ردي عليَّ هوائي وافتحي طرقي
فإنني عالقٌ في آخر النفق
وإنني مذ رماني الله منتظراً
عنق الزجاجة حتى خلتُه عنقي
أصيح بالناس روحي طفلة هربت
مني ولم يبق الا الطين معتنقي
وها أنا الان صلصالا أعود إلى اللا شيء
حيث بقايا رفة العلق
ومضغةً حملتها الريح تائهةً
ولم أزل تائهاً في ملتقى الطرق
لا شيء أذكره ، لا شيء يتعبني
أخفُّ من ضحكةٍ مرت بثغر شقي
فلا البدايات تعنيني ولا المدن
الثكلى التي تنزوي في آخر القلق
تخففت من يدي الدنيا وأحسبني
أني تخففتُ من حزني ومن أرقي
وإنني طينةٌ لو مسها مطرٌ
_ ولو خفيفٌ_ لسالت آخر الحرق
وها تمامآ بلا وعيٍ، بلا حلمٍ
بلا نشيدٍ بلا ذكرى بلا نزق
ولا نساءٍ، فيا ما قلتُ يا امرأةً
إياك أن تحلمي بالطين أو تثقي
وإنْ تورطتِ بالطينيِّ ذات هوى
فلملمي نزفه البريَّ وانطلقي
وها هو الآن يمشي دونما هدفٍ
وحافياً مرَّ من بوابة الغسق
كأنما روحه كانت تجرجره
للبحر، للسفن الجرحى وللغرق
وعندما انفلتتْ من كفه، انفلتتْ
مدينةٌ قد جثتْ في أول الرمق
وحينما خفَّتِ الأشياء قيل له
عد يا صبي إلى طيارة الورق
وارجع قليلا إلى حيث الكلام بلا
معنى، وحيث خيوط الفجر لم تفق
وعاش كم عاش أياما بمفرده
ووحده وحده في زحمة الأفق
وروحه في مكانٍ صاخبٍ هبطت
وفتشت عنه بين الطين والقلق
تمشي وتسمع صوتاً كان يوقظها
إياك أن تذكري المنفى فتختنقي
كئيبةً تعبرين العمر حافيةً
من الزمان وسيراً دونما طرق
ستصعدين هموم الناس ثم إلى
وديانهم تغسلين الشمس بالشفق
وتبحثين عن المنفيِّ ثانيةً
وإن وجدتِ ظلالاً منه فالتصقي
هيا ابحثي عنه، مذ غادرتهِ هربت
منه الحكايا وظلٌّ من هواك بقي
فحاولي أن تعيدي رسم ضحكته
وطمأنيه، بغير الروح لم يثق