نشرت جريدة “جون أفريك” الفرنسية، ضمن عددها الأخير، مقالا طويلا حول المنظومة الصحية المغربية بعنوان “لماذا يحظى النظام الصحي المغربي بجاذبية كبيرة؟”، حيث تناول المقال بالتفصيل التحولات الكبيرة التي شهدها النظام الصحي في المملكة تحت قيادة الملك محمد السادس.
وقد أشادت الصحيفة، من خلال المقال ذاته لكاتبه حسن برادي خبير في إدارة الصحة، بالتطورات النوعية التي عرفتها البنية التحتية الصحية، بالإضافة إلى تحسين جودة الخدمات الطبية وتوسيع نطاق التغطية الصحية لتشمل جميع المواطنين. وفي هذا السياق، لا يمكن إغفال أن هذه المبادرات تأتي في إطار رؤية شاملة تهدف إلى جعل المغرب نموذجا عالميا في مجال الخدمات الصحية، إذ لم يكتف المغرب بالعمل على معالجة القضايا الصحية الراهنة؛ بل تبنى سياسات استشرافية تستهدف تعزيز الاستدامة والابتكار في القطاع الصحي، مع التركيز على تلبية احتياجات جميع فئات المجتمع. ولا شك أن هذه الرؤية الطموحة قد وضعت المملكة في مصاف الدول الرائدة في مجال الصحة على المستوى الدولي؛ مما يعكس قدرة المغرب على التوفيق بين تبني المعايير الصحية العالمية والاستجابة للخصوصيات المحلية.
وأكدت جريدة “جون أفريك” أن الملك محمدا السادس جعل من الصحة ركيزة أساسية في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمغرب. وقد عزز هذا التوجه من قدرة المملكة على تحقيق نقلة نوعية في تحسين جودة الحياة لجميع المواطنين. ولعل هذا النهج الشامل يعكس حرص الملك على إرساء أسس مجتمع متضامن ومزدهر وقادر على مواجهة تحديات المستقبل بثقة ومرونة.
وشددت الصحيفة على دور المغرب في التعامل مع جائحة كوفيد-19، حيث اتبعت المملكة استراتيجية متكاملة وسريعة للتصدي للأزمة. ومن أبرز الخطوات التي تم اتخاذها في هذا الصدد، كانت الحملة الوطنية للتطعيم المجاني التي ضمنت مناعة شاملة للسكان. وقد أسهمت هذه الإجراءات في تحقيق التزام واسع من المواطنين؛ وهو ما يعكس فعالية النهج المتبع وحرص المغرب على حماية سيادته الصحية. وفي إطار الجهود الوطنية، أطلقت المملكة مبادرات إنتاجية تهدف إلى تصنيع المعدات الطبية الأساسية، مثل الكمامات وأجهزة التنفس، إضافة إلى إنشاء صندوق خاص لإدارة الجائحة بفضل تعبئة الشركات والمواطنين.
كما أكدت الصحيفة أن المغرب لم يقتصر على حماية نفسه فقط؛ بل قدم مساعدات طبية للعديد من الدول الإفريقية؛ وهو ما عزز مكانته كقائد إقليمي في مجال الصحة والتضامن الدولي.
وعلى صعيد آخر، أشارت جريدة “جون أفريك” إلى أن المغرب يسعى إلى تحقيق تغطية صحية شاملة من خلال مشروع تعميم الحماية الاجتماعية الذي أطلقه الملك محمد السادس. وتعتبر هذه الخطوة إنجازا بارزا في مسيرة تحسين جودة حياة المواطنين، حيث يسعى البرنامج إلى توسيع نطاق التأمين الصحي ليشمل جميع الأفراد، بمن فيهم المنتمون إلى الفئات الأكثر هشاشة. وتؤكد هذه الجهود على التزام المملكة بتعزيز العدالة الاجتماعية وضمان كرامة ورفاهية الجميع.
وتزامنا مع هذه التطورات، لا يمكن تجاهل التحولات الكبيرة في البنية التحتية الصحية، حيث أشارت الجريدة الفرنسية إلى البرنامج الطموح الذي يهدف إلى بناء وتحديث مراكز صحية ومستشفيات جديدة في مختلف أنحاء المملكة. ويشمل هذا البرنامج إنشاء مراكز استشفائية جامعية في كل منطقة، مع التركيز على تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية وتعزيز القدرات الاستشفائية؛ وهو ما يمثل خطوة نوعية نحو نظام صحي أكثر شمولية وفعالية.
وقد أثنت “جون أفريك”، أيضا، على التقدم الذي حققته المملكة في مجال التنسيق الصحي، بفضل نظام المعلوماتي المتكامل الذي يربط بين جميع المستشفيات المغربية. ويتيح هذا النظام تبادل البيانات الصحية بشكل سلس وآمن بين المرضى والأطباء وشركات التأمين؛ وهو ما يسهم في تحسين جودة الرعاية الصحية وضمان خدمات طبية أكثر شفافية وكفاءة.
ولم يغفل المنبر الإعلامي سالف الذكر عن تسليط الضوء على استجابة الملك محمد السادس السريعة عقب الزلزال الذي ضرب أقاليم من المملكة يوم الثامن من شتنبر 2023. فبفضل توجيهات الملك، تمت تعبئة جميع الخدمات الحكومية للتدخل الفوري وتقديم المساعدات للمتضررين. وفي أقل من 48 ساعة، نُشرت وحدات طبية متنقلة لتقديم الرعاية العاجلة في المناطق المتضررة؛ وهو ما يعكس التزام الملك العميق بصحة وأمان شعبه.
وفي ختام المقال، أشادت “جون أفريك” بمبادرة الملك محمد السادس في إنشاء الوحدات الطبية المتنقلة المتصلة بالإنترنيت، التي تهدف إلى تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية في المناطق الريفية والنائية. وتقدم هذه الوحدات، المزودة بأحدث التقنيات الطبية، خدمات استشارية مباشرة وتتيح التشاور عن بُعد مع الأخصائيين؛ وهو مما يجعلها نموذجا للرعاية الصحية المتقدمة والشاملة.