ينتظر مسؤولو “الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة”، منذ سنوات، أن تثمر الضغوط التي يمارسونها من خلال تنظيم حملات إعلامية وتقديم مبادرات إلى صناع القرار السياسي، تخفيض أسعار أدوية التهاب الكبد الفيروسي، حتى يتمكن المرضى خصوصاً الفقراء من إنقاذ حياتهم.
ويبدو أن تحقيق مسعاهم يبقى مؤجلاً، كما يقول رئيس الشبكة علي لطفي والذي يوضح أنه على الرغم من الجهود التي تبذلها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بخصوص مواجهة مرض الالتهاب الكبدي الفيروسي وتوفير العلاج، لكنها “تصطدم بالارتفاع المفرط لأسعار الأدوية وكلفة العلاجات الفعالة، خصوصاً ما يخص الأمراض المزمنة مثل التهاب الكبد “س”، ما يجعلها غير متاحة للعديد من المرضى في المغرب، ولا سيما الطبقات الفقيرة والمتوسطة، ويؤدي إلى ارتفاع معدل الوفيات”.
ويوضح أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تتفاعل وتبادر إلى تخفيض أسعار عدد من الأدوية سنوياً، إلا أن شركات الأدوية المعنية مستثناة من هذه العملية بشكل غير مفهوم وغير مبرر، ما يسبّب استمرار الكلفة الباهظة للأدوية، ومن ثم “يظل العلاج غير متاح للعديد من مرضى الالتهاب الكبدي الفيروسي خصوصاً الطبقات الفقيرة والمتوسطة. وهو أمر غير مبرر اجتماعياً وإنسانياً نظراً إلى ما تحققه من أرباح طائلة في صناعة هذه الأدوية الجنيسة (أدوية أصبح جزيئها الأساسي، أو ما يعرف بالمادة الفعالة، ضمن المجال العام. ومن ثم لم يعد تصنيعها مخصصاً لمالك براءة الاختراع) بالمغرب”.
ويشرح رئيس الشبكة أن أسعار الأدوية الجنيسة الخاصة بالالتهاب الكبدي الفيروسي تتراوح في المغرب بين 5000 و6100 درهم (الدولار يساوي 9.8 دراهم) لكل علبة من 28 قرصاً شهرياً أي ما يعادل 18300 درهم لمدة 12 أسبوعاً من العلاج، خلافاً لما هو الأمر في دول من مستوى المغرب الاقتصادي والتي تعتمد الأدوية الجنيسة ذات الأسعار المعقولة، كما هو الحال في مصر حيث لا يتجاوز برنامج العلاج لثلاثة أشهر 1525 جنيهاً (477 درهماً).
وخلال السنوات الأخيرة، دأبت “الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة” على تنظيم حملات إعلامية للحث على تخفيض أسعار أدوية التهاب الكبد الفيروسي، وشملت المبادرات تقديم طلبات لوزارة الصحة الحماية الاجتماعية ولمجلس المنافسة (هيأة مستقلة مكلفة في إطار تنظيم منافسة حرة ومشروعة بضمان الشفافية والإنصاف في العلاقات الاقتصادية) من أجل تخفيض أسعار الأدوية الجنيسة وزيادة الوصول إلى العلاجات بأسعار معقولة.
ويعد التهاب الكبد الفيروسي من بين الأسباب الرئيسة للوفيات حول العالم، ما دفع بمنظمة الصحة العالمية أخيراً، إلى دق ناقوس الخطر. ووفقاً للتقرير العالمي عن التهاب الكبد لعام 2024 الصادر عن منظمة الصحة العالمية، فإن عدد الأرواح المفقودة بسبب هذا المرض آخذ في الازدياد، ويعد ثاني الأسباب المعدية الرئيسية للوفاة على مستوى العالم، إذ يحصد أرواح 1.3 مليون شخص سنوياً، وهو العدد نفسه للوفيات الناجمة عن مرض السل.
في المقابل، تشير بيانات المسح الوطني للإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي الذي أجرته وزارة الصحة المغربية عام 2019 إلى أن معدل الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي “س” في المغرب هو 0،5%، ووجود نحو 245 ألفاً من حاملي الفيروس ب، و125 ألف مصاب من حاملي النوع س، في حين تشير التقديرات إلى أن نسبة الوفيات بسبب التهاب الكبد ب وس قد تصل إلى 1000 حالة سنوياً.
وتراهن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في المغرب على مخطط استراتيجي (2024 – 2030) لمحاربة التهابات الكبد وخفض نسبة الوفيات بسبب المرض بنسبة 56%، وعدد الإصابات الجديدة بنسبة 60% في أفق 2026 للقضاء على المرض بحلول عام 2030.
وبحسب رئيس الشبكة، فإن على صناع القرار السياسي في المغرب حماية حق المواطنين في الدواء والعلاج، واتخاذ القرار الصائب في تخفيض أسعار أدوية مرض الكبد الفيروسي، وتشجيع إنتاج الأدوية الجنيسة واستخدامها في البلاد لتوفير العلاجات بتكلفة أقل ومجاناً للفقراء وذوي الدخل المحدود والمتوسط.