تتصاعد أهمية المغرب كمرشح بارز ليصبح مركزا عالميا لإنتاج بطاريات فوسفات الحديد الليثيوم (LFP)، في ظل امتلاكه 72% من الاحتياطي العالمي لمادة الفوسفات، ما يمنحه ميزة تنافسية في هذه الصناعة التي تتجه إليها الأسواق العالمية باعتبارها الأرخص والأكثر أمانا بين الخيارات المتاحة حاليا.
ووفقا لمقال نشره موقع “المعهد الملكي للشؤون الدولية” البريطاني، فإن المغرب يمتلك موقعا استراتيجيا يؤهله لاستقطاب استثمارات دولية ضخمة في مجال صناعة السيارات الكهربائية، وخاصة من الصين التي تبحث عن بدائل للتعامل مع السياسات الحمائية المتزايدة في أوروبا والولايات المتحدة. هذه الأخيرة تبذل جهوداً متسارعة لحماية سلاسل التوريد الصناعية والحد من الاعتماد على الصين، كما يتضح من الزيادات الكبيرة في التعريفات الجمركية المفروضة على المنتجات الصينية، خصوصاً السيارات الكهربائية. الدور المحوري للمغرب تعززه زيارته الأخيرة للرئيس الصيني شي جين بينغ، مما يعكس اهتمام الصين بتوسيع وجودها في المملكة كجزء من استراتيجيتها لتجنب القيود الاقتصادية الغربية. وتعتبر مذكرة التفاهم التي وقعتها المغرب مع شركة غوشن هاي تك الصينية بقيمة 6.4 مليار دولار لإنشاء مصنع ضخم لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية مثالاً عملياً على هذا التعاون، إذ من المقرر أن يصبح هذا المصنع الأكبر من نوعه في إفريقيا.
ويُبرز التقرير أن المغرب يمثل خيارا مثاليا للشركات الصينية التي تسعى إلى التصنيع خارج الحدود لتجنب التعريفات الجمركية الجديدة في الأسواق الغربية، بفضل موقعه الجغرافي المميز واتفاقيات التجارة الحرة التي يتمتع بها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى عضويته في منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية.
رغم ذلك، يدرك المغرب أهمية الموازنة في علاقاته مع الصين والقوى الغربية. فقد تبنى استراتيجية ثنائية تعتمد على المعاملات المباشرة بدلاً من الانضمام إلى ترتيبات متعددة الأطراف تقودها الصين مثل مجموعة بريكس، لتفادي إثارة ردود فعل سلبية من شركائه الغربيين. ومع أن العلاقات بين المغرب والصين ما زالت تواجه تحديات، لا سيما بسبب الموقف الحذر لبكين بشأن قضية الصحراء المغربية، إلا أن المغرب يراهن على تطوير شراكاته الاقتصادية مع الصين لتعزيز مكانته كمركز صناعي وتجاري عالمي.