يواصل الرأي العام، وبخاصة أوساطه المعارضة لجناح الوزير الأول الجديد المختار ولد أجاي، انشغاله بالحكومة الموريتانية الجديدة المثيرة للجدل، وتدقيقه في الانتماءات السياسية والجهوية والقبلية لأعضائها، حيث انتقد الكثيرون اشتمالها على تسعة وزراء من أصل 29، ينتمون كلهم لولاية الرئيس الغزواني.
وأعلن الأربعاء عن نتائج أول اجتماع للرئيس الغزواني بالحكومة الجديدة، أكد فيه الرئيس الذي وضع أول خطوة في ولايته الرئاسية الثانية والأخيرة “تعويله على الوزراء الجدد في بعث نفس جديدة في الأداء الحكومي للرفع من مستوى فعاليته”.
وأكد الغزواني “أن تشكيلة الحكومة عكست الاهتمام المقدر الذي يمنحه البرنامج الرئاسي للشباب والتكوين المهني والتعليم والتنمية المحلية، كما ترجمت الحرص على تعيين حكومة متكاملة ومتجانسة، يمتاز أعضاؤها بالكفاءة، والتجربة والخبرة، والقدرة على تنفيذ كافة بنود البرنامج الانتخابي الواعد الذي زكته أغلبية الشعب الموريتاني”.
وتوقف الرئيس أمام نقاط بينها دعوته “لتضامن حكومي يجعل الوزراء يعملون كفريق واحد متماسك من أجل بلوغ الأهداف المرسومة، ومنها محاربة الفساد، كيث أكد أنه لن يكون هنالك أي تسامح أو تجاوز في قضايا الفساد”. ودعا الغزواني “الوزراء للتصريح بممتلكاتهم وفقاً للقانون”، كما توقف مطولاً أمام الالتزام السياسي للوزراء مبرزاً “أنه ليس من المقبول أن يبقى الوزير متفرجاً على ما يجري في الساحة السياسية، بل إن عليه أن ينخرط بكل طاقاته وبكل علاقاته بشكل مستمر في الدفاع عن المشروع الذي زكاه الشعب والتمكين له”.
وعلى هامش انطلاقة العمل الحكومي، طرح ساسة مدونون على سبيل الاحتجاج، مسألة عدم التكافؤ في تمثيل الولايات داخل الحكومة، وطُرِح على وزير الثقافة الناطق باسم الحكومة، الحسين امدو، سؤال في أول مؤتمر صحافي حكومي، عن اشتمال الحكومة الجديدة على تسعة وزراء ينتمون كلهم لولاية العصابة التي هي ولاية الرئيس الغزواني، وأجاب الوزير بأن استكمال التمثيل ممكن ومتاح في مواقع حكومية كثيرة باقية، مشككاً في صحة العدد الذي ذكره السائل.
وتم بين المدونين، كذلك، تداول قبائل أعضاء الحكومة الجديدة، واحتج الكثيرون في تدوينات على عدم ظهور ممثلين لقبائلهم في التشكيلة الحكومية المثيرة.
وانشغل الرأي العام الموريتاني كذلك باستبدال الفقيه الشرعي الداه أعمر طالب في وزارة الشؤون الإسلامية بالوزير سيدي يحي شيخنا المختص في البيئة البحرية، وبالإضافة لاستبدال مختص بغير مختص في المجال، اشتعل جدل حول لحية الوزير الجديد، وحول حرمة حلق اللحية، ونصح الكثيرون الوزير الجديد بتوفير لحيته تمشياً مع حساسية وطابع منصبه.
وتواصل كذلك جدل حول أسباب خروج الناهه بنت مكناس من الحكومة، وهي التي ترأس ثاني أحزاب الأغلبية تمثيلاً في البرلمان، ومن حقها أن تبقى في موقعها الحكومي.
وبنت مكناس هي أول وزيرة عربية للخارجية، وهي كذلك أقدم وزيرة موريتانية حيث ظلت عضواً في جميع الحكومات التي تتالت في موريتانيا منذ عام 2000.
ويبدو أن الرئيس الغزواني قرر أن يتيح الفرصة لأحزاب الأغلبية الأخرى للدخول في الحكومة بدل احتكار حزب بنت مكناس اتحاد الديمقراطية والتقدم، لكرسي الأغلبية داخل الحكومة، حيث اشتملت الحكومة الجديدة، لأول مرة، على وزيرين من الأغلبية يمثلان حزب التحالف الديمقراطي وحزب الإصلاح. وفي هذه الأثناء، تواصلت التعليقات المساندة والمنتقدة للتوليفة الحكومية التي يقودها المختار ولد أجاي، حيث قال المرشح الحاصل على المرتبة الثانية في انتخابات 29 حزيران/ يونيو بيرام ولد الداه اعبيد، إن ما وصفه بجناح القوى الظلامية داخل النظام سيطر على تشكيل حكومة الوزير الأول الجديد المختار ولد أجاي.
وفي هذا السياق، وبعد أن رحب بتعيين المختار أجاي رئيساً للوزراء، أكد بيرام ولد الداه اعبيد الثاني في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، في تسجيل صوتي “أن من سماهم “ركائز الجناح الظلامي” حصلوا على ضمانات أكبر، بعد احتجاجهم على اختيار ولد أجاي الذي رأى فيه المناضلون السلميون المتفائلون خيراً مثلنا، تمثيلاً لـ “جناح الانفتاح” في النظام، وهذا ما تجلى في تعزيز حضورهم في الحكومة الجديدة”.
وعن الانتقادات التي وجهها للحكومة، بعد الموقف الإيجابي الذي عبر عنه بعد تعيين ولد أجاي رئيس الوزراء، قال ولد الداه اعبيد “إنه كان ينظر إلى هذا التعيين على أنه “بادرة خير” ستعزز حضور من يسميهم المراقبون “الجناح المنفتح”، الذي بإمكانه أن يقود إلى طريق السلم والتعايش، مقابل جناح يستغل القوة العمومية ليرهب الشعب ويصادر القوانين ويمنع تشريع الأحزاب السياسية ويقتل المتظاهرين”.