قالت الصحفية اليهودية إيفا برينس، إن الحكومة الهولندية المتطرفة تنتهز الفرص لتشويه صورة المسلمين ولدعم الصهاينة، واستنكرت توجيه تهمة “معاداة السامية” لمواطنين من أصول مغربية على خلفية أعمال العنف التي بدأها إسرائيليون في أمستردام قبل أسبوعين.
جاء ذلك في مقابلة أجرتها الأناضول مع الصحفية الهولندية، بينما لا تزال أحداث الشغب التي افتعلتها جماهير فريق “مكابي تل أبيب” الإسرائيلي بعد مباراته مع أياكس أمستردام حديث الساعة في البلد الأوروبي على كافة المستويات.
وفي 7 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري وبعد مباراة انتهت بنتيجة 5 – 0 لصالح أياكس، وقعت توترات فجرتها هتافات عنصرية ونابية أطلقها مشجعون إسرائيليون ضد فلسطين والعرب، وفوضى وتخريب واعتداء على العلم الفلسطيني وتمزيقه، واستفزاز سائقي سيارات الأجرة الهولنديين من أصل عربي.
الشرطة الهولندية اعتقلت 57 شخصا من المواطنين من أصول عربية، بعدما ادعت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان إصابة 10 إسرائيليين وفُقدان الاتصال باثنين.
فيما أظهرت مشاهد متداولة على منصات التواصل جماهير النادي الإسرائيلي يتباهون بقتل الأطفال في غزة، مرددين عبارة: “لا يوجد مدارس في غزة لأنه لم يعد هناك أطفال”.
** معاداة المسلمين بهولندا تقول برينس إن “هولندا تُعد من أكثر الدول التي تنتشر فيها معاداة المسلمين (الإسلاموفوبيا)، وفقا لتقرير عن حياة المسلمين في أوروبا أصدرته وكالة حقوق الإنسان الأساسية التابعة للاتحاد الأوروبي”.
وتشير إلى أن الحكومة الهولندية “وصفت أحداث أمستردام بأنها معادية للسامية، واستهدفت عقبها مسلمين ومواطنين من أصول مغربية”.
وقبل أيام، قدمت سكرتيرة الدولة الهولندية من أصل مغربي نورة أشهبار، استقالتها، بعد استيائها من تصريحات أدلى بها زملاء لها حول الشغب الإسرائيلي في أمستردام، ووصفتها بأنها تعكس العنصرية.
وتوضح برينس التي تعمل صحفية مستقلة منذ أكثر من 30 عاما، أن الوضع السياسي في هولندا “مضطرب ومثير للقلق”.
وتقول: “لو كنتُ مسلمة في هولندا الآن لما شعرت بالأمان، فاستخدام معاداة السامية يزعجني بشدة، ولهذا السبب أرفع صوتي”.
وبشأن الأحداث التي أعقبت المباراة، تعرب برينس عن انزعاجها “من مثيري الشغب الإسرائيليين الذين تجولوا في شوارع أمستردام ليلة المباراة، وهم يرددون شعارات عنصرية مؤيدة للإبادة الجماعية التي ترتكبها تل أبيب في قطاع غزة”.
وتضيف: “صُدمت حين رأيت مشاهد على منصات التواصل الاجتماعي لمثيري الشغب وهم يصرخون: اقتلوا كل العرب”.
وفيما يتعلق بتعرض بعض المشجعين الإسرائيليين لردود فعل بأمستردام، تقول: “ربما تعرضوا لردود فعل على وجه التحديد بسبب ما رفعوه من شعارات وما فعلوه، وربما لأنهم كانوا جنودا إسرائيليين يحتفلون بالإبادة الجماعية في غزة”.
وتتابع حديثها حول الأحداث قائلة: “لا أعرف ماذا حدث بالضبط، لكنني صُدمت لأنهم شوهوا الحادثة ووصفوها معاداة للسامية”.
** شاركت في مظاهرات فلسطين وعن موقف سلطات بلادها، تقول برينس إن “الحكومة اليمينية المتطرفة تستغل كل فرصة لإعطاء صورة سيئة عن المسلمين والمواطنين من أصول مغربية”.
