تترقب عدة شركات عالمية الحصول على قطع أراضٍ من الدولة المغربية لبدء تطوير مشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر، وسط خطة البلاد لتلبية 4% من الاحتاجات العالمية من هذا الوقود الخالي من الكربون بحلول نهاية العقد الجاري.
يُتوقع أن تفرج الحكومة عن أولى القطع خلال الأسابيع القليلة المقبلة، ضمن مرحلة أولى تشمل مساحةً إجمالية قدرها 300 ألف هكتار، من أصل مليون هكتار مخصصة لاستراتيجية المملكة لتطوير كامل سلسلة
وتقوم “الوكالة المغربية للطاقة المستدامة” الحكومية بمهمة تنسيق ودراسة ملفات الاستثمار في هذا القطاع الحديث. من تخصيص الأراضي للمشاريع، إلى توقيع عقود الحجز الابتدائية للعقار، وتليها توقيع الاتفاقية الخاصة بالدراسات المتقدمة، وصولاً إلى الاتفاقية النهائية للاستثمار.
15 مليار دولار لمشروع “آمون”
من الشركات الكثيرة المهتمة بالاستثمار في الطاقة النظيفة عالمياً. وأفاد مارك كراندال، مؤسسها ورئيسها التنفيذي، في مقابلة مع “الشرق” ،ن لديه مشروعاً باسم “آمون” لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بدأ التخطيط له منذ عام 2019، ولا ينتظر سوى الحصول على قطعة أرض لتحقيق تقدّم ملموس.
تدرس الحكومة حالياً 40 مشروعاً استثمارياً في هذا القطاع مقدّمة من شركات القطاع الخاص المحلي والأجنبي، ويُتوقع أن تمنح لكل مشروع قطعة أرض تتراوح مساحتها ما بين 10 آلاف إلى 30 ألف هكتاراً، وقد تتجاوز هذا الحد الأقصى في بعض الحالات الاستثنائية المتعلقة باستثمارات كبيرة، وذلك عن طريق الإيجار طويل الأمد، بحسب مسؤول حكومي تحدث لـ”الشرق”، طالباً عدم الإفصاح عن هويته.
كانت “سي دبليو بي غلوبال” قد طلبت من الحكومة مساحة 200 ألف هكتار لإنجاز مشروع بقدرة 15 ألف ميغاواط من الطاقة النظيفة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وهو ما يستلزم حشد استثمار قدره 15 مليار دولار، لكن كراندال قال إنه “يتوقع الحصول فقط على 30 ألف هكتار، وذلك يعني إنتاج ألفي ميغاواط فقط من الطاقة المتجددة باستثمار متوقع ملياري دولار”.
تصل إمكانات الطاقة الشمسية في المغرب إلى ألف غيغاواط، وطاقة الرياح إلى 300 غيغاواط. وتبلغ القدرة المتاحة حالياً من الطاقة المتجددة نحو 5440 ميغاواط، تمثل 45% من القدرة الكهربائية المركبة في البلاد، مع وجود خطط أيضاً لزيادتها إلى 52% بحلول 2030.
يتوقع كراندل أن يتخذ قرار الاستثمار النهائي في المشروع بعد نحو عامين من الحصول على الأرض، مضيفاً: “الأمر يتعلق بسلسلة من الأعمال، منها الأعمال الهندسية والإنشائية، بالإضافة لكل ما يتعلق بالمشتريات والعملاء. الأمر ليس بالسهل.. كما لا يمكننا الحصول على التمويل البنكي قبل أن تكون سوق الهيدروجين الأخضر نضجت، فهي الآن مازالت في بداياتها”.
بدروها، تدرس شركة “أكوا باور” السعودية تعزيز استثماراتها بالطاقة النظيفة في المغرب، بحسب ادريس برحو، نائب الرئيس المكلف بأعمال الهيدروجين الأخضر في المجموعة، بمقابلة مع “الشرق”. لكنه نبّه إلى أن “كل شيء يتوقف على الحصول على الأرض، نحن على دراية بكيفية مثل هذه المشاريع والقدرة على جذب التمويل الدولي أيضاً”.
يسعى المغرب في المرحلة أولى لإنتاج الأمونيا الخضراء التي تُستعمل في إنتاج الأسمدة الفوسفاتية، ويتجه في مرحلة ثانية لإنتاج الوقود الاصطناعي مثل الكيروسين والديزل، وفي مرحلة ثالثة لتعميم استعمالات الهيدروجين الأخضر على الصناعة والتصدير نحو الخارج.
برحو ذكر في حديثه لـ”الشرق” أن أساس أي مشروع يتعلق بتوليد الطاقة هو توفير الأرض، وتابع: “حين نحصل على الأرض، سيكون بمقدرونا تقدير التكلفة والتعامل مع العملاء المحتملين في السوق الدولية. والمغرب في وضع جيد بهذا المجال بفضل موارد الطاقة المتجددة، فضلاً عن وجود إطار عمل استثماري معروف بالنسبة لنا، فإجمالي استثماراتنا في البلاد يناهز 3.5 مليار دولار”.
تدير “أكوا باور” حالياً عدة محطات لإنتاج الطاقة النظيفة في المملكة، منها “محطة نور ورزازات” للطاقة الشمسية، ومحطات توليد الطاقة بالرياح في “خلادي” شمال البلاد، بالإضافة إلى محطتين لتوليد الطاقة الشمسية في مدينتي “العيون” و”بوجدور” في الجنوب.
إلى جانب “سي دبليو بي” و”أكوا باور”، تترقب شركة “طاقة” الإماراتية و”توتال إنرجيز” الفرنسية الحصول على قطع أرضية. ويُتوقع أن تجذب المناطق الجنوبية للمملكة القسط الأكبر من المشاريع نظراً لتوفر الأراضي الشاسعة والطاقة الشمسية والرياح، وانفتاحها على المحيط الأطلسي لإقامة مشاريع تحلية مياه البحر.