عُثر على 40 جثة في برادات مستشفى حرستا العسكري بريف دمشق، تحمل آثار تعذيب وحشي، بعضها موسوم بأرقام وأخرى كُتبت عليها أسماء، مع دلائل واضحة تشير إلى أن عدداً منها تعرض لتصفية في وقت قريب، هذه الجثث كانت على وشك أن تُنقل إلى المقابر الجماعية قبل أن تكشفها التطورات الأخيرة.
انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي صور صادمة لجثث المعتقلين، من بينهم الناشط “مازن حمادة” ، الذي تعرض لتعذيب وحشي قبل تصفيته، وأظهرت الصور عشرات الجثث المتكدسة داخل ثلاجات الموتى، مما يؤكد أن هؤلاء الضحايا قُتلوا حديثاً في سجون النظام قبل أسبوع فقط من سقوطها، وأثارت هذه الصور موجة غضب وصدمة كبيرة لدى السوريين، وخاصة ذوي المعتقلين الذين طال انتظارهم لمعرفة مصير أحبائهم.
نظام الأسد: إرث من الوحشية داخل السجون
منذ اندلاع الثورة السورية، وثّقت منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية فظائع النظام السوري بحق المعتقلين. سجن صيدنايا، المعروف بـ”المسلخ البشري”، كان من أبرز مراكز التعذيب والقتل الممنهج، إذ تشير التقارير إلى أن المعتقلين كانوا يُقتلون تحت التعذيب أو يُعدموا ميدانياً في السجن. حيث وُصفت أساليب القتل بأنها “غير مسبوقة في وحشيتها”.
تُظهر تقارير الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن الآلاف من المختفين قسرياً تم تصفيتهم في السجون. وتم دفن جثثهم في مقابر جماعية. بينما لا يزال عشرات الآلاف في عداد المفقودين. يقول “فضل عبد الغني”، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان في مقابلة تلفزيونية: إن” عمليات التوثيق التي أجرتها الشبكة تؤكد استحالة العثور على معتقلين أحياء في العديد من السجون، بما في ذلك صيدنايا، حيث لم تسفر عمليات البحث الأخيرة عن أي طوابق سرية أو معتقلين ناجين”.
مصير آلاف المغيبين قسرياً
الصور التي خرجت مؤخراً من مستشفى حرستا العسكري أجهزت على بصيص الأمل المتبقي لدى عائلات المعتقلين. هؤلاء الذين كانوا ينتظرون أي خبر عن أبنائهم، وجدوا أنفسهم أمام حقيقة مأساوية تقول إن من اختفوا منذ سنوات قد لقوا حتفهم تحت التعذيب أو تمت تصفيتهم بدم بارد.
الناشط مازن حمادة، الذي اعتُقل فور عودته إلى دمشق عام 2020، كان أحد هؤلاء الضحايا. ظهوره اليوم في الصور المتداولة أعاد للأذهان المئات من النشطاء والمعارضين الذين اعتقلوا في ظروف مشابهة، ولم يُعرف عنهم شيء حتى اليوم.
أمل العدالة في سوريا مستقبلاً
تضع هذه الجرائم النظام السوري في خانة المسؤولية الكاملة عن انتهاكات فظيعة تمثل جرائم ضد الإنسانية. ومع سقوط النظام، يطالب السوريون والمجتمع الدولي بالتحقيق في هذه الجرائم وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة. مع ضمان عدم إفلات أي متورط من العقاب.
هذه الجثث، التي كشفت عن وحشية نظام الأسد، ليست سوى جزء من إرث طويل من القمع والقتل الممنهج داخل السجون. اليوم و مع انتهاء عمليات البحث دون العثور على ناجين. يبدو أن ملف المعتقلين قد أُغلق بدموع وألم العائلات السورية التي فقدت أحباءها. ومع ذلك، يبقى الأمل قائماً في أن يتم تقديم الجناة إلى العدالة. وأن تُعاد الكرامة لمن عانوا تحت سياط النظام، ليكون ذلك درساً في عدم تكرار هذه الفظائع في المستقبل.