يكرّس المعرض الفردي للفنان جوش راول، الذي تستضيفه وجهة السركال أفينيو في دبي، أهمية القيم الأخلاقية المستدامة في عالمنا، ذلك من خلال أعماله الدقيقة والجذابة، حيث يدعو للتأمل في أهمية المبادئ الأخلاقية في تشكيل الأفعال الفردية والجماعية، بموازاة اكتشاف عوالم الاتصالات والتطور الرقمي، كما يضم المعرض أعمالاً أصلية تدعو للتفكير والتأمل على غرار سلسلته الشهيرة «لغة الرسم»، «هشاشة افتراضية» و«الفسيفساء».
وفي السياق، تعكس أعمال الفنان التشكيلي البريطاني جوش راول، شغفه العميق بالتفكير اللغوي والعلوم والهندسة القديمة، وتبين أهمية تجاربه الفردية في المزج بين الفن والتكنولوجيا واللغة بسلاسة، ما يمحو الحدود بين العالم الرقمي والملموس.
ومن خلال رسم الممرات النصية بعناية، يقوم بإنشاء أنظمة معقدة لترميز الألوان، مرمزاً لأنظمة الترميز المعقدة التي تكمن في العالم الرقمي المترابط. ولا تستكشف هذه الأعمال فقط جماليات الاتصال الرقمي، بل تؤكد أيضاً قيمة العمل اليدوي في عالم متزايد التركيز على التكنولوجيا. ويؤكد جوس أنه يهدف عبر أعماله المعاصرة إلى التركيز على التقدم التكنولوجي الذي يشكل حياتنا المعاصرة، ويعبر عن تفاعلاتنا البشرية المتوسطة بشكل متزايد داخل حدود الفن التشكيلي. ويوازن الفنان في أعماله بين التقنيات التناظرية والطابع الفوري للعصر الرقمي، وتنتج هذه التراكبية لغة تستكشف وتعيد تشكيل المعلومات، وتحتفي بالصناعة اليدوية في زمن يغلفه التداخل المتزايد للعالم الافتراضي.
وسائط ترميز
ويوضح جوش أنه ومنذ ظهوره كرسام تجريدي، قام بالتوسع في النحت والوسائط المختلطة، وكثيراً ما يعمل مع تركيبات الضوء والفيديو والصوت. وعلى الرغم من تنوع هذه الوسائط المتفرقة، يتم تأسيس كل شيء على نظام ترميز، كما يشير، حيث يمكن تبسيط كل الأنظمة إلى قرارات نعم/ لا، مثلما يحدث في الارتباطات التكنولوجية، انتشاراً يمكن أن تولده هذه الترميزات (لغة لوحاته)، كما هو واضح في سلسلته «لغة الرسم».
وفيما يتعلق بالمجموعات الفنية ومزيتها ضمن سياق فكرة العمل، يقول جوش: إنه على سبيل المثال تتمحور سلسلة «الفسيفساء» حول اكتشاف عالم الإنترنت وثقافته المتطورة بسرعة. وهي مستلهمة من التعليقات الشائعة الموجودة على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، والتي تتراوح بين الكوميدية والغريبة، وأحياناً حتى القلقة، كما تعكس المجموعة تماماً مثل تعليقات الصور النمطية التي تحظى بشهرة مؤقتة قبل أن تستبدل، قابلية الظواهر العابرة على الإنترنت. ويلفت جوش أنه على زوار المعرض الأخذ بعين الاعتبار مسارات التأمل في الطابع الأثري لتغذية وسائل التواصل الاجتماعي مع الأخذ بالاعتبار المجموعة الأخلاقية التي تنظم حياتنا.
وذلك في ضوء وجود أعمال تعطي نظرة عابرة للمناظر الطبيعية المتغيرة باستمرار للحوار على الإنترنت، كما هو الحال في سلسلة «الهشاشة الافتراضية» كونها تلقي الضوء على هشاشة اتصالنا الرقمي، وأيضاً اللحظة الحاسمة عندما ينقطع اتصالنا بالعالم الافتراضي، مما يجرنا إلى عالم من الفوضى المجردة، وهو ما يجسده الفنان من خلال تصوير فقدان الاتصال والفوضى التي تترتب على ذلك.