بعد نزوح امتد لأسابيع، عاد عبدالله عبدالله بلهفة إلى قريته عيترون الحدودية في جنوب لبنان، ليجد فجوات ضخمة خرقت جدران منزله، وأشجار حديقته أتت عليها النيران، فيما انتشرت شظايا القذائف من حولها.
يعجز عبدالله (50 عاماً) عن التعبير عن حزنه، إذ لم تقتصر الأضرار على منزله المؤلف من طبقتين، بل طالت أيضاً مصدرَي رزقه: جراره الزراعي والحافلة التي كان ينقل على متنها طلاب إحدى مدارس المنطقة. يقول الرجل، وهو أب لستة أبناء أكبرهم طالب جامعي، «أي كلمات يمكن أن أقول؟ اعتدنا استهداف إسرائيل لمنازلنا». يضع عبدالله يديه في جيبي بنطاله، ينظر من حوله بحسرة، ويردد «الجرار الزراعي تدمّر، والحافلة أيضاً، وهذا منزلي وقد انهارت أجزاء أساسية منه».
عودة حذرة
سيعود عبدالله مرغماً إلى المنطقة التي نزح إليها بعد بدء التصعيد بين حزب الله وإسرائيل تزامناً مع الحرب في غزة.
مثله، عاد سكان لتفقد منازلهم وممتلكاتهم على وقع تحليق طائرات الاستطلاع، لكن كثراً لا يريدون البقاء خشية من استئناف القصف المتبادل بعد انتهاء هدنة الأيام الأربعة.
في بلدة ميس الجبل، تنفست فاطمة طه (55 عاماً) الصعداء حين وجدت أن الأضرار الناتجة عن قصف قريب اقتصرت على زجاج نوافذ منزلها. وتقول «عدنا إلى هنا حين أعلنوا الهدنة، لكن العالم كلها خائفة، وهناك بيوت دُمِّرت».
وتضيف «البعض عاد فقط من أجل موسم قطاف الزيتون، لكنهم قد لا يبقون هنا» خشية من تجدد القصف. في غالبية القرى والبلدات، رفعت السلطات المحلية لافتات تحذر المواطنين من سلوك طرق مواجهة لمواقع الجيش الإسرائيلي على الجانب الآخر من الحدود، وأخرى تنصح المزارعين بتجنب قطاف الزيتون خصوصاً في الحقول القريبة من الحدود وخشية من آثار قصف بالقنابل الفوسفورية شنته القوات الإسرائيلية على المنطقة، وفق سكان.
لن أغادر
في بلدة كفركلا الحدودية، عاد حسين شيت لساعات معدودة لتفقد منزله وأخذ ما يحتاج منه، خشية من استئناف التصعيد بمجرد انتهاء الهدنة. ويقول «سنأخذ بعض الحاجيات ونغادر ليومين لننتظر ماذا تحمل لنا الأيام المقبلة».
وعلى وقع هدير طائرات الاستطلاع، ينظف يحيى أحمد (62 عاماً) آثار الأضرار التي طالت استراحته التي تبعد أمتاراً فقط عن الجدار الحدودي في كفركلا. ويجزم بالقول «لم أغادر ولن أغادر. هذا بلدنا».