أوضحت بيانات عراقية تنامي مبيعات أجهزة التكييف الصينية في السوق العراقية، وسط منافسة سعرية كبيرة باتت تخاطب القدرات الشرائية للكثير من المواطنين، لتصطف بجانب منتجات عدة باتت تستحوذ على الحصة الأكبر من السوق خلال السنوات الأخيرة.
واستورد العراق خلال النصف الأول من العام الحالي، أكثر من مليونين وأربعمائة ألف جهاز تكييف من الصين، وفقاً لمؤسسة رقابية اقتصادية غير حكومية أصدرت تقريراً تحدثت فيه عن اعتماد السوق العراقية على الصين في توفير هذه الأجهزة.
وأصبحت الماركات الصينية المُصنعة لأجهزة التكييف تحظى بقبول واهتمام متزايد من قبل الزبائن العراقيين، لأنها تتناسب مع القدرة الشرائية في ظل الدخل المحدود والاقتصاد المتذبذب، فضلاً عن إمكانية هذه الأجهزة الفنية والتقنية في توفير الطاقة الكهربائية.
وبلغ حجم التبادل التجاري الكلي بين العراق والصين بحدود 27 مليار دولار في النصف الأول من العام الجاري، بزيادة قدرها 14.38% مقارنة بالنصف الأول من عام 2023. وكشفت مؤسسة “عراق المستقبل”، للدراسات والاستشارات الاقتصادية، عن احتلال العراق المركز الثاني بوصفه أكبر مستورد لأجهزة التكييف الصينية بعد اليابان من حيث القيمة في النصف الأول من السنة الحالية، بقيمة بلغت 757 مليون دولار.
وقالت المؤسسة في تقرير لها، إن العراق استورد في النصف الأول من 2024 أكثر من مليونين وأربعمائة ألف جهاز تكييف من الصين، بنسبة نمو سنوية بعدد الأجهزة بلغت 7%، وبزيادة نسبتها 10% من حيث القيمة مقارنة بالفترة المناظرة من العام الماضي.
وأضافت المؤسسة، أن واردات العراق من أجهزة التكييف من الصين تمثل 9% من مجمل صادرات الصين من هذه الأجهزة، وإذا جرت إضافة أجهزة التكييف المصدرة من الصين إلى الإمارات والتي يعاد تصدير جزء منها إلى العراق، فيكون العراق في المركز الأول بوصفه أكثر بلد استيراداً لأجهزة التكييف من الصين.
وأشار التقرير، إلى أن واردات العراق من أجهزة التكييف الصينية تمثل 10% من مجمل واردات البلد من الصين والتي بلغت في النصف الأول من هذا العام، 7 مليارات دولار، معتبراً أن أجهزة التكييف أكثر السلع من حيث القيمة التي يتم استيرادها من الصين.
وتابع أن معدل سعر جهاز التكييف المستورد من الصين في النصف الأول من العام بلغ 317 دولاراً مرتفعاً عن معدل سعر الجهاز في النصف الأول من 2023 والذي بلغ في حينه 307 دولارات. وعزت المؤسسة تنامي معدلات استيراد أجهزة التكييف إلى ارتفاع درجات الحرارة وانتشار الوحدات السكنية خلال السنين الماضية، وهو الأمر الذي يشكل ضغطاً كبيراً على إنتاج الطاقة الكهربائية في العراق بسبب معدلات الاستهلاك لهذه الأجهزة.
وأكد مختصون في سوق الأجهزة الكهربائية، أن المكيفات صينية الصنع أصبحت تستأثر بنحو 80% من السوق مقارنة بالعلامات التجارية الأخرى، لتفوقها على أكبر العلامات العالمية من خلال أسعارها المنخفضة واستخدامها لأحدث التقنيات، كما سبّبت كساد الأجهزة من أسواق أخرى رغم رخص أسعارها مثل إيران.
وقال محمد عبد الكريم المختص في قطاع التكييف والتبريد، إن الأجهزة المستوردة من الصين تشمل عدة فئات، منها ذات الكفاءة العالية، والمتوسطة وحتى الرديئة، ما يجعلها تخاطب الكثير من المستويات فضلاً عن رخص أسعارها. وأشار إلى أن أجهزة التكييف الصينية عالية الجودة والمتوسطة، حققت مبيعات عالية وقفزات تسويقية متواصلة مقارنة بمثيلاتها من ماركات عالمية عريقة في السنتين الأخيرتين. ولفت إلى أن العلامات التجارية الصينية أصبحت الأكثر شعبية، لأنها توفر كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية في ما يخص المستهلكين أيضاً.
وتأتي واردات أجهزة التكييف المتزايدة لتعكس حالة السوق العراقية عامة، والتي تستحوذ فيه المنتجات الصينية على حصص كبيرة ولافتة في قطاعات أخرى مثل السيارات والأجهزة المنزلية وغيرها وهو ما دعا محللين إلى ضرورة تعزيز الصناعة الوطنية للحد من الواردات التي تستنزف النقد الأجنبي.
وقال الباحث الاقتصادي، أحمد صباح إن مستويات التجارة مع الصين عالية جداً قياساً ببقية البلدان، لأن العراق يستورد كميات كبيرة من البضائع الصينية ومنها أجهزة التكييف والأجهزة الكهربائية الأخرى، مما يتطلب رسم سياسة واضحة للحد من استنزاف الأموال وهدرها.
وأكد ضرورة تفعيل الصناعة الوطنية وتعزيز دور القطاعات الإنتاجية العراقية في رفد السوق المحلية، لتوفير فرص تنمية حقيقية تتمثل في اليد العاملة والحفاظ على العملة الصعبة من الهدر والضياع، فضلاً عن إمكانية دخول العراق في سوق المنافسة الإنتاجية. وأشار إلى أن العراق من البلدان التي تعتمد اعماداً شبه كامل على الاستيراد من الخارج لسد فجوات الحاجة المحلية من السلع والبضائع.
وبلغ إجمالي الموازنة المالية للعراق للعام الجاري، 211.9 تريليون دينار، ما يعادل أكثر من 153 مليار دولار. وتبلغ الإيرادات المقدرة نحو 145 تريليون دينار، ما يعني تسجيل عجز يبلغ 66 تريليوناً، فيما تقول الحكومة إنها ستقلص الفارق بالعجز من أسعار النفط المرتفعة.