كشفت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية عن تفاصيل مثيرة للجدل حول عمليات تهريب مالية غير مسبوقة نفذها النظام السابق برئاسة بشار الأسد، حيث نجح في إرسال ما يقارب 250 مليون دولار نقدًا إلى روسيا خلال عامين، في محاولة واضحة للالتفاف على العقوبات الغربية المفروضة.
ووفقًا للتقرير، قام البنك المركزي السوري بتنفيذ سلسلة من الرحلات الجوية السرية بين آذار/مارس 2018 وأيلول/سبتمبر 2019، شملت نقل طنين كاملين من الأوراق النقدية بفئات متعددة من الدولارات واليورو.
وكانت أبرز هذه العمليات نقل 10 ملايين دولار في رحلة واحدة في مايو 2019، وتحويل 20 مليون يورو في شباط/فبراير من العام نفسه.
واستهدفت هذه التحويلات مطار فنوكوفو في موسكو، حيث تم إيداع الأموال في بنك “المؤسسة المالية الروسية” (RFK)، وهو بنك تسيطر عليه شركة التصدير العسكرية الروسية “روس أوبورون إكسبورت”، والتي فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات مؤخرًا بتهمة تسهيل تحويلات مالية غير مشروعة.
ويبدو أن النظام السابق أصر على تنفيذ هذه العمليات رغم النقص الحاد في العملات الأجنبية داخل سوريا، في محاولة واضحة لحماية ثروة العائلة وضمان “مكاسب غير مشروعة” للنظام ودائرته المقربة، حسب المصدر ذاته.
وفي سياق متصل، كشف التقرير عن استخدام عائلة النظام السابق لشبكة معقدة من الشركات وترتيبات القروض لشراء ما لا يقل عن 20 شقة فاخرة في موسكو منذ عام 2013.
وأكد الدبلوماسي الأمريكي السابق ديفيد شينكر، الذي شغل منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، أن الأسد يدرك جيدًا أن “نهايته قد تكون سيئة” في حال فقد السلطة، لذلك كان يعمل باستمرار على نقل أموال النظام خارج البلاد لضمان حياة كريمة له ولدائرته المقربة، حسب تعبيره.
وتزامنًا مع هذه التسريبات، نشرت صحيفة إندبندنت البريطانية باللغة العربية تفاصيل إضافية عن ثروة عائلة نظام الأسد السابق، مشيرة إلى أنها تتراوح بين 60 و122 مليار دولار موزعة عالميًا، مع إيرادات سنوية تصل إلى 2.4 مليار دولار من تجارة المخدرات والعقارات في دول مختلفة.
وأوضحت الصحيفة في تقرير لها: أن ثروة عائلة الأسد بين 60-122 مليار دولار موزعة عالميا، 2.4 مليار دولار سنويا (2020-2022) من عائدات تجارة الكبتاغون، عقارات بـ40 مليون دولار في موسكو و20 مليون دولار في فيينا، 740 مليون دولار في إسبانيا و95 مليون دولار في فرنسا، 90 % من السوريين يعيشون في فقر وسط انهيار اقتصادي.
وقال الباحث الاقتصادي محمد غزال لمنصة SY24: “إن العقوبات التي كانت مفروضة على نظام الأسد كانت في سياق الالتفاف على العقوبات. وللأسف لم تكن هذه العقوبات ذات تأثير على النظام بل كان تأثيرها كبير على الشعب السوري”.
وأضاف: “البنك المركزي في الأدبيات الاقتصادية هو بنك ذو سيادة وبنك ذو استقلالية وحتى رئيس الجمهورية لا يمكن له التدخل في قراراته النقدية وبالتالي هو بنك الشعب. ولكن اليوم تحول الأسد إلى بنك لعائلة الأسد. وعندما ينقل الأسد هذه الأموال من البنك المركزي إلى روسيا فهو كان يعتبر أنه بنك الأسد المركزي وليس بنك سورية المركزي. وبالتالي ما جرى هو سرقة لمقدرات الشعب وهو على دراية تامة بأنه سوف يأتي اليوم الذي يخرج فيه من سوريا، ومنذ عام 2018 بدأ بتجهيز هذا السيناريو”.
ولفت إلى أن النظام أسس لمنظومة اقتصادية موازية لمنظومة الدولة أي أسس اقتصاد الظل أو الاقتصاد الأسود له وللمحيطين به من عائلته. وبالتالي الموازنة تآكلت في سوريا ومستوى الفقر المدقع ارتفع بشكل متزايد والبلد اتجه بأكمله إلى الإنفاق. في حين أن عوائد الدورة الاقتصادية لا تعود إلى عناصر الإنتاج وإنما تعود إلى الجيش وعناصر الأسد وإلى آل الأسد، أي أن هناك تسريب في الاقتصاد ناتج عن السرقات والتي من ضمنها سرقة البنك المركزي، حسب تعبيره.
الجدير ذكره، أنه بينما كان يواصل النظام السابق نهب ثروات البلاد، كان يعيش 90% من السوريين تحت خط الفقر وسط انهيار اقتصادي غير مسبوق. في تناقض صارخ بين ثراء النظام السابق وفقر الشعب، حسب المصادر الغربية.