وفيما يتعلق بمعاداة السامية، تؤكد أن “المحرقة اليهودية ارتكبها مسيحيون أوروبيون بيض، واتهام المسلمين بمعاداة السامية أمر مثير للشك ومجرد تمييز وتحامل، بل كذبة أيضا”.
وترفض الصحفية وصف الحكومة الهولندية للأحداث بأنها “معاداة للسامية”، وتقول إن “الحكومة تشوه ما حدث في أمستردام، وتسعى لتصويره على أن المغاربة ضربوا اليهود الأبرياء”.
وتشير إلى أن “هدف الحكومة من ذلك خلق انطباع سلبي عن المسلمين واستخدام اليهود لهذا الغرض”.
وفي تفنيدها لتصريحات سياسيين هولنديين بأن اليهود لا يشعرون بالأمان في هولندا، تؤكد الصحفية اليهودية: “ليس لها أي قيمة حقيقية، ولم أشعر قط بعدم الأمان”.
وعلاوة على ذلك، تضيف: “شاركت أيضا في المظاهرات الداعمة لفلسطين في هولندا، ولم أشعر أبدا بعدم الأمان هناك أيضا”.
وفي مقابلة سابقة مع الأناضول، قالت عضوة منظمة “إرف راف” اليهودية في هولندا آنا جوزيف، إن “العرب والمسلمين في هولندا ليسوا معادين للسامية على الإطلاق، ولم يسبق أن تعرض أي عضو في المنظمة لموقف عنصري واحد من طرفهم”.
وأشارت أن “المواقف العنصرية ضدهم تأتي من طرف الهولنديين البيض”، مؤكدة أن أحداث الشغب التي وقعت في أمستردام سببتها جماهير الفريق الإسرائيلي الذين رددوا شعارات عنصرية ضد العرب والمسلمين.
** دعم هولندي لإسرائيل وفيما يتعلق بموقف بلادها من الإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون بقطاع غزة، تقول برينس إن الحكومة اليمينية المتطرفة في البلاد “تدعم الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على غزة منذ أكثر من عام”.
وتضيف في هذا الصدد أن “الأصوات اليهودية المؤيدة لإسرائيل فقط هي التي تُسمع في وسائل الإعلام والسياسة في هولندا”.
ومعبرة عن صدمتها من الدعم، تقول: “أستصعب فهم الدعم المقدم لإسرائيل التي ترتكب إبادة جماعية بغزة”، وتتساءل مستهجنةً: “كيف يمكنك بوصفك يهوديا أن تتعاطف مع هؤلاء العنصريين (الإسرائيليين)؟”
وتشدد على شعورها بأنها “مستهدفة، لأنني لا أريد أن أتعاطف مع الإسرائيليين الذين يرتكبون الإبادة الجماعية (في غزة) أو يحتفون بها”.
وبشأن علاقة الحكومة الهولندية مع الجاليات اليهودية، تشير الصحفية إلى أن “السلطات لا تتواصل إلا مع مجموعات يهودية معينة، وهي تتحدث فقط مع اليهود الصهاينة”.
ومثال على ذلك، تقول: “هناك منظمة قوية جدا تُسمى مركز المعلومات والتوثيق بشأن إسرائيل، وهي تروج لما تريده إسرائيل”.
وأرجع مراقبون افتعال الجماهير الإسرائيلية للشغب في أمستردام إلى التضامن الكبير مع القضية الفلسطينية في هولندا الذي أغاظهم، لا سيما أنهم رأوا أعلام فلسطين في ميدان “دام” وعلى شرفات المنازل، وخارطة فلسطين التاريخية على واجهة بعض المحال التجارية.
وتشهد العديد من مدن هولندا، لا سيما العاصمة، وأوترخت ولاهاي وروتردام وأيندهوفن مظاهرات متواصلة، بمشاركة فلسطينية وعربية وإسلامية وهولندية، يطالب فيها المشاركون بوقف الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، ومحاسبة تل أبيب.