ألقت تصريحات رئيس الإدارة التركية رجب طيب أردوغان أول من أمس حول استعداده «لتطوير العلاقات مع سورية، تماماً، كما فعلنا في الماضي»، بظلالها حول إجراءات نفذت على الأرض وأخرى يمكن أن يمهد الطريق كي تجد طريقها إلى النور، مدفوعة بـ«تفاهمات» روسية- تركية، ما زالت بمثابة تكهنات.
وتأتي أهمية التصريحات الأخيرة لمسؤولي الإدارة التركية، كونها تزامنت مع افتتاح تجريبي لمعبر «أبو الزندين» في مدينة الباب شمال شرق حلب، وفي ظل تواتر أنباء عن احتمال وضع طريق حلب اللاذقية والمعروف بطريق «M4» في الخدمة، وفتح طريق غازي عنتاب أمام حركة الترانزيت من مدينة إعزاز عند الحدود التركية شمال حلب إلى معبر نصيب عند الحدود الأردنية، ومنها إلى دول الخليج العربي.
مصادر متابعة للوضع پأرياف حلب وفي منطقة «خفض التصعيد» بإدلب، أبدت تفاؤلاً حذراً بالأحداث الجارية أو التي يمكن أن تحدث على الأرض لجهة إحداث خروقات تخص التقارب بين دمشق وأنقرة، من دون التفاهم على الملفات الخلافية عبر جولات من المفاوضات، لم يعلن عنها، وفق أي مستوى، إلى الآن.
وربطت المصادر بين افتتاح طريق «M4» ونظيره «غازي عنتاب»، وقالت لـ«الوطن»: إن الطريق السريع حلب- اللاذقية جرى التفاهم بشأنه في «اتفاق موسكو» الروسي- التركي منذ 5 آذار 2020، وتأخر افتتاحه منذئذ جراء مماطلة أردوغان، لذلك من غير الجائز ربط افتتاحه أمام حركة المرور والترانزيت بطريق غازي عنتاب، الذي بات يعرف بطريق «الشط»، فيجب وضع الطريق الأول في الخدمة أولاً، ثم التفاوض على الطريق الثاني».
ورأت المصادر أن افتتاح معبر «أبو الزندين» تجريبياً أمام الشاحنات، لم يجر مقابل افتتاح طريقي «M4» و«الشط»، وإنما من خلال تفاهم روسي- تركي مستقل يراعي المصلحة الاقتصادية السورية- التركية، ولاحقاً الاعتبارات الإنسانية عند فتحه أمام حركة تنقل الأفراد.
وتوقعت المصادر مزيداً من الانفراج، على صعيد انفتاح وتقارب أنقرة من دمشق برعاية من موسكو المصرة على الانتقال بالعلاقة ببن البلدين الجارين إلى أفق جديد من العلاقات الاقتصادية، وربما السياسية لاحقاً، ما دام ذلك فيه مصلحة الشعبين السوري والتركي.
على الأرض، ضبطت الاستخبارات التركية التجاوزات التي حصلت الجمعة في «أبو الزندين»، الذي يربط مناطق سيطرة ميليشيات أنقرة المسماة بـ«الجيش الوطني» بمناطق الحكومة السورية في حلب، عن طريق ما يدعى «الشرطة العسكرية» التابعة لها والمرتبطة اسمياً بما يسمى «الحكومة المؤقتة» المعارضة.
وذكرت مصادر معارضة مقربة من «الجيش الوطني» لـ«الوطن» أن «الشرطة العسكرية»، اعتقلت المسلحين الذين كسروا أثاث «أبو الزندين» أول من أمس، وأصدرت قرارات تنص على ملاحقة كل من تسوّل له نفسه فعل ذلك مجدداً، بعدما بات المعبر تحت حماية أنقرة مباشرة، لضمان نجاح مبادراتها و«تفاهماتها» مع موسكو.
وأول من أمس هاجم العشرات من المسلحين من أبناء مدينة الباب وريفها وبمشاركة النازحين من أبناء منطقتي دير الزور والرقة، المعبر وحطموا جميع الغرف داخله.
أما في منطقة «خفض التصعيد»، فساد هدوء حذر خلال اليومين الماضيين، نزولاً عند رغبة إدارة أردوغان، فيما يبدو، بعدما كثف جيش الاحتلال التركي من إرسال تعزيزات عسكرية كبيرة، وعلى أربع دفعات، خلال الشهر الجاري لدعم نقاط مراقبته غير الشرعية في جبل الزاوية، الذي يشكل خط دفاع أول عن «M4»، في مقطعه الممتد على مسافة أكثر من 50 كيلو متراً ويربط بلدة ترنبة شرق سراقب في ريف إدلب الشرقي بسهل الغاب القريب من مدينة جسر الشغور بريف المحافظة الغربي.
وأعربت مصادر معارضة مقربة من ميليشيات أنقرة في إدلب، التي يسيطر على مساحات واسعة منها تنظيم جبهة النصرة بواجهته الحالية التي تسمى «هيئة تحرير الشام»، عن قناعتها بأن الهدف من التعزيزات العسكرية التركية الأخير، هو ضمان أمن طريق حلب اللاذقية، في حال افتتاحه، إلى جانب القوات الروسية،