شهدت محافظة القنيطرة جنوبي سوريا صباح اليوم الخميس تصعيداً ميدانياً خطيراً مع توغل واسع للجيش الإسرائيلي في عدة مناطق من المحافظة، وفقاً لمصادر محلية، التصعيد جاء في ظل توتر متزايد في المنطقة الحدودية بين سوريا وإسرائيل، التي تعاني من تبعات الحرب المستمرة منذ سنوات.
بحسب ما رصدته منصة صحفية، طلب الجيش الإسرائيلي من سكان بلدة الحميدية في القنيطرة إخلاء البلدة فوراً، تزامناً مع دخول الدبابات والعربات العسكرية الإسرائيلية إلى بلدة جباتا الخشب، وطالب الجيش السكان بتسليم أسلحتهم، مما أثار استياءً وذعراً واسعاً.
كما اقتحمت القوات الإسرائيلية بلدتي أم باطنة والحميدية، ونفذت عمليات تفتيش مكثفة في منازل المدنيين، هذه العمليات أثارت حالة من الهلع بين الأهالي وأدت إلى موجة نزوح كبيرة للعائلات، لا سيما أن الاقتحام ترافق مع إطلاق نار كثيف وتحليق للطيران الإسرائيلي الاستطلاعي فوق القنيطرة وريفها.
وأكدت مصادر ميدانية متطابقة أن القوات الإسرائيلية سيطرت على عدة مواقع استراتيجية في المحافظة، من بينها بلدات القحطانية، رسم الشولي، رسم الشارع، مفرزة الجسر، مبنى المحافظة في مدينة البعث، الحميدية، وكودنة، كما تمكنت القوات الإسرائيلية من السيطرة على مرصد جبل الشيخ الفاصل بين سوريا ولبنان، مما يعزز نفوذها في المنطقة.
وفي تطور خطير، توغلت القوات الإسرائيلية إلى منطقة “نقطة الصفر” في ريف درعا الغربي، حيث سيطرت على حاجز قرب قرية معرية في حوض اليرموك، وأفادت مصادر محلية بتعرض السكان هناك لاعتداءات مباشرة، بالإضافة إلى منعهم من الوصول إلى أراضيهم الزراعية، وسط إطلاق نار في الهواء لفرض السيطرة.
أعلن الجيش الإسرائيلي عبر بيان رسمي أنه مستمر في “وقف التهديدات على الخط الحدودي”، مشيراً إلى مواصلة عمليات التمشيط في المنطقة، وأفادت المصادر أن القوات الإسرائيلية عثرت على دبابات سورية غير مستخدمة وصادرت كميات كبيرة من العتاد العسكري، بما في ذلك ألغام وعبوات ناسفة وصواريخ مضادة للدروع، ولتعزيز وجودها، أرسلت إسرائيل أربع فرق قتالية جديدة، تضم وحدات مشاة وكوماندوز وهندسة ومدرعات، إضافة إلى وحدات متخصصة في تفكيك العبوات “يهلوم” وطيران استطلاعي.
وفي سياق متصل، شن الطيران الحربي الإسرائيلي مساء أمس غارات جوية على ميناء اللاذقية، استهدف خلالها مواقع عسكرية، في مؤشر على تصعيد أكبر قد يشمل مناطق أوسع.
تعد القنيطرة منطقة استراتيجية بسبب قربها من الحدود مع إسرائيل ولبنان، وتشهد المنطقة توتراً مستمراً بسبب وجود فصائل عسكرية مختلفة، ويعكس التوغل الإسرائيلي الأخير زيادة الضغوط الأمنية على الجبهة الجنوبية، وسط مخاوف من تصعيد قد يمتد إلى المناطق المجاورة.
في السنوات الأخيرة، كثفت إسرائيل من عملياتها العسكرية في سوريا، مستهدفة ما تصفه بـ “تمركز قوات إيرانية ومجموعات مسلحة تابعة لها”، ويأتي هذا التصعيد في ظل غياب أي دور فعال للقوات الأممية (الأندوف) التي تراقب خط وقف إطلاق النار، مما يعمق من حالة عدم الاستقرار في المنطقة.
يشكل هذا التوغل الإسرائيلي في القنيطرة وريفها انتهاكاً جديداً للسيادة السورية، ويزيد من معاناة السكان المحليين الذين وجدوا أنفسهم بين نزاعات مستمرة ونزوح متكرر، فالتصعيد الأخير يثير مخاوف من توسع دائرة النزاع في المنطقة الجنوبية لسوريا، خاصة مع استمرار إسرائيل في تعزيز وجودها العسكري واستهدافها للمواقع السورية، وفي ظل هذا الواقع، يبقى المدنيون هم الحلقة الأضعف، حيث يعيشون في حالة من عدم الأمان والخوف المستمر، مع غياب أي أفق لحل يضع حداً لهذه الانتهاكات المتكررة.