في تصعيد كبير للرد العسكري الأمريكي على هجمات الحوثيين ضد ممرات الشحن في الشرق الأوسط، أطلقت الولايات المتحدة طائرات B-2 المتخفية لقصف مخابئ سرية تحت الأرض يستخدمها الحوثيون في اليمن.
الضربة التي نُفذت فجر الخميس تأتي بعد أشهر من استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر، في ظل تصاعد التوترات جراء الحرب بين إسرائيل وحماس.
وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، أوضح أن الضربات تستهدف “منشآت عسكرية محصنة” في مناطق يسيطر عليها الحوثيون، مؤكدًا أن الهجوم يمثل رسالة تحذيرية لطهران، الحليف الرئيسي للحوثيين.
وهذه هي المرة الأولى التي تُستخدم فيها طائرة B-2 في اليمن، والمرة الأولى التي تشارك فيها منذ سنوات في القتال.
ورغم عدم تقديم تقييم رسمي للأضرار، تشير المصادر إلى أن الضربات استهدفت خمسة مواقع لتخزين الأسلحة تحت الأرض.
وذكر الحوثيون، من جانبهم، عبر قناة “المسيرة” وقوع غارات جوية في صنعاء وصعدة، دون الإفصاح عن خسائر.
ويشير التحليل الاستراتيجي لهذه الضربات إلى ارتباطها بالصراع الإقليمي الأوسع، إذ تُعتبر الطائرة B-2 جزءًا من الاستعدادات الأمريكية لأي مواجهة محتملة مع إيران، خصوصًا فيما يتعلق بمنشآتها النووية المحصنة.
وقال أوستن أن “هذا عرض لقدرة الولايات المتحدة على استهداف المنشآت التي يحاول أعداؤنا إخفاءها تحت الأرض، مهما كان عمقها أو تحصينها”.
وصعدت إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين، من تدخلاتها الإقليمية عبر شن هجمات صاروخية ضد إسرائيل مرتين في العام الماضي. هذا التصعيد يأتي في وقت حساس، حيث تستعد الولايات المتحدة لأي مواجهة محتملة مع إيران، مستخدمة طائرات B-2 المجهزة لإسقاط قنابل GBU-57 المخصصة لاختراق التحصينات النووية مثل نطنز وفوردو.
واستهدفت الضربات الأمريكية الأخيرة خمسة مواقع لتخزين الأسلحة في اليمن، تحت سيطرة الحوثيين، مما يعكس تصاعدًا جديدًا في الصراع بالمنطقة.
وفقًا لوزارة الدفاع الأمريكية، الهجمات كانت دقيقة ولم تسفر عن خسائر بشرية بين المدنيين. ومع ذلك، لم يصدر أي تعليق من طهران حتى الآن، رغم أن وزير الخارجية الإيراني كان في جولة دبلوماسية في المنطقة، ربما تحضيرًا لرد على أي هجوم إسرائيلي بعد التصعيد الإيراني في 1 أكتوبر.
وتحول البحر الأحمر إلى مسرح للعمليات العسكرية، حيث كثف الحوثيون استهدافهم لناقلات الشحن، مهددين بعرقلة الملاحة في ممر استراتيجي تمر عبره بضائع تقدر بتريليون دولار سنويًا. منذ بدء الحرب في غزة، أطلق الحوثيون صواريخ وطائرات مسيّرة على أكثر من 80 سفينة تجارية، ما أسفر عن إغراق اثنتين ومقتل أربعة بحارة.
وأعلنت قوات التحالف الدولي اعتراض عدد من تلك الهجمات، غير أن بعض السفن التي استهدفتها الهجمات كانت مرتبطة بدول أخرى، بما في ذلك إيران نفسها.
ورغم تبرير الحوثيين لهذه الهجمات بأنها تستهدف مصالح إسرائيل والولايات المتحدة، فإن الوقائع تظهر أن نطاق استهدافهم أوسع بكثير، مما يعمق التوترات الإقليمية التي ازدادت بعد مقتل زعيم حزب الله، حسن نصر الله، على يد إسرائيل في غزو للبنان، ما دفع الحوثيين إلى مواصلة إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل وإسقاط طائرات استطلاع أمريكية.
الهجمات الأمريكية على مواقع الحوثيين تأتي في سياق أوسع من التصعيد الإقليمي، خاصة بعد الهجوم الأول لحركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والذي أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص، مما أطلق سلسلة من الردود الإسرائيلية أسفرت عن مقتل أكثر من 42,000 فلسطيني في غزة وآلاف آخرين في مناطق أخرى من الضفة الغربية ولبنان، ما يثير مخاوف جدية من اندلاع حرب إقليمية واسعة.
الضربات الأمريكية استهدفت مواقع تحت الأرض، تديرها جماعة الحوثي، كانت قد أنشئت خلال حربهم مع التحالف بقيادة السعودية. هذه القواعد تمتد عبر مناطق استراتيجية مثل صنعاء وصعدة، وقد تم تطويرها لتكون قادرة على تخزين الأسلحة والصواريخ بعيدة المدى، بما في ذلك صواريخ سكود التي استخدمت في عهد الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
والقاذفة B-2 تحمل أهمية كبيرة نظرًا لقدرتها على شن هجمات دقيقة ومجهزة لحمل أسلحة نووية. على الرغم من تكلفتها الباهظة، والتي تقدر بنحو مليار دولار لكل طائرة، فإنها تعتبر جزءًا حيويًا من الاستراتيجية الأمريكية لضرب الأهداف المحصنة.
ويأتي التصعيد في ظل تحذيرات من الأمم المتحدة حول مخاطر تصاعد النزاع في اليمن، وسط اضطرابات إقليمية متزايدة.
ودعا المبعوث الأممي، هانز غروندبرغ، إلى التركيز على إنهاء الصراع الداخلي في اليمن، محذرًا من أن الأوضاع الحالية قد تجر المنطقة إلى دوامة أكبر من العنف.