته في حمايةالقلب، وبهذا يكون القلب منيعاً ضد السرطان لطبيعته العضلية، ولكونه لا يحوي النسيج الشحمي، ولأنه مغلف بالتامور الذي يحميه.