واصل المغرب خطواته المتسارعة نحو تعزيز صناعة الدفاع الوطنية من خلال توقيع شراكة استراتيجية مع مجموعة “TATA” الهندية، المتخصصة في مجال تصنيع الأنظمة الدفاعية.
هذه الشراكة ستثمر عن إنشاء مصنع محلي في المغرب لإنتاج المركبات القتالية البرية من طراز “WhAP 8×8″، وهو ما يمثل خطوة هامة نحو تحقيق استقلالية دفاعية تدريجية وتعزيز القدرات العسكرية للمملكة. توجه المغرب نحو بناء صناعة دفاعية مستقلة
يُعد توقيع الشراكة مع مجموعة TATA جزءًا من استراتيجية المغرب الشاملة لبناء صناعة دفاعية محلية قوية. ويأتي هذا الاتفاق في وقت تشهد فيه المملكة تحركات واسعة لتعزيز استقلالها الدفاعي، عبر تطوير القطاع الصناعي الدفاعي وتوسيع قاعدة الشراكات مع دول حليفة مثل الهند، والبرازيل، وهنغاريا. وتهدف هذه الشراكات إلى نقل التكنولوجيا، وتدريب الكوادر المغربية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض المجالات الدفاعية.
ويُظهر هذا الاتفاق التزام المغرب بتعزيز قدراته العسكرية بشكل محلي، من خلال تطوير بنية تحتية صناعية متكاملة قادرة على تلبية احتياجات الجيش المغربي، وهو ما سيُعزز بشكل كبير الاستقلالية الاستراتيجية للمملكة.
تتمتع الهند بخبرة واسعة في مجال الصناعات الدفاعية، وهي تعتبر من الدول الرائدة عالميًا في تصنيع أنظمة الدفاع المختلفة، بما في ذلك المركبات القتالية. تُعد الهند نموذجًا ناجحًا في إنشاء مناطق صناعية دفاعية متكاملة، وهو ما يمنح المغرب فرصة للاستفادة من هذه الخبرة في تطوير صناعاته الدفاعية. من خلال هذه الشراكة، يسعى المغرب إلى الاستفادة من الهند ليس فقط من خلال نقل التكنولوجيا، ولكن أيضًا من خلال تطوير الكفاءات المحلية في مجال التصنيع الدفاعي.
في هذا السياق، أكد الخبير العسكري والأمني حسن سعودي، في تصريح لـ الصحافة ، أن هذا الاتفاق يعكس التزام المغرب بتنفيذ مشروع مغربي استراتيجي في مجال الصناعة الدفاعية . وأوضح أن هذا المشروع هو بمثابة نقطة تحول نحو تطبيق الاستراتيجيات التي أقرها المغرب من خلال قوانين الصناعة الدفاعية، مشيرًا إلى أن تنفيذ هذا المشروع على أرض الواقع هو خطوة هامة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الدفاع.
يُعتبر التعاون مع الهند خطوة هامة ضمن استراتيجية المغرب لتعزيز قدراته الدفاعية بعيدًا عن الاعتماد على الشركاء التقليديين. وبحسب سعودي، فإن الهند تمثل أحد أفضل الأمثلة التي يمكن للمغرب أن يسير على نهجها، خاصة في ما يتعلق بإقامة صناعة دفاعية محلية متكاملة، وهذا سيكون له انعكاسات إيجابية على الاقتصاد الوطني من حيث خلق فرص العمل وتحفيز الابتكار في هذا القطاع.
كما أشار الخبير إلى أن المغرب، من خلال هذه الشراكات، لا يسعى فقط إلى تلبية احتياجاته المحلية من الأنظمة الدفاعية، بل يهدف أيضًا إلى فتح آفاق التصدير إلى أسواق أخرى، ما يعزز مكانته كفاعل إقليمي مهم في مجال الصناعات الدفاعية.
تتضمن الشراكة مع مجموعة TATA الهندية إنشاء مصنع محلي في المغرب لإنتاج المركبات القتالية WhAP 8 8 ، وهي مركبات مدرعة متعددة الاستخدامات، تمتاز بقدرتها على التعامل مع مختلف الظروف الجغرافية والتكتيكية. ويُتوقع أن يبدأ المصنع في الإنتاج خلال 36 شهراً، مع تحقيق نسبة إدماج محلي تصل إلى 35% في المرحلة الأولى، على أن ترتفع إلى 50% عند استكمال المشروع. هذا الإدماج المحلي سيمكن المغرب من تطوير بنية صناعية متكاملة، تعزز من استقلالية المملكة في المجال الدفاعي.
من الناحية الاقتصادية، يُتوقع أن يوفر المشروع نحو 90 فرصة عمل مباشرة، بالإضافة إلى 250 فرصة غير مباشرة، مما يعزز من قدرة السوق المحلي على استيعاب المهارات والكوادر الفنية المتخصصة. كما أن المشروع سيساهم في دعم الاقتصاد الوطني من خلال استخدام الموارد المحلية وتعزيز قدرة المملكة على تلبية احتياجاتها الدفاعية داخليًا، مما يحد من الاعتماد على الاستيراد.
تأتي هذه الشراكة في إطار استراتيجية المغرب لتطوير صناعة دفاعية متكاملة تتضمن تحقيق الاكتفاء الذاتي في المعدات الدفاعية، وكذلك تعزيز مكانة المملكة كفاعل إقليمي في صناعة الدفاع. إن التوجه نحو تطوير الصناعة الدفاعية المحلية يتماشى مع رؤية المغرب لتقوية موقفه الاستراتيجي في المنطقة، وتحقيق الأمان الوطني من خلال قدرة محلية على إنتاج الأسلحة والمعدات الدفاعية.
يُذكر أن المغرب في السنوات الأخيرة أطلق عدة مشاريع لتطوير قطاع الصناعة الدفاعية، ضمن رؤية مستقبلية تستهدف توسيع قاعدة الإنتاج الوطني، ما يجعله لاعبًا مؤثرًا في المنطقة من حيث صناعة الدفاع، ويُسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي على المدى البعيد.
بذلك، تُسهم هذه الشراكة مع مجموعة “TATA” في رسم معالم المستقبل الصناعي الدفاعي للمغرب، وفتح آفاق جديدة للنمو الاقتصادي والتكنولوجي في هذا القطاع الحيوي.