ينشغل لبنان بالأزمة المالية الخانقة والتي بدأت تضرب المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بسبب الاختلاف على الأرقام، كما ينشغل بقانون قيصر وتداعياته التي ستطال أشخاصاً لبنانيين وشركات، والجميع بانتظار موافقة الجميع على المشاركة في حوار بعبدا الذي دعا إليه رئيس الجمهورية، ميشال عون، وسيضم اللقاء كل القوى المختلفة، من رؤساء جمهورية وحكومة سابقين، ورؤساء كتل نيابية وحزبية.
حيث تؤكد الدعوة لهذا الحوار، أبلغ المؤشرات، على أن لبنان لا يحكم بشكل آحادي، وأنه عند لحظة الجد والاستحقاق لا بدّ من العودة إلى التوافق بدلاً من حروب الإلغاء ونزق التفرد.
فيما ترتكز الأنظار اللبنانية على التطورات الآتية من الخارج، بالتزامن مع تركيزها على ما سيخرج به لقاء بعبدا، والذي يفترض لإنجاحه أولاً إسقاط مصطلحات الهجوم التي درج العهد والحكومة على استخدامها بوجه معارضيهم، وبعد أن كانوا يريدون محاكمتهم وجاهياً بلا أي مرجعية قضائية، ها هم يلجئون إليهم للمساندة والمساعدة في البحث عن مخرج، بعد أن اصطدمت كل مساعيهم بجدران تعطيل شيدوها هم بأنفسهم.
في حين يشكل حوار بعبدا، مفترقاً جديداً نحو مرحلة جديدة بعيدة عن كل النكد السياسي والتعاطي بواقعية وجدية ومسؤولية بدلاً من لعبة تقاذف الاتهامات والقفز فوق السطوح، وبعيداً عن سياسية الهروب إلى الأمام بتحميل المسؤولية إلى الآخرين، وأهم ما في لقاء بعبدا أنه قابل لطرح كل المشاكل على الطاولة بشكل صريح، وتعبير القوى المعارضة للحكومة عن موقفها على الطاولة التي تضم الجميع، والأهم أن تلبية الدعوة ستكون عبارة عن إشارة أساسية لا يمكن للعهد والحكومة نسيانها بأنهم لم يتمكنوا من إنقاذ أنفسهم فجاءهم عون من معارضيهم، الذين بإمكانهم شرح وجهة نظرهم داخل القاعة ومن على منبر القصر الجمهوري ووضع النقاط على الحروف.