صدرت الإرادة الملكية السامية بحل مجلس النواب، اعتباراً من اليوم الأحد الموافق للسابع والعشرين من شهر أيلول سنة 2020 ميلادية.
وجاء في نص الإرادة:
“نحن عبدالله الثاني ابن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، بمقتضى الفقرة الثالثة من المادة (34) من الدستور، نصدر إرادتنا بما هو آت: يحل مجلس النواب اعتباراً من يوم الأحد، الموافق للسابع والعشرين من شهر أيلول سنة 2020 ميلادية”.
و من وجهة نظر القانون فقد جاء في النصوص الدستورية الناظمة لحل مجلس النواب أولاً : مدة مجلس النواب :
تنص المادة (68/1) من الدستور على ” مدة مجلس النواب اربع سنوات شمسية تبدأ من تاريخ إعلان نتائج الإنتخاب العام في الجريدة الرسمية 000″ .
من قراءة هذا النص نخلص الى أن الأصل الدستوري لمدة مجلس النواب هي أربع سنوات ، بمعنى أنه يتعين بقاء مجلس النواب مدة أربع سنوات شميـــة من تاريخ إعلان نتائج الإنتخاب العام في الجريدة الرسمية .
وعليه فإن حل مجلس النواب قبل إنقضاء مدة اربع سنوات شمسية على إعلان نتائج الإنتخاب العام في الجريدة الرسمية ، إنما هو إستئناء من الأصل وعلى خلاف الأصل .
ثانياً : حل مجلس النواب :
تنص المادة (34/3) من الدستور الأردني على ” للملك أن يحل مجلس النواب ” .
يفهم للوهلة الأولى أن هذا النص أعطى سلطة مطلقة للملك ان يحل مجلس النواب ، إذا جاء النص على صلاحية حل مجلس النواب غير معلق على شرط وغير مقيد بأي قيد ، مما يعني أنه قد يفهم من هذا النص أن سلطة الملك مطلقة من كل قيد وشرط في حل مجلس النواب ، لكن هذا الفهم سيتبدد ويتبخر حالاً عندما نقرأ هذا النص في السياق العام لنصوص الدستور الأردني ووفقاً لروح هذا الدستور ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، فإنه من المباديء الراسخة والثابتة والمضطردة والمستقرة في فهم نصوص التشريعات ، وجوب قراءة نصوص التشريع الواحد بإعتبارها وحدة واحدة ، ووجوب قراءة التشريعات المتعددة في الدولة بإعتبارها وحدة واحدة أيضاً ، وبالبناء على ذلك ولفهم هذا النص فهماً قانونياً يستقيم مع روح الدستور الأردني وتكامل ووحدة نصوصه يتعين تطبيق نا تقدم على تلك المباديء ، وبيان ذلك على النحو الآتي :
1- روح الدستور الأردني :
إن قراءة روح الدستور الأردني تقودنا الى أن هذا الدستور قد جعل الأصل هو وجود مجلس نواب منتخب، فيكون حل مجلس النواب أو التمديد له ، هو الإستثناء من هذا الأصل ، كل ذلك يجعل حل المجلس إستثناء من الأصل ، ومن المعلوم الى حد البداهة أن الإستثاء في القانون لا يقاس عليه ولا يتوسع في تفسيره ولا يصار إليه إلا لأسباب مبررة ويتعين على صاحب الصلاحية بيان تلك الأسباب في متن القرار ، ليصار للتثبت من وجود هذه الأسباب من الناحية القانونية والواقعية ، وإلا إنتقلنا من الديمقراطية الى الدكتاتورية .
وعليه فإن سلطة حل مجلس النواب ليست مطلقة كما أنها ليست تحكمية ، بل لا بد من بيان الأسباب الموجبة لذلك .
2- المادة (73) من الدستور :
يؤيد ما تقدم نص الفقرة (1) من المادة المذكورة التي جاء فيها ” إذا حل مجلس النواب فيجب إجراء إنتخاب عام بحيث يجتمع المجلس الجديد في دورة غير عادية بعد تاريخ أربعة أشهر على الأكثر 000 ”
إن قصر هذه المدة الفاصلة بين قرار حل مجلس النواب وإنتخاب مجلس جديد وإجتماع هذا المجلس يؤكد على أن الدستور الأردني جعل وجود مجلس نواب منتخب هو الأصل والإستثناء هو حلّه .
كما يؤيد ذلك نص الفقرة (2) من المادة المذكورة والتي تنص على ” إذا لم يتم الإنتخاب عند إنتهاء الشهور الأربعة يستعيد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية 000 ” ، إذ أن المشرع الدستوري حرص على أن لا يحدث فراغ نيابي يزيد على أربعة أشهر وذك بتقرير عودة المجلس المنتخب حكماً وحالاً إذ لم يتم الإنتخاب في موعد أقصاه اربعة أشهر من تاريخ حل ذلك المجلس .
3- المادة (74) من الدستور :
فقد نصت الفقرة (1) من هذه المادة على ” إذا حل مجلس النواب لسبب ما فلا يجوز حل المجلس الجديد للسبب نفسه ” .
أوجبت المادة (4) من القانون المدني الأردني اتباع قواعد أصول الفقه الإسلامي في فهم وتفسير النصوص القانونية ، لنجد أن من قواعد فهم النصــوص في أصول الفقــــه الإسلامي ” فهم النص بدلالة إشارة ” ، ويقصد بذلك إستخلاص معنى من النص لم يقصده المشرع ، ولكن هذا الفهم يقتضيه سياق النص ، وبتطبيق ذلك على الفقرة (1) من المادة (74) المشار إليها نجد أنه لا يمكن تطبيق عجز هذه الفقرة وهو إمتناع حل المجلس الجديد لذات السبب الذي حُلّ من أجله المجلس السابق إلا بالإفصاح عن سبب الحل ، اي أن المشرع الدستوري أوجب بيان سبب الحل ليتسنى للقضاء المختص بسط رقابته على سبب حل المجلس الجديد وفيما إذا كان لذات السبب الذي حل من أجله المجلس السابق أو أنه سبب مختلف عن ذلك السبب.
خلاصة ما تقدم أن سلطة الملك بحل مجلس النواب مقيدة ببيان السبب .
رابعاً : النتائج :
بناءً على ما تقدم فإن قرار حل مجلس النواب الصادر في 4/10/2012 إذ لم يتضمن بيان السبب إنما يكون قد خالف المادة (74/1) من الدستور ، الأمر الذي يترتب عليه بطلان قرار حل المجلس لمخالفته للشكل الذي فرضه الدستور ، ويترتب على ذلك النتائج التالية :
1- إن الطعن بقرار حل مجلس النواب المشار إليه يجعله عرضة للإلغاء ، إذ ما تم الطعن به لدى القضاء المختص .
2- لكل نائب في المجلس الذي تقرر حله أن يطعن بهذا القرار لدى القضاء المختص .
3- للوزراء بشكل فردي ولمجلس الوزراء بشكل جماعي حق الطعن بقرار الحل ، لأن لكل منهم مصلحة شخصية مباشرة في الطعن .
4- يمكن لكل نائب في المجلس الذي تقرر حله ولكل ناخب في الإنتخابات العامة لمجلس النواب القادم الطعن بالإنتخابات العامة التي ستجري في ضوء قرار حل مجلس النواب ، لأن تلك الإنتخابات باطلة لأنها بنيت على قرار باطل ـ إذ أن ما بني على باطل فهو باطل ، ولأنه إذا بطل الشيء بطل ما بضمنه .