توقعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني حدوث تراجع كبير في سعر الصرف الرسمي للجنيه أمام الدولار خلال الربع الأول من 2024، ليقترب من حاجز الـ45 جنيهًا، بالتوازي مع رفع سعر الفائدة 300 نقطة أساس خلال الـ6 شهور الأولى من نفس العام.
وفيما تشهد سوق الصرف الرسمية حالة من الهدوء منذ التخفيض الأخير في سعر الجنيه المصري مقابل الدولار بداية العام الحالي، حيث يجري تداول التداول عند مستوى أقل من 31 جنيهاً، لكن، وفي المقابل تجاوز سعر صرف الدولار بالسوق الموازية حاجز 50 جنيهًا، في ظل ارتفاع وتيرة المضاربات مع تصاعد الضغوطات التي يواجهها الاقتصاد المصري، بما في ذلك مخاطر التوترات الجيوسياسية الناجمة عن حرب غزة.
وفي إطار تخفيف الضغط على الجنيه المصري، كانت قد أكدت مصادر أن فروع البنوك التابعة للحكومة المصرية بدأت قبل أيام توسيع إصدار الاعتمادات المستندية الخاصة بالإفراجات الجمركية حتى لا تتجدد أزمة تكدس البضائع في الموانئ المصرية.
وتواجه مصر أزمة شديدة بشأن نقص للعملة الصعبة، مما دفعها لتخفيض سعر الجنيه عدة مرات خلال العام الماضي، وأدى إلى ارتفاع مستويات التضخم بشكل قياسي، على الرغم من ارتفاع سعر صرف الدولار بما يقرب من 100% منذ الربع الأول من العام الماضي.
وتوصلت مصر في شهر ديسمبر 2022 إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، وتلقت شريحة واحدة بقيمة 275 مليون دولار من هذا الاتفاق. لكن كانت المراجعات مع الصندوق الدولي لاستلام باقي الأقساط متأخرة بسبب تأخر مصر في تطبيق بعض الإجراءات المطلوبة منها من قبل الصندوق، منها مرونة سعر الصرف.
وأفاد تقرير “فيتش”، بأن البنك المركزي المصري سوف يخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار من 31 جنيهًا إلى نطاق يتراوح بين 40 و45 جنيهًا في الربع الأول من العام القادم. وأكدت الوكالة أن هذه الخطوة من شأنها أن تفتح الباب أمام المراجعة الأولى من قبل صندوق النقد الدولي.
وشددت، على أن تنفيذ المراجعة الأولى، والتي كان مقررًا لها أن تتم في مارس الماضي، يعد مؤشرا على استكمال البرنامج التمويلي وإجراء بقية المراجعات وبالتالي حصول مصر على حزم التمويل المؤجلة بسبب عدم تنفيذ مصر لبعض شروط الصندوق. حيث أكدت فيتش أن استكمال البرنامج مع صندوق النقد قد يؤدي إلى استعادة الجنيه جزءاً من قيمته بحلول نهاية العام المقبل.
ورجح التقرير زيادة طفيفة في نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لمصر من 3.8% خلال السنة المالية 2022/2023 إلى 4.2% خلال السنة المالية 2023/2024. أيضاً، من المتوقع أن يحتفظ البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة على الودائع والإقراض لليلة واحدة عند 19.25% و20.25%على التوالي حتى نهاية عام 2023، بينما توقعت رفعًا للفائدة بنحو 300 نقطة أساس في النصف الأول من عام 2024.
أشارت “فيتش” أيضًا إلى أن استقرار سعر الصرف خلال عام 2024 سيمكِّن البنك المركزي من استغلال التأثيرات الإيجابية الأساسية لتقليص معدل التضخم من 38.0% على أساس سنوي في سبتمبر/أيلول 2023 إلى حوالي 25.0% خلال شهر فبراير/شباط 2024. ولكنها توقعت أن يظل معدل التضخم قريبًا من 32.0% خلال الفترة القادمة.
وأفاد التقرير أيضًا بأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ستؤدي إلى تفاقم التحديات الاقتصادية في مصر، حيث أدت بالفعل إلى انخفاض كبير في واردات مصر من الغاز من إسرائيل، مما يؤثر على الاستثمار والاستهلاك والصادرات. فضلاً عن ذلك، اضطرت الحكومة إلى تعليق بعض المشروعات، مما أدى إلى خلق مخاطر كبيرة على قطاع السياحة المزدهر. ولكن التقرير لفت إلى ارتفاع أعداد السائحين بنسبة 11.6%، ليصلوا إلى 13.1 مليون سائح بالعام القادم.
وأشار التقرير أيضًا إلى أن استمرار الفجوة الكبيرة بين السعرين الرسمي والموازي للدولار سيؤثر سلبًا على تحويلات المصريين في الخارج، حيث توقعت الوكالة تراجع التحويلات بنسبة 5% لتصل إلى 21 مليار دولار بنهاية العام المالي الحالي.
وتوقعت “فيتش”، اتساع عجز حساب المعاملات الجارية إلى 8 مليارات دولار، وهو ما يمثل نحو 2.4% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي الحالي، مقابل 4.7 مليار دولار وبنسبة 1.4% خلال العام المالي السابق. حيث أشار التقرير إلى أن مصر بحاجة إلى تمويلات بحوالي 20 مليارات دولار، مقسمين إلى 8 مليارات لسد عجز حساب المعاملات الجارية، أما الـ 12 مليار الآخرين سيتم توجيههم لسداد الديون الأجنبية.
وكشفت أن هناك خيارات متعددة متاحة أمام السلطات المصرية، وأهمها الزيادة المحتملة في تمويل صندوق النقد الدولي من 3 إلى 5 مليارات دولار بحلول الربع الأول من عام 2024، وذلك في حال تقلص قيمة العملة المحلية.