أوضحت دراسة حديثة بأن آخر مرة تطابق فيها معدل ثاني أكسيد الكربون في الجو بشكل متواصل مع المستويات الحالية الناجمة عن الأنشطة البشرية كان قبل 14 مليون عام.
وتغطي الدراسة، التي نشرتها مجلة “ساينس”، الفترة من 66 مليون عام وحتى اليوم، إذ تحلل البصمات البيولوجية والجيوكيميائية من الماضي البعيد لإعادة بناء السجل التاريخي لثاني أكسيد الكربون بشكل أدق من أي وقت مضى.
وقالت بيربل هوينيش من “مرصد لامونت-دوهرتي” التابع لكلية كولومبيا للمناخ: “يجعلنا الأمر ندرك أن ما نفعله غير عادي إطلاقاً بالنسبة لتاريخ الأرض”.
وخلصت الدراسة إلى أمور عدة من بينها أن آخر مرة تضمن فيها الهواء 420 جزءاً في المليون من ثاني أكسيد الكربون كانت من فترة تتراوح بين 14 إلى 16 مليون عام عندما لم يكن هناك أي جليد في جرينلاند، وكان البشر ينتقلون من الغابات إلى الأراضي العشبية.
وتعد هذه الفترة أقدم من فترة بين 3 إلى 5 ملايين عام تحدّثت عنها دراسات سابقة.
وحتى أواخر القرن الثامن عشر، بلغ ثاني أكسيد الكربون في الجو حوالى 280 جزءاً في المليون، ما يعني أن البشر تسببوا بالفعل حينذاك في زيادة نسبتها 50% في الغازات الدفيئة التي تحبس الحرارة في الجو، وأدت إلى ارتفاع حرارة الكوكب بـ1,2 درجة مئوية مقارنة بمستوى ما قبل الثورة الصناعية.
وقالت هوينيش إن “المهم هو أن الجنس البشري لم يتطور إلا قبل 3 ملايين عام.. وبالتالي فإن حضارتنا مضبوطة على مستوى البحر كما هو الآن، على المناطق الاستوائية الحارة والقطبين الباردين والمناطق المعتدلة حيث تهطل الأمطار بكثرة”.
وفي حال واصلت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية بالازدياد، يمكن أن نصل إلى ما بين 600 و800 جزء في المليون بحلول عام 2100.
سجّلت هذه المستويات آخر مرة في الفترة الإيوسينية قبل ما بين 30 إلى 40 مليون عام، أي عندما لم تكن القارة القطبية الجنوبية مغطاة بالجليد بعد وعندما كانت الحياة النباتية والحيوانية على الأرض مختلفة بشكل كبير عما هي عليه الآن، وكانت على سبيل المثال، حشرات ضخمة تجوب الأرض.
وتعد الدراسة الجديدة نتاج عمل استمر 7 سنوات أنجزته مجموعة من 80 باحثاً في 16 دولة، وتعد حالياً بمثابة الإجماع المحدّث للمجتمع العلمي.
لم يجمع الفريق بيانات جديدة، بل عمل على توليف وإعادة تقييم والتحقق من أعمال منشورة بناء على التحديثات العلمية، وصنّفها بناء على مستوى الثقة قبل أن يجمع تلك الأعلى تصنيفاً في إطار زمني جديد.
وأكد العلماء أن الفترة الأكثر حراً على مدى السنوات الـ66 مليون الماضية كانت قبل 50 مليون عام عندما وصل ثاني أكسيد الكربون إلى 1600 جزء في المليون، وكانت الحرارة أعلى بـ12 درجة مئوية، قبل أن تشهد تراجعاً بقي مدة طويلة.
وقبل 2.5 مليون عام مضى، بلغ ثاني أكسيد الكربون ما بين 270 و280 جزءاً في المليون، ما أذن ببدء العصور الجليدية، وبقي المستوى على حاله إلى أن وصل البشر قبل 400 ألف عام، وإلى أن بدأوا إحراق الوقود الأحفوري على نطاق واسع.
ويقدر الفريق أن مضاعفة ثاني أكسيد الكربون يمكن أن ترفع حرارة الكوكب بما بين 5 و8 درجات مئوية، لكن على مدى مئات آلاف السنوات عندما تؤثر درجات الحرارة بشكل كبير على أنظمة الأرض.