مثّل فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية، وفق ما كشفته النتائج الأولية، حدثاً نادراً، إذ أصبح ثاني رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يفوز بفترتين غير متتاليتين، فبعد فوزه بانتخابات عام 2016 أمام هيلاري كلينتون، خسر في عام 2020 أمام جو بايدن، ليعود في المرة الثالثة ويسجل انتصاراً مذهلاً أمام كامالا هاريس، رغم ما واجهه من عقبات قانونية صعبة.
ولم يحدث في تاريخ الولايات المتحدة أن فاز مرشح بالرئاسة على فترتين متباعدتين، سوى مرة واحدة وكان للديمقراطي جروفر كليفلاند.
وكان كليفلاند الرئيس الـ 22 والـ24 في تاريخ أمريكا، إذ تولى الرئاسة في فترتين كانت الأول من (1889:1885)، والثانية من (1897:1893).
وكليفلاند الذي امتهن المحاماة دخل عالم السياسة في الأربعينات من عمره كمناهض للفساد، ثم انتُخب عمدة لمدينة بوفالو في نيويورك عام 1881، ثم حاكماً للولاية بعد ذلك بـ 3 سنوات.
وترشح كليفلاند كمرشح رئاسي للحزب الديمقراطي في عام 1884، ليتغلب على منافسه الجمهوري، السيناتور جيمس بلين من ولاية مين، وكان أول ديمقراطي يُنتخب بعد الحرب الأهلية، التي انتهت في عام 1865.
ومن بين المفارقات التاريخية أن كليفلاند، الذي انتخب عازباً، تزوج أثناء فترة رئاسته، وهو الرئيس الوحيد الذي فعل ذلك في البيت الأبيض.
وبعد ذلك ترشح لإعادة انتخابه عام 1888 لكنه خسر أمام المرشح الجمهوري بنجامين هاريسون، وهو عقيد في الجيش أثناء الحرب الأهلية، وحفيد الرئيس السابق ويليام هنري هاريسون.
وفاز كليفلاند بالتصويت الشعبي بنسبة 48.6% مقابل 47.9%، لكنه خسر تصويت المجمع الانتخابي. ثم انتقل إلى مدينة نيويورك ومارس مهنة المحاماة. ولم يكن ينوي الترشح مرة أخرى بعد ولايته الأولى، لكنه شعر بعدم الرضا بشكل متزايد عن الانجراف الشعبوي لحزبه وكان قلقاً من أن مرشحاً آخر سيجر الحزب نحو المحسوبية التي حاربها بشدة.
وتم ترشيحه في عام 1892 وخاض الانتخابات ضد هاريسون مرة أخرى، وهذه المرة، وبينما كانت البلاد على شفا أزمة اقتصادية وأصبحت أكثر تقبلاً لموقفه بشأن خفض التعريفات الجمركية، فاز بأغلبية ساحقة.
وبعد كل هذه السنوات تمكن دونالد ترامب من تحقيق المعادلة ذاتها، فبعد هزيمته في الانتخابات الماضية، التي لم يعترف بها أبداً، وكرر وقوع عمليات تزوير أدت لخسارته، عاد مجدداً ليهزم المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس والتي جاءت بديلة للرئيس جو بايدن المنسحب عقب أداء كارثي في مناظرة رئاسية.