تحدث رواد مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين، عن صوامع الحبوب في مرفأ بيروت. وزعم البعض بأن “هذه الصوامع هي الوحيدة التي صمدت أمام قوة الانفجار، وتبيّن أنها عثمانية، وقد بنيت منذ نحو 200 عام، بل هذا المرفأ كله أنشأه العثمانيون”، غير أن هذه المزاعم خاطئة. ويبيّن البحث والسؤال أن هذه الصوامع دُشّنت عام 1970، ولا علاقة للعثمانيين بها، وبالنسبة الى مرفأ بيروت الحالي، “فقد بنته شركة فرنسيّة”، وليس العثمانيين.
ومنذ عدة أيام، تكثف تناقل هذا المنشور على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما في تويتر، والفيسبوك، مع صورة لإهراءات القمح في مرفأ بيروت مدمرة، وقد أرفقت بالمزاعم الآتية: “صوامع الحبوب الخرسانية هذه هي الوحيدة التي صمدت أمام قوة الانفجار وعملت كمصدات حمت الأبراج التي خلفها ،وعند السؤال تبين أنها عثمانية بنيت منذ نحو 200 عام بل وأن هذا المرفأ كله أنشأه العثمانيون”.
ونفى مدير أهراء مرفأ بيروت أسعد الحداد تلك المزاعم، قائلاً: “لا صحة للمزاعم ان العثمانيين هم الذين بنوا اهراءات القمح في مرفأ بيروت، قبل 200 عام”.
وأضاف: “بدأ بناء اهراءات الحبوب عام 1968، وفقاً للوثائق المتوفرة لدي، فقد وضع الرئيس شارل حلو وأمير الكويت الشيخ صباح السالم الصباح حجر الأساس لصوامع الغلال في 16 ايلول 1968″،وفقاً لما ذكره موقع النهار.
وتابع حداد: “أُنجزت عملية بناء الصوامع بفضل قرض حصلت عليه الدولة اللبنانية من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية لتمويل مشروع صوامع الغلال في مرفأ بيروت. وقد رد لبنان قيمة القرض على مراحل”.
واستطرد قائلاً: “العمل أنجز خلال نحو عام ونصف العام. وعام 1970، بدأ العمل بهذه الاهراءات. وهذا يعني انه مر على وجودها 50 سنة”، وأشار إلى أن “البناء النهائي للاهراءات تضمن ما مجموعه 104 صوامع، بسعة إجمالية تصل إلى 125 طناً من الحبوب”.
ووفقاً لعرض تاريخي ينشره موقع مرفأ بيروت Port of Beirut، فقد ورد اسم مرفأ بيروت منذ القرن الخامس عشر قبل الميلاد في الرسائل المتبادلة بين الفراعنة والفينيقيين، وخلال العصر الروماني تطور إلى مركز تجاري واقتصادي، وخلال العصر الأموي، أصبح مركزًا للأسطول العربي الأول، أما في عهد الصليبيين، فقد كان له دور مهم في التجارة البحرية بين الشرق والغرب، وقد تعزز هذا الدور في عصر المماليك عندما تحول مركزا تجاريا يزوره حجاج الأراضي المقدسة، وبحلول نهاية القرن التاسع عشر، تم إنشاء مرفأ بيروت الحالي، وفي ذلك القرن، كان لبنان تحت الحكم العثماني.
وأورد موقع المرفأ أنه “في 19/6/1887، منحت السلطة العثمانية شركة عثمانية باسم Compagnie du Port، des Quais et des Entrepôts de Beyrouth امتياز الميناء”.
وأوضح المهندس والاقتصادي والمؤرخ الدكتور بطرس لبكي أن “هذه الشركة كان يملكها فرنسيون، ورأسمالها كله فرنسي، وادارتها فرنسية. ونظرا الى ان لبنان كان تحت الحكم العثماني يومذاك، فإن الشركة كان يتوجب ان تخضع بدورها للقانون العثماني. لذلك كُتِب انها عثمانية”. وقال إن “هذه الشركة ذات التكوين الفرنسي هي التي بنت مرفأ بيروت الحالي، وليس العثمانيين، كما يزعم. وقد اخذت من العثمانيين امتياز استثمار المرفأ لمدة 100 سنة”.
ووفقاً لما ذكره موقع المرفأ، فقد “تم تعزيز امتياز الشركة في ما بعد عندما حصلت من الجمارك على الحقوق الوحيدة لتخزين جميع البضائع العابرة التي تمر عبر الجمارك وحملها. وتم الانتهاء من الأعمال الإنشائية، مثل سد بحري لتوسيع الميناء وتطويره. وتم الاحتفال بالافتتاح بمناسبة الانتهاء من هذه الأعمال نهاية عام 1894، وتم تطوير الأحواض وتوزيعها بين رأس الشامية ورأس المدور…”.
وبذلك تكون المزاعم المتناقلة أن صوامع الغلال في مرفأ بيروت عثمانية، وقد بنيت منذ نحو 200 عام، بل هذا المرفأ كله أنشأه العثمانيون، مزاعم خاطئة. الصوامع دُشّنت عام 1970، ولا علاقة للعثمانيين بها. وبالنسبة الى مرفأ بيروت الحالي، فقد بنته شركة فرنسيّة، ولا علاقة مجددا للعثمانيين بعملية البناء.