يدمن بعض الأطفال التحديق في الهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية، ويعيش في أشبه ما يكون بالقوقعة الإلكترونية التي تبتعد بهم عن العالم الواقعي تدريجياً حتى يصبح الجهاز الذكي جزءاً لا يتجزأ من يومه، ومصاحباً له خلال تناول الطعام واللعب وفي السرير واجتماع الأسرة والخروج من المنزل.
مع مرور الوقت يبدأ الطفل في حال حجب الهاتف الذكي عنه، بالتذمر والتعبير عن الملل بطرق متعددة، سواء البكاء أو الصراخ أو الغضب، هنا يبدأ ولي الأمر إدراك التغير الذي لحق بالطفل من حيث الانعزال عن العالم الواقعي، وتفضيله للعيش داخل القوقعة الإلكترونية وعدم الرغبة في التواصل مع الآخرين ومحدودية التواصل المباشر والواقعي مع محيطه. لمياء توفيق
أكدت د.لمياء توفيق، مدربة حياة للأطفال، متخصصة في دراسات الطفولة «إعلام وثقافة الطفل»، ضرورة عدم تجاهل أولياء الأمور لتعديل سلوك الطفل المدمن أو المتعلق بالهاتف أو الأجهزة اللوحية لتفادي المخاطر النفسية والسلوكية التي قد تنجم عن التعلق الشديد، وفقاً لأساليب علمية ونفسية تسهم في تجاوز تلك الآثار مع الأخذ في الاعتبار تجنب تعديل السلوك بالصراخ والشجار.
وقالت: «من أعراض الإدمان والتعلق الشديد بالهواتف المتحركة، البكاء والصراخ بشدة عند منعها أو عندما تفرغ البطارية، أو انقطاع الخدمة المزودة بالإنترنت، أو عدم الرد على والديه عندما مناداته بسبب الانغماس، وشدة التركيز بما يحدق به في الجهاز الذي يحمله، كما أنه قد لا يأكل أو يهمل الأكل أو القيام بالأعمال اليومية التي يجب أي يقوم بها، وقد يصل الأمر إلى إهمال واجباته اليومية، وعند عودته من المدرسة فإن أول شيء يبحث عنه هو الهاتف الذكي».
محاكاة
عن كيفية تعديل السلوك، أو اتباع أساليب تساعد الطفل على التخلص من التعلق بالهاتف أشارت د.لمياء توفيق إلى «عدم استخدام الهاتف لتهدئة الطفل أو إشغاله، خصوصاً عندما يكون الوالدان مشغولين، أو كأداة تسهم في إلهائه ليتناول طعامه، كما يجب على الوالدين الحد من استخدام الهاتف أمامه، لأن من الطبيعي أن يحاكيهما، كما يجب استبدال الوقت على الجهاز بالأعمال الإبداعية، مثل الرسم أو اللهو بالصلصال أو الألعاب الجماعية أو القراءة، وقد يكون ذلك أحياناً مع الأبوين».
وأضافت: «عندما يشعر الطفل بالملل سيتذمر لأنه اعتاد على جرعات الدوبامين وهرمونات السعادة التي اعتاد أن يحصل عليها من خلال استخدامه للأجهزة، ولكن بعد قليل سيبتكر هو ما يشغل وقته، وحتى تنجح هذه الاستراتيجيات، يجب أن نصبر، ونشجعهم، وألا نيأس، ويجب أن نتذكر أن تغيير العادات يحتاج إلى وقت».
التواصل الاجتماعي
حذرت د.لمياء توفيق من إهمال تعديل سلوك الطفل المدمن على الأجهزة اللوحية، لما قد ينتج عنه من مخاطر، منها الاعتماد بشكل كامل على الجهاز، وعدم السيطرة على الغضب، وعدم تعلم أساليب التواصل الاجتماعي بشكل صحيح، وعدم تعلم أساليب الحوار، وعدم الرغبة في تمضية الوقت مع الأهل والعزلة مع الجهاز بشكل مستمر لمدة ساعات طويلة، ويبتعد عن الطبيعة، وتفضيل البقاء في المنزل حيث يتوفر الإنترنت.
وأضافت: إن إدمان الطفل لوسائل التواصل الاجتماعية قد تجعله يتأثر بأساليب حياة لا تناسب مع ثقافته، وقد يقع في فخ المقارنة المستمرة، سواءً الاجتماعية، أو حتى في الشكل، وقد يؤدي ذلك إلى عدم الرضا والسخط على الشكل أو ما توفره أسرته أو ما يمتلكه وغيرها.
الدعم الإيجابي
ذكرت د.لمياء توفيق أن من الممكن تغيير سلوك الطفل في أي سن، إلا أن لا بد من الأخذ في الاعتبار أهمية تقديم الدعم الإيجابي والاستمرارية في التأكيد على السلوك المرغوب فيه بدون شجار أو صراخ، كما يجب شرح التصرف المطلوب بلغة واضحة ويمكن شرح الأسباب بشكل مبسط.
وأشارت إلى أن في حالة ما إذا كانت هناك نوبات من الغضب والصراخ من ناحية الطفل من المهم ألا يقابل ذلك بنوبات مماثلة من قبل الوالدين لأن الشجار لن يؤدي إلى النتيجة المرغوبة بل تصبح لغة الحوار والتواصل فقط بهدف التنفيس عن مشاعر سلبية وليس لتغيير سلوك بشكل جذري.
وأوضحت أن العقاب قد يؤدي إلى تغيير لحظي فقط، ولن يغيره بشكل مستدام لأن العقاب وسيلة غير مستدامة، فالطفل حينها سيستمر في السلوك غير المرغوب فيه وسيصبح التحدي «كيف أستطيع أن أهرب من العقاب»، كما أن العقاب لا يساعد الوالدين على فهم مشاعر الطفل والأسباب التي أدت إلى التصرف غير المرغوب فيه.
يدمن بعض الأطفال التحديق في الهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية، ويعيش في أشبه ما يكون بالقوقعة الإلكترونية التي تبتعد بهم عن العالم الواقعي تدريجياً حتى يصبح الجهاز الذكي جزءاً لا يتجزأ من يومه، ومصاحباً له خلال تناول الطعام واللعب وفي السرير واجتماع الأسرة والخروج من المنزل.
مع مرور الوقت يبدأ الطفل في حال حجب الهاتف الذكي عنه، بالتذمر والتعبير عن الملل بطرق متعددة، سواء البكاء أو الصراخ أو الغضب، هنا يبدأ ولي الأمر إدراك التغير الذي لحق بالطفل من حيث الانعزال عن العالم الواقعي، وتفضيله للعيش داخل القوقعة الإلكترونية وعدم الرغبة في التواصل مع الآخرين ومحدودية التواصل المباشر والواقعي مع محيطه.