عادت الحياة الطبيعية إلى وسط مدينة الحسكة عصر أمس الثلاثاء، بعد حصار فرضته ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد» وشلل شبه تام للحياة، منعت فيه كامل مقومات الحياة للأهالي القاطنين في تلك الأحياء، ولاسيما حرمان المواطنين من مياه الشرب وطحين الأفران والمواد الغذائية والدواء فترة دامت نحو سبعة أيام، عاش خلالها أهالي أحياء وسط مدينة الحسكة ظروفاً إنسانية صعبة حُرموا فيها أبسط مقومات سبل العيش المرتبطة ببقائهم على قيد الحياة، على حين، ساد هدوء حذر أمس ريف دير الزور الشرقي، عقب أسبوع من المواجهات والهجمات التي شنتها قوات العشائر العربية ضد «قسد»، في وقت واصلت الأخيرة انتهاكاتها بحق المدنيين العزل.
وفي التفاصيل قال محافظ الحسكة لؤي محمد صيّوح في تصريح خاص لـ«الوطن»: إن الحياة الطبيعية عادت إلى أحياء وسط مدينتي الحسكة والقامشلي بعد حصار استمر نحو سبعة أيام، انتهى بالاتفاق مع «قسد» عن طريق الصديق الروسي والحكومة السورية بفتح المعابر ورفع حالة الحصار التي كانت على الحواجز، التي تربط مداخل أحياء وسط المدينة بالمناطق الخاضعة لسيطرة «قسد»، ودخول مياه الشرب التي سوف يتم من خلالها تعبئة الخزانات الثابتة في وسط مركز مدينة الحسكة، إضافة إلى مخصصات الأفران الحكومية من الدقيق التمويني والوقود، وفتح المعابر أمام المارة والمركبات المدنية والمواد الغذائية.
من جانبه أشار مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك علي الخليف أنه تم تزويد المخبز الأول الآلي «المساكن» والأفران الخاصة الأخرى ضمن أحياء وسط مدينة الحسكة، بكمية 176 طناً من الدقيق التمويني ومخصصاتها من الوقود، لكي تعود إلى طبيعة عملها الاعتيادي اليومي وتزويد المواطنين بمادة الخبز.
من جهة ثانية أوضحت مصادر أهلية بريف دير الزور الشرقي أن الاشتباكات بين قوات العشائر العربية و«قسد» تراجعت بشكل كبير أمس، حيث خفّ التوتر الميداني والقصف المدفعي والصاروخي بين الطرفين وحل محله الهدوء الحذر القابل للانفجار في أي وقت.
وبيّنت المصادر لـ«الوطن» أن مخاوف السكان المحليين من تجدد المواجهات دفعتهم إلى مواصلة رحلة النزوح إلى مناطق أكثر أمناً في ظل تكرار اعتداءات «قسد» ضدهم في أكثر من منطقة، عبر قصف مدفعي للنيل من صمودهم، على خلفية الخسائر البشرية الكبيرة في صفوف مسلحيها على يد مقاتلي العشائر العربية.
وأشارت المصادر إلى سقوط قذائف مدفعية وهاون أمس مصدرها «قسد» على بلدات الصبحة وابريهة وذيبان والطيانة وأبو حمام في الضفة الشرقية لنهر الفرات شرقي دير الزور، إضافة إلى بلدات البوليل ومو حسن وصبيخان في الضفة الغربية للنهر، حيث شهدت البلدات نزوحاً جماعياً لسكانها إثر عمليات القصف.
ولفتت إلى أن «قسد» استمرت أمس في استقدام تعزيزات كبيرة إلى مناطق شرقي دير الزور على أمل تكريس الوضع الميداني لمصلحتها، في حين تواردت أنباء عن استقدام قوات العشائر العربية تعزيزات عسكرية إلى المنطقة لمواجهة الميليشيات وفرض توازن ميداني في المناطق التي يشكل المكون العربي المهمش أغلبية السكان.
وإثر ذلك وفي ظل دعم الاحتلال الأميركي لـ«قسد» وتسييره مسيّرات فوق سرير النهر بدءاً من بلدة البصيرة ووصولاً إلى بلدة جديد بكارة لمراقبة تحركات قوات العشائر، وحسب قول المصادر، اقتحمت الميليشيات فجر أمس بلدة الصبحة الشمالية شرقي دير الزور وحاصرت بلدتي الجنينة والحصان بريف المحافطة الغربي، وشنت حملة تمشيط في البلدات الثلاث بحجة وجود مطلوبين فيها من قوات العشائر العربية.
وفي سياق متصل، نشرت «قسد» العديد من الحواجز العسكرية الطيارة في ريف دير الزور الغربي، وشنت حملة تفتيش واسعة استهدفت تفتيش السيارات والتدقيق الأمني في هويات المدنيين لسوق الشبان إلى التجنيد الإجباري، وهو أحد أسباب انتفاضة أبناء العشائر العربية ضد «قسد».
في الغضون، واصلت قوات الاحتلال الأميركي أمس استقدام تعزيزات عسكرية ضخمة إلى قاعدتي «حقل العمر» النفطية و«كونوكو» للغاز غير الشرعيتين بريف دير الزور الشرقي، حيث جرت تدريبات عسكرية مشتركة مع «قسد» التي يتولى مسلحوها حماية القاعدتين، الموكل إليهما التدخل لحماية الميليشيات عند الضرورة، كما جرى صباح الإثنين الماضي عندما سيطرت قوات العشائر العربية على أكثر من بلدة في المنطقة ووصلت إلى تخوم القاعدتين العسكريتين.