متابعة مروة البطة
أبصر فيلم “سنوات الإشهار” النور اليوم بعد أن منعته الحكومة الجزائرية من العرض منذ إنتاجه في 2002، بسبب تحفظات حول مقاربته للأزمة الدموية التي شهدتها البلاد في تسعينيات القرن الماضي.
ويتأمل الجمهور الجزائري وعشاق الفن السابع إلى رؤية نجم الكوميديا الفنان عثمان عريوات مجدداً في قاعات العرض السينمائي وربما دواليب الإنتاج من جديد، بعد رفع الحظر الرسمي عنه عقب عقدين من القبضة الحديدية بين الرجل وبين وزارة الثقافة الجزائرية، ما حرم الجمهور من رؤية جديدة لنجمه، الذي توارى عن الأنظار، وترك فراغا كبيرا في الساحة الفنية المحلية، وقد ينقذ هذا الفيلم الموسم السينمائي للموسم الحالي وحتى الموسم القادم، بالنظر إلى الآمال المعلقة عليه في ملء الفراغ وشح الإنتاج.
وتوصل الفنان عثمان عريوات (72 عاماً) إلى اتفاق أولي مع وزارة الثقافة الجزائرية من أجل رفع الحظر عن فيلم “سنوات الإشهار” بعد عقدين من التجاذب بين الطرفين ومن الفراغ في مجال الكوميديا، رغم تزامن الفيلم مع إنجاز عدة أفلام أخرى، إلا أن متتبعين للشأن الفني والسينمائي في الجزائر، ينتظرون أن يكون نقلة نوعية في فن الكوميديا الهادفة والنقد الهزلي لمختلف الأوضاع السياسية والاجتماعية للبلاد، ليغطي بذلك على تأخر عرض بعض الأفلام المحسوبة على مواسم ماضية، بما فيها العام الفائت، بسبب ظروف ومعوقات الإنتاج الناجمة عن تقلص المساهمات الحكومية في الإنتاج السينمائي.
حيث أكد وزير الثقافة الجزائري عز الدين ميهوبي في تصريحات صحافية أنه “تم الاتفاق مع عثمان عريوات على السماح بعرض فيلم سنوات الإشهار بعد حذف نحو 45 دقيقة منه”، على الرغم من أنه لم يشر إلى مضمون التوقيت المحذوف، فإن مراقبين لفتوا إلى أن الفيلم وجه انتقادات لاذعة للسلطات السياسية في البلاد أثناء حقبة التسعينات (العشرية الحمراء)، وقد تكون هي المعنية بالحذف مقابل السماح بعرضه بعد عقدين من التجميد.
أما عن محتوى الفيلم فإنه يعالج الأوضاع السياسية والاجتماعية التي أفرزتها حقبة التسعينات في الجزائر في قالب هزلي يعكس التناقضات التي أنتجت نخبة رسمية واجتماعية وطبقة ثرية وظفت كفاءاتها في التطفل والتسلّق للبروز في الواجهة، رغم تنافي خصوصياتها مع المراكز التي احتلتها خلال تلك المرحلة
ويؤدي عثمان عريوات (مخلوف البومباردي)، دور البطل في شخصية “الجنرال”، وهو في نفس الوقت منتج ومؤلف السيناريو، وسخر له كل إمكانياته الفنية والإبداعية من أجل تحقيق “قنبلة” سينمائية يفوق مفعولها مضمون فيلم “كرنفال في دشرة”، و”الطاكسي المخفي”، حيث عول عليه كثيرا لتفجير كل طاقاته، إلا أنه اصطدم برفض عرضه من قبل الوزراء المتعاقبين على قطاع الثقافة
وقال: “عثمان عريوات شخصية مزاجية ويمكن أن يخذل الوزير في اللحظة الأخيرة ويرفض العرض، وهو الذي لم يصدر عنه أي شيء إلى حد الآن، خاصة في ما يتعلق بأسباب حذف المدة المذكورة من الفيلم، إن كان متصلا بعملية التركيب أو ضرورة فنية، أو لمضمون معين”
ويتوقع متتبعون للشأن الفني والسينمائي الجزائري أن يكون “سنوات الإشهار”، وجها آخر لفيلم “كرنفال في دشرة”، الذي انتقد في قالب كوميدي الأوضاع السياسية والاجتماعية في البلاد، أثناء حقبة الثمانينات، وهو من بين الأعمال السينمائية النادرة التي حافظت على صلاحية مضمونها لنحو عقدين من الزمن.