عام بالتمام والكمال مرّ على الزلزال الذي ضرب عددا من الأقاليم بوسط المغرب خلال شهر شتنبر من السنة الماضية، وهو أقوى زلزال عرفته المملكة في فترتها المعاصرة، بلغت قوته 7 درجات على سلم ريختر، متسببا في الإضرار بعشرات الآلاف من المباني السكنية وآلاف الوفيات وعشرات الآلاف من الجرحى والمعطوبين.
وأفصحت الحكومة مؤخرا عن بعض النقاط الخاصة بحصيلة تدخلها في تبعات هذا الزلزال خلال 12 شهرا الماضية، إذ كشفت أنه “تم إصدار حوالي 55 ألفا و142 ترخيصا لإعادة البناء، وتحقيق تقدم في أوراش بناء وتأهيل 42 ألفا و632 منزلا، فضلا عن استفادة 57 ألفا و805 أسر من مبلغ مليوني سنتيم التي تعتبر بمثابة دفعة أولى لإعادة البناء والترميم، في حين إن 97 في المائة من الأسر المتضررة استفادت من الدعم”، مؤكدة “نجاح قرابة 1000 أسرة في إنهاء أشغال إعادة وبناء وتأهيل منازلها”.
وكفاعلين بالميدان، أكد مسؤولون جماعيون لهسبريس “وجود تحسن في نسبة إطلاق الأشغال بعد التجاوز النسبي لمجموعة من العراقيل، بما فيها إزالة الركام والتوصل بالرخص الخاصة بالأشغال، وكذا توصل بعض الأسر بالدفعات الخاصة بإعادة البناء، فضلا عن بعض المشاكل الخاصة بوعورة التضاريس، مما تطلب منع البناء بعدد من المناطق الحمراء، ثم قلة اليد العاملة”.
يقول المسؤولون الجماعيون الواقفون وراء تدبير الشأن المحلي بأقاليم شيشاوة وتارودانت والحوز إن “هذه العوامل هي التي أخرت نسبيا تقدم الأشغال بالمناطق المتضررة من زلزال السنة الماضية، حيث يتم اليوم تحقيق نسب مهمة في الأشغال بعدما تجاوزت على العموم 50 في المائة، ووجود أسر تمكنت من الحصول على فرصة السكن، على أن تصل خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة إلى مستويات مهمة، بما يطوي بشكل كبير هذا الملف”.
البداية مع عبد الرحيم مجرى، رئيس جماعة إداوكماض بإقليم تارودانت، الذي أكد أنه “تم الوصول إلى 80 في المائة من عملية تسليم الرخص للساكنة التي باشرت عملية البناء استعدادا للسكن عما قريب، موازاة مع وجود بعض المشاكل، منها وجود بعض النقاط الحمراء التي لا يمكن البناء ضمنها لصعوبة ذلك، إلى جانب عدم توفر اليد العاملة بشكل كبير”.
وأضاف مجرى، في تصريح لهسبريس، أنه “مرحليا، تم الخروج بتراب جماعتنا من مرحلة الغموض والضبابية إلى مرحلة تعد بتسريع ورش البناء، خصوصا مع تسريع توفير الأشطر الخاصة بالبناء للساكنة، وكذلك الدعم الشهري المقدر بـ 2500 درهم للمنزل الواحد”، مشيرا إلى أن ما ساهم ربما في البطء الذي كان في البداية، “هو حجم الفاجعة، مع عدم وجود تجارب لدى منطقتنا مع هذه الأزمة الجغرافية”.
وقال: “في الحقيقة لدينا بعض الأسر التي استطاعت ولوج منازلها الجديدة، على أمل أن تنضم إليها الأسر الأخرى خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة. ونؤكد أنه خلال السنة المقبلة سنصل إلى نسبة جد مهمة من الإسكان”، موضحا أن “من بين الإشكاليات المطروحة اليوم، الوصول إلى مرحلة تحويل بعض الدواوير إلى مناطق أخرى لوعورة التضاريس وعدم إمكانية البناء على مستواها”.
محمد بلعسري، رئيس جماعة أداسيل بإقليم شيشاوة، قال: “يرتقب خلال الأشهر الثلاثة المقبلة أن تكون المنازل جاهزة بعدد من الدواوير بالجماعة، إذ سجلنا اليوم ما بين 40 و50 منزلا تقريبا تمكن أصحابها من إنهاء الأشغال بها بشكل كامل، وذلك بعد المصاعب التي واجهها الجميع في الأشهر الأولى”، مؤكدا أن كل من توصل بالرخص وبالشطر الأول من الدعم، يبدأ البناء بشكل مباشر”.
