لم تحسم زيارة عبد الحميد الدبيبة إلى القاهرة يومي الخميس والجمعة الماضيين الملفات الخلافية الأساسية بين القاهرة وطرابلس، وعلى رأسها ملف تعيين الحدود البحرية في شرق المتوسط، وخروج المقاتلين الأجانب من ليبيا.
وذكرت صحيفة “العربي الجديد” أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قرر في ديسمبر 2022، تعيين الحدود البحرية الغربية لبلاده من طرف واحد، ما زاد في حدة الخلافات والتوتر في العلاقات مع حكومة الوحدة الليبية في طرابلس التي سارعت إلى رفض قرار الحكومة المصرية، واعتبرته “تعديا على الحدود البحرية والمياه الإقليمية الليبية”.
وفسر محللون القرار المصري بأنه ردا على الاتفاق الموقع بين حكومة الدبيبة والحكومة التركية، في أكتوبر 2021، مما منح الأخيرة امتيازات للتنقيب عن الطاقة قبالة الشواطئ الليبية في مواقع متنازع عليها بين دول متوسطية عدة بينها مصر واليونان وتركيا، وحتى الآن لم يتم التوصل إلى حل لهذه الأزمة.
وقالت الصحيفة إنه رغم ترحيل ملفات الخلاف إلى وقت لاحق، إلا أن زيارة الدبيبة إلى القاهرة شهدت الاتفاق على عدد من الملفات على رأسها الملف الاقتصادي، وتم الاتفاق على “تقديم الدعم اللازم لمصر في مجال الكهرباء بهدف استقرار الشبكة العامة، وتفعيل الربط الكهربائي بين البلدين”، وذلك في ظل الأزمة التي تواجهها مصر في قطاع الكهرباء بسبب نقص الغاز.
وتعليقا على زيارة الدبيبة إلى القاهرة، قال مدير المركز الليبي للدراسات شريف عبد الله، في حديث لـ”العربي الجديد”، إنه يعتقد أن الدبيبة بوساطة إمارتية، يريد أن يفتح خطاً جديداً مع مصر عن طريق الملف الاقتصادي، خصوصاً أن مصر الآن تخوض بقوة في عدة مشروعات في البنية التحتية وإعادة الإعمار، فوعود الدبيبة ستكون بتسهيل هذه المشاريع من حيث التغطية المالية، وتقديم وعود أكثر لتسهيل الحصول على مشاريع أكثر، وتابع: “لا توجد مبادئ في السياسة، ولكن هناك مصالح مشتركة”.
من جهته، قال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، الخبير في الشؤون الأفريقية، شريف الخريبي، في حديث لـ”العربي الجديد”، حول زيارة الدبيبة إلى القاهرة إنه لا مانع من التعاون الاقتصادي مع أي دولة من دول المنطقة، ولكن بغض النظر عن المسائل الاقتصادية، لا يمكن أن تكون علاقات مصر الخارجية مبنية فقط على الأسس الاقتصادية ومبدأ المنفعة، مضيفاً أن هناك علاقات وطيدة بين مصر وليبيا سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، وذلك لعدة عوامل أهمها القرب الجغرافي، وعلاقات المصاهرة التي نشأت بين المصريين والليبيين”.
وأكد الخريبي أن مصر سعت دوما من أجل تحقيق الاستقرار في ليبيا بشكل كامل، مشيراً إلى الدور المصري الكبير في تحقيق التقارب بين الأطراف الليبية عن طريق مجموعة 5+5 ومجموعة 6+6″، والذي قال إنه لم يحدث بين ليلة وضحاها، بدون ترتيب مسبق، ولكن حدث بسبب مساعي الدولة المصرية لتحسين المناخ السياسي في ليبيا، من أجل توحيد الدولة الليبية، وعقد الانتخابات والوصول إلى دولة وحكومة مستقرة.
ووجهت القاهرة في الأيام الماضية، دعوة لمحمد تكالة، رئيس المجلس الأعلى للإخوان “الدولة الاستشاري”، لزيارتها، في خطوة ضمن مساعٍ مصرية لتحريك الحوار بين مختلف الأطراف الليبية.
زيارة الدبيبة للقاهرة تحمل دلالات عدة، حيث تشير إلى تحول جوهري في الموقف المصري تجاه حكومة الدبيبة، ما سيمنحها شرعية إضافية على الساحة الإقليمية، كما قد تمهد الطريق لمرحلة جديدة من التعاون مع القيادة المصرية.
ظهرت المقالة متجاوزا نقاط الخلاف.. العربي الجديد: الدبيبة يريد أن يفتح خطا جديدا مع مصر عن طريق الملف الاقتصادي أولاً على ج بلس.