أكدت وزارة التجارة العراقية، تحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول القمح للعام الثاني على التوالي، مع وجود خزين استراتيجي يكفي لمدة عام، فضلاً عن خزين الطوارئ الذي يكفي هو الآخر لمدة ثلاثة أشهر. ورداً على الحسابات التي أجرتها وكالة رويترز، عن أنّ محصول القمح الوفير والفائض في العراق يجعل الحكومة تتكبد خسارة صافية تقدر بنحو نصف مليار دولار، نفت المديرية العامة لتجارة الحبوب التابعة لوزارة التجارة العراقية، وجود فائض غير مخزون في المخازن المحلية.
وقال مدير المديرية حيدر الكرعاوي إنّ “الفائض من محصول القمح يتم تخزينه في مخازن الحبوب المنتشرة في عموم محافظات العراق، وبيع الفائض من المحصول للمطاحن الأهلية”، مضيفاً أنّ “الحكومة عملت بعد الأزمة التي وقعت أثناء أزمة جائحة كورونا على تدارك المخاطر وتحقيق الأمن الغذائي وفي مقدمة برامجها كانت وضع خزين استراتيجي من محصول القمح”.
وأضاف الكرعاوي اليوم الاثنين، أنّ “أزمة الطحين التي عاناها العراق بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع الأسعار إلى أكثر من 700 دولار للطن الواحد دفعت الحكومة العراقية إلى اتخاذ خطوات جدية ومدروسة لتوفير محصول القمح من خلال دعم المشاريع المحلية والمزارعين وشراء المحاصيل منهم بأسعار مجزية”. وأكد أنّ “العراق حقق للعام الثاني على التوالي مستويات الاكتفاء الذاتي، وارتفع إنتاج القمح بنسبة 21 % هذا العام حيث وصل الإنتاج إلى أكثر من 6 ملايين طن، بعدما كان قد أنتج حوالي 5.2 ملايين طن العام الماضي 2023”.
وأشار إلى أن “الخزين الاستراتيجي الموجود حالياً من محصول الحنطة بلغ أكثر من 5 ملايين و500 ألف طن في جميع مخازن العراق”، مبيناً أنه “لغاية موسم التسويق المقبل في شهر إبريل/ نيسان 2025 سيكون لدى العراق خزين يقدر بأكثر من مليوني طن”. وأوضح الكرعاوي أنّ “المخازن العراقية الموجودة قادرة على استيعاب الفائض، وأن جميع المحافظات لديها اكتفاء ذاتي من الحنطة، بالإضافة إلى وجود المطاحن في كل محافظة”، مؤكداً أنّ “أسعار الطحين لن ترتفع في العراق مع أي أزمة عالمية”.
مخازن غير كافية لمحصول القمح من جانبها أكدت لجنة الزراعة والمياه والأهوار في البرلمان العراقي، عدم وجود مخازن وصوامع تخزين كافية لخزن محاصيل القمح في العراق، عازيةً سبب ذلك إلى عدم تأهيل المخازن القديمة وبناء مخازن وصوامع جديدة وفق الأنظمة المتطورة والحديثة. وكشفت نائب رئيس اللجنة زوزان كوجر، عدم وجود مخازن وصوامع تخزين كافية في عموم محافظات العراق في ظل الفائض الحاصل في محاصيل الحبوب ومنها محصول القمح.
وأوضحت كوجر، اليوم، أنّ محصول القمح يحتاج إلى عناية مشددة ودقيقة في عمليات التخزين، للحفاظ عليه من التعفن والتلف والرطوبة والتعرض للأمطار والغبار والشوائب، أو أن تكون عرضة للطيور. وبيّنت كوجر أنّ “البرلمان العراقي صوّت ضمن فقرات الموازنة العامة للدولة العراقية على تخصيصات مالية خاصة لبناء سايلوات ومخازن جديدة، لأن المخازن الموجودة الآن قليلة وغير كافية لسد الحاجة المحلية المتعلقة بخزن المحاصيل والمواد الاستراتيجية للأمن الغذائي العراقي”.
وأفادت بأنّ “البرلمان العراقي يعمل على مراقبة الأموال التي خصصت لبناء مخازن جديدة للحبوب، ومتابعة عمليات إنجازها بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة المتمثلة بوزارة التجارة ودوائرها المعنية”.
مخازن قديمة يرى مختصون، أنّ القمح في العراق يعتبر المحصول الاستراتيجي الأول والأساسي للمائدة العراقية، ويستهلك بكميات كبيرة، إلا أنّ منظومة التخزين المتوفرة لدى العراق قديمة وغير كافية لاستيعاب المحاصيل الاستراتيجية. وقال المختص بالاقتصاد الزراعي، خطان الضامن إنّ “منظومة تخزين القمح في العراق تم بناؤها خلال عقد السبعينيات من القرن الماضي، وعندما بنيت تم تأسيس مجموعة من الصوامع التخزينية التي تضم أجهزة وتقنيات قادرة على تنقية الحبوب والحفاظ على درجة رطوبة معينة لا تؤدي إلى التلف والتعفن والتعرض للقوارض والحشرات آنذاك”.
وبيّن الضامن أنّ “هذه المنظومة لم يتم تحديثها أو توسعتها أو بناء صوامع تخزين جديدة كبيرة وبطاقة تخزينية كبيرة يمكن أن تستوعب الإنتاج الزراعي العراقي من محصول القمح”. وذكّر بأنّ “الحكومة اضطرت خلال السنوات الماضية التي شهدت إنتاجاً وفيراً من القمح إلى تأسيس منظومات تخزين غير ملائمة للمواصفات الفنية المطلوبة للحفاظ على هذا المحصول”.
وأكد أنّ “المنظومات التي تم إنشاؤها أخيراً عبارة عن مسطحات كونكريت يتم تكديس القمح فيها على شكل أكوام كبيرة ويتم تغطيتها بقطع من القماش، موضحاً أنّ هذه العملية لا تفي بالمتطلبات الفنية للحفاظ على القمح من التلف والرطوبة العالية والتعرض لأشعة الشمس والحيوانات والطيور. وأضاف الضامن أنّ “سوء التخزين كلّف العراق خسائر كبيرة مؤكدة، وهذا الضرر يتمثل بكمية التلف من القمح، محملاً حكومة بغداد مسؤولية الخسائر التي فقدتها خزينة الدولة العراقية”.
وشدد الضامن على “أهمية التخطيط السليم في زراعة المحاصيل والعمل على زراعة ما يحتاج إليه العراق من كميات، وعدم اللجوء إلى الفوائض مادامت المخازن غير كافية”. وطالب بأن “يعمل العراق على إيجاد منافذ تصدير لشراء القمح العراقي الفائض، عندها يمكن العمل على زيادة زراعة المحاصيل عند توفير الأسواق”.