أثار قرار فصل المطارات العراقية عن شركة الملاحة الجوية وربطها بمديرية تابعة للدائرة الفنية في وزارة النقل جدلًا واسعًا حيث تواجه حكومة محمد شياع السوداني موجة من الانتقادات العنيفة بسبب قرارها غير المدروس والذي وصف بالتخبط الحكومي.
وشهدت مطارات العراق الرئيسية بما في ذلك مطارات بغداد والبصرة والموصل والناصرية، تظاهرات حاشدة احتجاجًا على قرار فصل المطارات عن الملاحة الجوية.
وخرج العشرات من موظفي المطارات للتعبير عن رفضهم القاطع لهذا القرار، مشددين على أنه يهدد التكامل الوظيفي بين المطارات وشركة الملاحة الجوية، ويؤثر سلبًا على سير العمل وحقوق الموظفين.
ورفع المتظاهرون شعارات تندد بقرار استثمار المطارات العراقية من قبل مؤسسة التمويل الدولية (IFC) واصفين الخطوة بأنها بيع للسيادة الوطنية.
ورفضوا تحويل المطارات إلى مديرية تتبع وزارة النقل، معتبرين أن هذا القرار يفصل الروح عن الجسد، في إشارة إلى العلاقة التكاملية بين المطارات والملاحة الجوية.
وطالب المحتجون في الوقفة الاحتجاجية التي نظمت في مطار البصرة الدولي، بإلغاء القرار فورًا، مشيرين إلى أن مثل هذه القرارات تفتقر إلى دراسة واقعية لأثرها على العمليات التشغيلية، مطالبين رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوادني لإعادة النظر في هذا القرار الكارثي.
ومن جانبها وصفت رئيسة لجنة النقل النيابية زهرة البجاري القرار بأنه خطوة غير مبررة ، مؤكدة أن الحكومة تتعامل مع إدارة الدولة وكأنها رقعة شطرنج، وأن هذا النهج يفتقر إلى التخطيط الواضح ويفاقم الأزمات.
وتساءلت كيف يمكن فصل مطارات ذات تمويل ذاتي عن شركة الملاحة الجوية وربطها بدائرة جديدة، دون أي تخطيط مالي لضمان استمرار تمويل رواتب الموظفين ومتطلبات المطارات.
ودعت رئيس الحكومة محمد شياع السوداني للتراجع عن هذا القرار، معتبرة إياه تهديدًا لاستقرار قطاع الطيران المدني في البلاد.
وأعرب مختصون في شؤون الطيران المدني عن قلقهم إزاء قرار فصل المطارات عن شركة الملاحة الجوية، محذرين من تداعيات سلبية قد تنجم عن ضعف التخطيط وغياب ضمانات مالية وإدارية واضحة فضلًا عن كونه يفتح بابًا واسعًا للفساد في وزارة النقل المعروفة بصفقات الفساد وتقلد وزراء غير أكفاء في إدارتها من هادي العامري زعيم ميليشيا بدر حتى رزاق محيبس.
وأكدوا أن مثل هذه الخطوات قد تؤدي إلى اضطرابات كبيرة في عمل المطارات، تشمل تأخر دفع الرواتب وتعطل عمليات الصيانة والخدمات التشغيلية.
وأشار الخبراء إلى أن المشكلة الحقيقية تكمن في سوء الإدارة واتخاذ قرارات غير مدروسة، حيث إن فصل المطارات عن الملاحة الجوية دون استراتيجية شاملة يعرض القطاع لمزيد من الأزمات بدلاً من معالجتها.
وشددوا على أهمية التركيز على تطوير البنية التحتية للمطارات وتعزيز الكفاءة التشغيلية وهي عوامل ضرورية لتحسين أداء قطاع الطيران العراقي بدلًا من هذه الخطوة المثيرة للجدل.
كما حذروا من أن مثل هذه القرارات العشوائية قد تثني المستثمرين الأجانب عن التوجه نحو قطاع النقل الجوي في العراق، إذ يعتمد المستثمرون وشركات الطيران على الاستقرار الإداري والمالي لضمان استدامة استثماراتهم.
ويعد قطاع الطيران المدني من القطاعات الحيوية التي تلعب دورًا أساسيًا في تعزيز الاقتصاد الوطني وربط العراق بالعالم الخارجي لكن غياب التخطيط الحكومي يهدد بتدمير هذا القطاع الذي يعاني بالفعل من مشكلات هيكلية وأزمات مالية.
وأجمع موظفو المطارات على أن الإدارة المتكاملة بين المطارات وشركة الملاحة الجوية هي عنصر حاسم في نجاح العمليات اليومية.
وأشاروا إلى أن القرار الجديد لا يضع في اعتباره هذه العلاقة التفاعلية، مما ينذر بانهيار محتمل في كفاءة إدارة المطارات العراقية.
ولفتوا إلى وجود حالة من الإرباك الإداري غير مسبوقة في داخل المطارات، مؤكدين وجود ضبابية في إدارة شؤونهم الوظيفية، حيث لم يتم تحديد مصدر تمويل واضح لتغطية الرواتب والمصاريف التشغيلية بعد الفصل عن شركة الملاحة الجوية.
ويواجه قطاع الطيران المدني العراقي تحديات غير مسبوقة تهدد مستقبله في ظل استمرار النهج الحكومي واتخاذ القرارات دون تخطيط استراتيجي واضح مما تقود إلى انهيار أحد أهم القطاعات الحيوية في البلاد.
وتوضح الأزمة الحالية مدى غياب الثقة بين حكومة الإطار التنسيقي وموظفيها في قطاع الطيران المدني، حيث يعد قرار فصل المطارات هو الانعكاس الواضح لغياب التخطيط وسوء الإدارة السائد في إدارة الدولة.