في ظل الأزمة اللبنانية المتصاعدة جراء الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، تتجه أنظار المصدرين المصريين إلى أسواق جديدة لتعويض أي تراجع محتمل في الطلب اللبناني.
وتبرز ليبيا كوجهة واعدة لصادرات مواد البناء المصرية، خاصة مع جهود إعادة الإعمار الجارية فيها.
موقع “العربية” سلط الضوء خلال تقرير له، على الارتفاع الملحوظ في صادرات مواد البناء المصرية إلى لبنان خلال الأشهر الماضية، إلا أن الأحداث الأخيرة في لبنان قد تلقي بظلالها على هذه العلاقات التجارية.
ارتفعت واردات لبنان من مواد البناء المصرية بنسبة كبيرة خلال العام الجاري، وخاصة في قطاع الأسمنت.
ومع ذلك، فإن الأزمة الحالية في لبنان، والتي تشمل نزوحًا واسعًا وتداعيات اقتصادية، قد تؤثر سلبًا على استمرار هذا النمو.
تقرير العربية أكد أن لبنان استوردت مواد بناء مصرية بقيمة 144 مليون دولار خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي، مقابل 107 ملايين دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بنمو 35%.
ويعد لبنان ضمن أكبر 10 مستوردين لمواد البناء المصرية، فيما يعتبر ثاني أكبر مستورد للرخام وخامس أكبر مستورد للأسمنت والسيراميك من الدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في الشرق الأوسط.
وخلال الفترة من يناير إلى نهاية أغسطس، رفع لبنان وارداته من الأسمنت المصري بنسبة 200%، إذ استورد بما قيمته 25.6 مليون دولار، مقابل 8.6 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وشهدت الفترة نفسها استيراد لبنان حديد وصلب من مصر بقيمة 31.8 مليون دولار بزيادة 50% عن الفترة المقارنة، كما استورد رخام بقيمة 20.5 مليون دولار بزيادة 33%، وسيراميك بقيمة 4.7 مليون دولار بنمو 3%.
ويواجه لبنان حالياً واحدة من أخطر المحطات في تاريخه على حد وصف رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، جراء الهجوم الإسرائيلي على جنوب البلاد، والذي تسبب في نزوح نحو مليون شخص.
وآثار إعلان إسرائيل التوغل في عدد من النقاط اللبنانية الحدودية، بعد مزاعمها بتحويل حزب الله قرى لبنانية إلى قواعد جاهزة للهجوم على إسرائيل، مخاوف بعض مصدري مواد البناء المصرية خاصة العاملين بقطاعات السيراميك والرخام، والذين يعتبرون بيروت سوقاً رئيسية لمنتجاتهم، فيما استبعدت شركات الأسمنت أي تأثر.
بدوره، توقع رئيس المجلس التصديري لمواد البناء والحراريات والصناعات المعدنية في مصر، وليد جمال الدين، تأثر الصادرات إلى لبنان بشكل محدود ومؤقت جراء الأحداث التي تمر بها حالياً.
وقال جمال الدين لـ “العربية Business”: “عدة أيام وقد تعود الأمور إلى طبيعتها في السوق اللبنانية.. لو هناك شحنات تصديرية في البحر أعتقد ستصل، لكن قد تتعطل الشحنات التي لم تخرج من المصانع لحين استقرار الأوضاع”.
وأضاف أن هناك أسواقا أخرى ستعوّض أي تراجعات في السوق اللبنانية وفي مقدمتها ليبيا التي نتلقى منها طلبات تصدير ضخمة لتلبية احتياجات خطة إعادة الإعمار.
“هناك ازدحام مروري في ليبيا حالياً بسبب زيادة عدد سيارات الأسمنت المصرية الراغبة في الدخول”، بحسب رئيس المجلس، والذي توقع قفزة كبيرة في صادرات الأسمنت إلى ليبيا خلال الأشهر المقبلة.
واستوردت ليبيا أسمنتاً من مصر بقيمة 89.6 مليون دولار خلال الأشهر الثمانية الأولى العام الحالي، مقابل 51.7 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بنمو 74%.
واستبعد رئيس شعبة الأسمنت باتحاد الصناعات المصرية، أحمد شيرين كريم، تأثر صادرات الأسمنت المصرية حال توقف التصدير للسوق اللبنانية، رغم كونه من الوجهات الرئيسية للقطاع.
وقال كريم لـ “العربية Business”: “لدينا طلبات تصدير أسمنت بكميات كبيرة جداً ولأسواق مختلفة.. عندنا ضغط كبير على التصدير خاصة من ليبيا وأوروبا وأفريقيا وأميركا”.
وعلى العكس، قال مصدر بقطاع الرخام لـ “العربية Business”، إن لبنان يعد ضمن أكبر 5 مستوردين للرخام والجرانيت من مصر بجانب ليبيا والجزائر والسعودية وتركيا، وإن اضطراب الأوضاع هناك قد يكون له تأثير ملحوظ على صادرات القطاع خلال الفترة المقبلة.
وأضاف المصدر أن السوق اللبنانية كانت أكثر القطاعات نمواً لصادرات الرخام المصرية منذ بداية العام، وأن خسارتها قد يكون له أثر سلبي على القطاع إذا لم تسارع الشركات المصدرة في البحث عن أسواق بديلة، أو زيادة الحصص التصديرية للأسواق الحالية
أكد رئيس المجلس التصديري لمواد البناء والحراريات والصناعات المعدنية في مصر أن ليبيا تعد سوقًا واعدة لصادرات مواد البناء المصرية، وأن الشركات المصرية تتلقى طلبات تصدير ضخمة لتلبية احتياجات خطة إعادة الإعمار في هذا البلد.
ويرى الخبراء أن ليبيا يمكن أن تلعب دورًا حيويًا في تعويض أي تراجع في صادرات مواد البناء المصرية إلى لبنان. ومع ذلك، فإنهم يحذرون من ضرورة التنويع في الأسواق المستهدفة، وتطوير العلاقات التجارية مع دول أخرى في المنطقة.
ختامًا، يمكن القول إن الأزمة اللبنانية قد تمثل تحديًا جديدًا أمام المصدرين المصريين، ولكنها في الوقت نفسه قد تفتح آفاقًا جديدة لتعزيز الصادرات إلى أسواق أخرى واعدة، مثل ليبيا.
ظهرت المقالة صادرات مصر من مواد البناء تشهد تحولا.. والحرب تدفع القاهرة نحو ليبيا بدلا من لبنان أولاً على ج بلس.