يثير إيقاع الحياة المتراخي في مدينة بلوفديف البلغارية انتباه زوارها، فبمجرد دخولك أبوابها ستشهد أسلوب الحياة الفريد الذي تشتهر به ثانية كبريات مدن بلغاريا والمحصورة بين البلقان وجبال رودوبي، وتقع على مفترق الطرق بين أوروبا الغربية والشرق الأوسط.
هناك في المدينة المأهولة الأقدم في القارة العجوز، يمشي الناس على مهل، حتى يخيل إليك أن لديهم متسع طويل من الوقت، حيث يتجمع كبار السن ويلعبون الشطرنج ويجلس الناس باسترخاء ويتجاذبون أطراف الحديث تحت ظلال الأشجار الضخمة المعمرة. وستشعر حينها أن هناك نوعاً من خلو البال أو اللامبالاة في المدينة، لكن يصعب فهم أسبابه.
وفي منطقة كابانا بقلب المدينة، تزدحم طرق المشاة برواد الحانات والمقاهي، وتجلس مجموعات من الشباب والعشاق أمام الجداريات الزاهية التي تزدان بها جدران الطرقات. ويقضي الناس ساعات في المقهى المجاور لمسجد دزومايا في قلب المدينة.
حتى القطط في شوارع المنطقة المرصوفة بالحصباء، تبدو أكثر خمولاً من المعتاد. فهي تمط جسدها بتكاسل وتخرخر ثم تتقلب وتعود للنوم. وإذا سألت الناس لماذا يسود هذه المدينة الخمول والتراخي، سيردون بكلمة واحدة “أيلياك”.
ولا تستخدم هذه الكلمة كثيراً خارج بلوفديف، رغم أنها أضيفت إلى المعاجم البلغارية منذ أواخر القرن التاسع عشر. واشتقت “أيلياك” من كلمة “أيلاكليك” التركية التي تعني الخمول أو التلكؤ أو التسكع، وتعود جذورها إلى كلمة “أيليك” أو “شهر” بالتركية.
يذكر أن في عام 2019، تقاسمت بلوفديف لقب عاصمة الثقافة الأوروبية مع مدينة ماتيرا في إيطاليا. وأجرت مؤسسة “فاير ثياتر” للتمثيل الإيحائي، التي يرأسها بلامين راديف جورجيف، الممثل الإيحائي البلغاري، في إطار الأنشطة الثقافية للمدينة، مجموعة من الحوارات مع الجمهور لاستكشاف معنى كلمة “أيلياك”، وأصولها وكيف ارتبطت إلى هذا الحد ببلوفديف.