تعتبر حالة “التهام الذات”، تطور سلوكي قهري خطير، غالباً ما يتم وصف السلوكيات المتكررة المتعلقة بالجسم كعادات سيئة لا أكثر، مثل نزع الشعر وقضم الأظافر وتقشير جلد الشفاه، وعندما تتحول هذه السلوكيات إلى ممارسة مؤذية قد يتم التعامل معها كاضطراب أو كجزء من اضطراب، تسمى التهام الذات.
على الرغم من وجود حالات مشخّصة مصابة باضطراب الالتهام الذاتي إلّا أنه لا يعتبر اضطراباً نفسياً مميزاً ولم يتم تصنيفه في الدليل التشخيصي الخامس للاضطرابات العقلية والنفسية، بل ينظر إليه كعرض أو جزء من اضطرابات ومشاكل نفسية وعقلية أخرى.
-أشكال وأعراض التهام الذات والحالات الخطرة:
1-أكل الأظافر القهري Onychophagia: وهو حالة مختلفة عن قضم الأظافر وبصقها أو رميها، حيث يعاني المريض من رغبة قهرية لأكل الأظافر بعض قضمها.
2-أكل الجلد: وهذه الحالة ترتبط غالباً بقضم الأظافر وأكل الأظافر القهري، حيث يعاني المريض من رغبة قهرية تدفعه لتناول الجلد المحيط بالأظافر سواء الجلد الميت أو أجزاء من أطراف الأصابع والجلد الحيّ المؤلم أو تقشير الشفاه وأكل الجلد، وتعتبر هذه الحالة أكثر خطورة من قضم الأظافر العادي، حيث يمكن أن تسبب نزيفاً وجروح مزمنة يقوم المريض بتجديدها قبل أن تلتئم.
3-نتف الشعر وأكله Trichophagia: وهو درجة متقدمة من هوس نتف الشعر، حيث يعاني المريض من رغبة قهرية بتناول شعر الرأس أو الرموش بعد نتفه، ويمكن أن يسبب ذلك مشاكل صحية خطيرة.
4-أكل الأشياء الغريبة: والذي قد يتضمن أكل مخلفات الجسم وأكل المخاط، وينتمي هذا السلوك القهري إلى اضطراب بيكا أيضاً الذي يمتد لأكل أشياء غير معدة للأكل مثل طلاء الأظافر الجاف أو الصابون.
5-أكل لحم الجسد: وهي من أكثر حالات التهام الذات ندرة، فهناك حالات قليلة تم تسجيلها حيث قام المريض بأكل جزء من لحم جسده الحي، إلى جانب حالات تاريخية تم إجبار الأشخاص فيها على أكل أجزاء من جسدهم.
-أسباب اضطراب الالتهام الذاتي:
1-الوراثة: يعتقد أن العوامل الوراثية تلعب دوراً في تطوّر مرض الالتهام الذاتي، ووجود أفراد في الأسرة يعانون من هذه المشكلة يعزز فرص الإصابة بالتهام الذات أو الاضطرابات المسببة له.
2-العمر: غالباً ما تظهر أعراض مرض الالتهام الذاتي في مرحلة الطفولة والمراهقة المبكرة، ويمكن أن تظهر في مرحلة الطفولة المبكرة.
3-المشاعر السلبية: يلاحظ الباحثون صلة قوية بين مرض التهام الذات والمشاعر السلبية مثل الكآبة والحزن والملل والإحباط، كما يعتبر الالتهام الذاتي من طرق مواجهة الضغط النفسي والمواقف الصعبة والمثيرة للتوتر.
4-الاضطرابات النفسية والعقلية: يعتقد أن مرض الالتهام الذاتي مرتبط باضطرابات نفسية وعقلية أخرى مثل الاضطرابات الذهانية وأشكال الوسواس القهري واضطرابات الإدمان، ومع ذلك لا يمكن القول أن التهام الذات عرض أكيد لإحدى هذه الاضطرابات، لكن معظم الحالات شديدة الخطورة من التهام الذات ارتبطت بسلوك إجرامي ومنحرف ونفسية مضطربة.
5-سلوك إيذاء الذات: يمكن النظر إلى بعض حالات الالتهام الذاتي كجزء من سلوك إيذاء الذات بعد الصدمة النفسية أو نوع من عقاب الذات.
-علاج الالتهام الذاتي:
-العلاج النفسي للالتهام الذاتي: غالباً ما يكون العلاج النفسي لمرض التهام الذات هو الخيار الأول والأكثر فاعلية، ويركّز العلاج على طريقتين:
العلاج السلوكي المعرفي: يستهدف العلاج السلوكي المعرفي على استكشاف الروابط العاطفية والمعرفية مع سلوك التهام الذات القهري، والعمل على تعديل الأفكار المحفزة لهذا السلوك، وإعطاء المريض طرق بديلة للتعامل مع المشاعر التي تسبب التهام الذات القهري.
علاج عكس العادة: وهو جزء من العلاج السلوكي المعرفي يركز على تطوير استجابة تنافسية لدى المريض من خلال وعيه بالسلوك القهري والمحفزات الأساسية لهذا السلوك، ثم خلق عادات بديلة، وقد أثبت هذا العلاج فعالية جيدة في حالات هوس نتف الشعر وقضم الأظافر.
العلاج الاجتماعي: ويحتاج المريض في هذه الحالة إلى المساعدة من الآخرين لتنبيهه عند الانخراط في سلوك التهام الذات، وغالباً ما يكون هذا العلاج رديفاً للتدريب على عكس العادة.
حجب الأعضاء: في بعض الحالات يلجأ الطبيب النفسي إلى طرق أقل تعقيداً تساعد في التقليل من التهام الذات، مثل حجب الشعر أو تقصيره إلى أقصى حد، وتقليم الأظافر بشكل منتظم مع علاج شعث الأظافر وتشققات الشفاه، وحتى ارتداء القفازات خلال فترة العلاج النفسي.
أدوية علاج الالتهام الذاتي: قد يصف الطبيب بعض الأدوية التي تساعد في علاج مرض التهام الذات، وغالباً ما تنتمي هذه الأدوية لمضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات أو مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية، والأدوية لا تعتبر علاجاً مباشراً للالتهام الذاتي وإنما تساهم في العلاج.