بلعسري شدد، في تصريح لهسبريس، على أن “نسبة انخراط الأسر في الأشغال بمنازلها جد مهمة، إذ وصلت تقريبا إلى 95 في المائة، وذلك بعد أن كانت هناك مشاكل مختلفة في البداية، بما فيها وجود تأخر في تسليم الدفعات لأصحابها والرخص كذلك، حيث إن الحركية لم تُسجل على الميدان إلا في فصل الصيف الحالي بعد أن تحسن الطقس وصار مواتيا للعمل”.
ولفت المتحدث إلى أنه “سيكون هناك تفاوت في نهاية الأشغال بدواوير الجماعة، حيث إن الدواوير التي تعتمد على خدمات المقاولين ستتأخر نوعا ما بفعل الضغط المتواصل على هؤلاء المقاولين وارتفاع عدد المنازل المعنية بالبناء، فبعض المقاولين يتكلفون بحوالي 200 دار”، موردا أن “السنة المقبلة ستحمل البشرى بتمكن جميع الأسر من الولوج إلى مساكنها”.
وإلى جماعة أوناين بإقليم تارودانت حيث كشف رئيسها، رضوان المغراني، أن “هناك تقدما في نسبة البناء بعد توصل عدد من الأسر بالرخص اللازمة، موازاة مع مواكبة مكاتب الدراسات للعملية برمتها، حيث اصطدمنا منذ البداية بإشكال أساسي في بعض الدواوير التي توجد بمناطق ذات تضاريس وعرة لا يمكن السماح بالبناء على مستواها من جديد”.
وبيّن المغراني، في تصريح لهسبريس، أن “من بين العوامل الأخرى التي واجهناها، العامل المتعلق بصعوبات إزالة الركام، مع عدم توفر بعض الدواوير على مسالك وعدم إمكانية توغل الجرافات داخلها. ومع ذلك، نتوفر اليوم على نسبة معينة من المساكن التي تم تجهيزها بالكامل”.
وأشار المسؤول الجماعي عينه إلى معطى آخر يتعلق بـ”قلة اليد العاملة، وهو معطى يشتكي منه المقاولون على أرض الواقع بطبيعة الحال، خصوصا أن من بينهم من يتكلف ببناء دوار بأكمله، مما يؤثر بشكل سلبي على سير عملية البناء”، مؤكدا أن “الاستمرارية في وتيرة الأشغال حاليا بالجماعة، تعني تمكين نسبة من الأسر خلال الأشهر المقبلة من منازلها الصالحة للسكن”.
وربطت هسبريس الاتصال بابراهيم كوشك، رئيس جماعة أغواطيم التابعة إداريا لإقليم الحوز، الذي صرح بأنه “من ناحية الاستفادة من أشطر دعم البناء والدعم الشهري ومن ناحية الأشغال كذلك، فإن الأمور تسير في الطريق الصحيح، حيث أكملت بعض الأسر بناء الطابق السفلي ووصلت إلى مرحلة وضع السقف، في حين إن أسرا أخرى تنتظر فقط بدء عملية التشطيب أو الفينيسيون”، مؤكدا أن “هذا لا يعني الوصول إلى مراحل الإسكان النهائي بنسب مهمة”.
وأوضح كوشك، في تصريح لهسبريس، أن “هناك نسبة من الأسر ما تزال تسكن الخيام في انتظار الفرج عما قريب، خصوصا مع وجود التأخر في تسليم بعض رخص البناء؛ فخلال الشهرين أو الأشهر الثلاثة المقبلة، من المنتظر أن يتم الوصول إلى مرحلة مهمة من الإسكان يمكن تقديرها بـ 50 في المائة”، مشددا على ضرورة “تسريع الدفعات الأخيرة من أجل التحاق المحليين بمحلات سكنهم”.
وبعودتنا مجددا إلى إقليم تارودانت كانت لنا دردشة مع سعيد أوشن، رئيس مجلس جماعة سيدي واعزيز، الذي أفاد بأنه “من المرتقب بتراب الجماعة الوصول إلى 70 في المائة من نسب الأشغال خلال الأسبوعين المقبليْن، بعدما انطلقت الورش بعدد من المنازل”.
وقال أوشن، في تصريح لهسبريس، إن “بعض العينات من الأسر تمكنت من ولوج منازلها بعد نهاية الأشغال بها، وهي محدودة بطبيعة الحال، في وقت نتوفر على أسر تعيش على وقع التأخر في استلامها لخُطط البناء”، لافتا إلى “وجود مؤشرات موضوعية على تسجيل نسبة مهمة من القاطنين رسميا مع بداية السنة الميلادية المقبلة”.
وذكر رئيس مجلس جماعة سيدي واعزيز أن “من تمكنوا من تحقيق التقدم في الأشغال هم الذين يتوفرون على مدخرات مالية ولم يكونوا ينتظرون التوصل بالدفعات الحكومية الخاصة بالبناء، موازاة مع وجود تأخر لدى بعض الأسر في استلامها لهذه الدفعات، مما يعيق التقدم”.