تسلط عظمة ذراع عمرها 700 ألف عام، عُثر عليها في جزيرة إندونيسية، الضوء على تطور إنسان فلوريس 1، وهو أحد الأسلاف القدماء للإنسان الحديث يُلقب بالهوبيت، بسبب قامته الصغيرة.
يبلغ طول قطعة عظم الذراع 88 ملم فقط، وهي تنتمي إلى أصغر أشباه البشر البالغين الذين تم العثور عليهم على الإطلاق. ويدعم هذا الاكتشاف، الذي نُشر في 6 أغسطس في مجلة Nature Communications، فكرة أن أسلاف إنسان فلوريس تطوروا إلى أنواع أصغر بكثير بعد بضعة آلاف من السنين فقط من وصولهم إلى جزيرة فلوريس النائية، فيما يعرف الآن بإندونيسيا.
ويقول المؤلف المشارك في الدراسة، يوسوكي كايفو، عالم الأنثروبولوجيا في جامعة طوكيو إن الاقتراح القائل بأن أسلاف إنسان فلوريس قد أصيبوا بالتقزم بهذه السرعة بعد وصولهم إلى الجزيرة هو أمر “مثير للدهشة، ولكنه مثير أيضًا”.
ويوضح كايفو أنه غالبًا ما تخضع الأنواع التي تجد نفسها محاصرة على جزيرة لتغيرات هائلة للتكيف مع بيئتها الجديدة. مضيفاً إن الماموث والغزلان وغيرها من الحيوانات التي انتهى بها الأمر على الجزر قد تقلصت جميعها، ربما بسبب قلة الغذاء المتاح، أو بسبب انخفاض التهديدات من الحيوانات المفترسة.
ويشك العلماء في أن شيئًا مشابهًا ربما حدث لأسلاف إنسان فلوريس. إحدى النظريات العملية بشأن كيفية ظهور هذا النوع هي أن مجموعة من البشر القدماء جرفتهم الأمواج إلى جزيرة فلوريس بعد حدوث تسونامي أو عاصفة كبيرة.
وكان أول موقع تم العثور عليه لإنسان فلوريس يحتوي على حفريات يعود تاريخها إلى حوالي 60 ألف سنة مضت، أي قبل بضعة آلاف من السنين فقط من انقراض هذا النوع. لكن الأدوات التي تم العثور عليها في الجزيرة تشير إلى أن أشباه البشر وصلوا إلى هناك قبل ذلك بكثير، منذ حوالي مليون سنة.
وظل الشكل الذي كان يبدو عليه هؤلاء المستوطنون الأوائل – بما في ذلك طولهم – غامضًا لسنوات. بدأت الدلائل الأولى التي تشير إلى أن الإصدارات المبكرة من إنسان فلوريس ربما كانت صغيرة أيضًا في الظهور في منتصف عام 2010، عندما كشفت أعمال التنقيب في موقع آخر عن عظام فك وأسنان صغيرة بشكل غير عادي، يعود تاريخها إلى حوالي 700 ألف سنة مضت. لكن استنتاج حجم الجسم من الأسنان أو عظام الوجه يميل إلى أن يكون غير كامل، كما تقول كارين باب، عالمة الحفريات البشرية بجامعة ميدويسترن في جلينديل بولاية أريزونا. للحصول على قياس أكثر موثوقية، احتاج الباحثون إلى عظام من الأطراف أو أجزاء أخرى من الهيكل العظمي.
ويشير حجم عظم العضد إلى أنه من الممكن أن يكون عائداً لطفل وليس لشخص بالغ. لكن في الدراسة الأخيرة، قام كايفو وفريقه بفحص شريحة من العظم تحت المجهر للتحقيق في هذا الاحتمال. وأشارت النتيجة إلى أن هيكل العظم ينتمي إلى شخص بالغ مكتمل النمو.
ويقدر الباحثون أن طول هذا الشخص لا يزيد عن متر و8 سنتيمتر.
وأشارت النتائج إلى أن إنسان فلوريس تطور ليصبح أقصر خلال 300 ألف سنة من وصول أسلافه إلى الجزيرة.