عاد صيادلة المغرب إلى طرح ملف الأدوية المندرجة في خانة المؤثرات العقلية للنقاش بين الفاعلين في الجسم الصحي بالمغرب، فبعد أشهر من مراسلتهم رئيس الحكومة للتنبيه إلى مدّ الوصفات الطبية المزورة للحصول على المؤثرات العقلية التي تضاعف عليها الطلب، عادوا ليلفتوا انتباه السلطات إلى “تناسل حالات خرق المختبرات حظر القانون توزيع عينات مجانية من هذه الأدوية على الأطباء”.
شكوى جديدة وضعتها كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب على طاولة مدير الأدوية والصيدلة بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية تدعوه فيها إلى التدخل لإيقاف توزيع عينات مجانية من الأدوية المندرجة في خانة المؤثرات العقلية على الأطباء، إثر رصدها أخيرا تسليم مختبر متخصص في صناعة الأدوية عينات من هذه المؤثرات لمجموعة من الأطباء بالقطاعين العام والخاص.
ونبّهت الكونفدرالية ذاتها في الشكوى إلى كون ما أقدم عليه المختبر “محظورا” بموجب المادة 47 من طرف القانون 17.04 بمثابة مدونة الأدوية والصيدلة، التي تنص على أنه “يُمنع تقديم عينات من أدوية تحتوي على مواد تصنف ضمن المؤثرات العقلية أو المخدرات أو التي ينطبق عليها كليا أو جزئيا التشريع المتعلق بالمخدرات”؛ فيما تحظر “تقديم عينات من الأدوية المجانية إلا لمهنيي الصحة المؤهلين لوصف الأدوية أو صرفها أو استعمالها أثناء مزاولة مهنتهم من أجل التعريف بها في حدود علبتين من كل عينة، على أن تكون العينات مطابقة للمستحضرات الصيدلية المعنية وحاملة لعبارة ‘عينة مجانية يمنع بيعها’”.
والمؤثرات العقلية، بحسب نقابات صيادلة المغرب، “تصرف حصرا في الصيدليات في ظروف معينة تستوجب تقديم وصفة طبية للصيدلاني، وتقييد هذا الأخير الأدوية المصروفة في السجل المخصص لذلك”، مشيرة إلى أن هذه الشروط “غير متوفرة” في الحالات موضوع الشكاية.
ولأن الكونفدرالية سبقّ أن نبهت مرارا إلى “خرق” المختبرات القانون المذكور فقد التمست من مديرية الأدوية والصيادلة هذه المرة أن “تضع حدا للفوضى بشكل جزري، بما يردع كل مختبّر تسول له نفسه تحقيق أغراض دعائية ومادية محضة من خلال هذه السقطات الصحية والخروقات القانونية”، بحسب الجسم النقابي ذاته.
محمد الحبابي، رئيس كونفدرالية نقابات الصيادلة، قال إن “مجهر المهنيين مازال يرصد تكاثر الاختلالات في توزيع عينات الأدوية المجانية، بما فيها تنامي تسليم مندوبي شركات ومختبرات لصناعة الأدوية بشكل علني عينات مجانية من المؤثرات العقلية للأطباء”، معتبرا هذه الممارسة “خرقا واضحا للقانون 17.04 بمثابة مدونة الأدوية والصيدلة، ولظهير 1922، الذي يلزم الصيادلة بصرف أدوية الأمراض النفسية والعقلية بناء على وصفة طبية وتقييدها في سجل الأدوية السامة”.
وأشار الحبابي، في تصريح لهسبريس، إلى أنه “في وقت يودع عدد من الصيادلة السجون بسب خطأ في تطبيق مسطرة صرف هذه الأدوية مازال مناديب المختبرات مصرّين على توزيع عينات المؤثرات العقلية دون احترام حتى لظروف تخزين هذه الأدوية؛ إذ ينقلونها عبر سياراتهم لمسافات طويلة تحت أشعة الشمس، ما يحوّلها في النهاية إلى سموم تهدد صحة المرضى”.
وزاد المتحدث ذاته: “جميع عينات الأدوية الموزعة على الأطباء بصرف النظر عن نوعها خطرة على صحة المستهلك المغربي؛ إذ عندما تعلن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية منع بعض الأدوية يلجأ الصيادلة إلى سحبها من رفوف الصيدليات، لكن هذا الأمر يظل صعبا في حالة الأدوية التي تسلمها المختبرات للأطباء؛ فهؤلاء يمكن أن يمنحوها للمرضى”.
وأكد رئيس كونفدرالية نقابات الصيادلة أن “الخطوة التالية للنقابة هي توجيه شكاية أخرى في الموضوع إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب، الذي كان نبّه في دورية وزارية بتاريخ 25 ماي 2023 إلى ضروة احترام المقتضيات القانونية المؤطرة لتداول الأدوية والمنتجات الصحية، بما فيها المنع البات لتسليم العينات المجانية من أدوية المؤثرات العقلية للأطباء”.