أعرب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي عن تطلعه بشغف إلى محادثاته مع سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه في زيارته إلى الكويت وعن تطلع بلاده إلى الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين البلدين إلى مستوى شراكة استراتيجية.
وقال مودي في لقاء أجرته معه وكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم السبت بمناسبة زيارته إلى الكويت التي تعد الأولى لرئيس وزراء هندي إلى البلاد منذ 43 عاما إن “الجذور القوية لعلاقاتنا التاريخية يجب أن تتماشى مع ثمار شراكتنا في القرن الـ21 لناحية الديناميكية والقوة وتعدد الأوجه” علاوة على أن “رؤيتي البلدين الصديقين لتحقيق النهضة التنموية تحملان الكثير من المشتركات”.
وعبر عن الشكر لسمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح على دعوته الكريمة له لزيارة دولة الكويت مؤكدا أنها تنطوي على أهمية خاصة لا سيما أنها أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء هندي إلى الكويت منذ أكثر من أربعة عقود.
كما عبر عن الشكر لسموه أيضا على دعوته له لحضور حفل افتتاح بطولة كأس الخليج العربي لكرة القدم (خليجي زين 26) التي تنطلق اليوم متمنيا لدولة الكويت النجاح في استضافة هذا الحدث الرياضي.
وأضاف أن بلاده والكويت تتقاسمان روابط عميقة وتاريخية حيث دائما كانت العلاقة بين البلدين علاقة دفء وصداقة و”الترابط التاريخي والتبادلات بين الجانبين من خلال الأفكار والتجارة جعلا شعبينا متقاربين”.
وتابع “لقد تبادلنا التجارة منذ العصور القديمة.. والاكتشافات في جزيرة فيلكا تتحدث عن ماضينا المشترك.. كانت الروبية الهندية عملة قانونية في الكويت لأكثر من قرن من الزمان حتى العام 1961 وهذا يوضح مدى التكامل الوثيق بين اقتصادينا.. كانت الهند شريكا تجاريا طبيعيا للكويت ولا تزال كذلك في العصر الحديث.. وقد عززت روابطنا الشعبية على مر القرون رابطة صداقة خاصة بين بلدينا”.
وذكر أنه “بشكل عام تتقدم العلاقات الثنائية بشكل جيد وإذا جاز لي القول فإنها تتجه نحو آفاق جديدة.. وأتطلع بشغف إلى محادثاتي مع صاحب السمو أمير الكويت لرفع مستوى علاقاتنا في مختلف المجالات بما في ذلك الدفاع والتجارة والاستثمار والطاقة”.
واستطرد: “يجب أن تتماشى الجذور القوية لعلاقاتنا التاريخية مع ثمار شراكتنا في القرن الحادي والعشرين من حيث الديناميكية والقوة وتعدد الأوجه.. وقد حققنا الكثير معا لكن آفاق شراكتنا لا حدود لها وأنا متأكد من أن هذه الزيارة ستمنحها زخما جديدا”.
وأشار رئيس الوزراء الهندي إلى أن “الجالية الهندية أكبر الجاليات في الكويت وتضم أكثر من مليون شخص في وقت تعتبر الهند من بين أكبر الشركاء التجاريين للكويت كما تنفذ العديد من الشركات الهندية مشاريع في مجال البنية التحتية وتقدم خدمات في مجالات متعددة في الكويت.
وأشار إلى أن “هيئة الاستثمار الكويتية ضخت استثمارات كبيرة في الهند وهناك اهتمام متزايد بالاستثمار في الهند الآن.. وعلى الصعيدين الثنائي ومتعدد الأطراف فإن هناك إدراكا جيدا لمصالح كل طرف”.
وبشأن سبل تعزيز التجارة الثنائية أفاد مودي بأن “قطاعات التجارة والتبادل التجاري تشكل ركائز مهمة لعلاقتنا الثنائية وتشهد تجارتنا الثنائية ارتفاعا فيما تضيف شراكتنا في مجال الطاقة قيمة فريدة لتجارتنا الثنائية”.
وأضاف “نحن سعداء برؤية منتجات (صنع في الهند) خصوصا ما يتعلق بالسيارات والآلات الكهربائية والميكانيكية وقطاعات الاتصالات تحقق تقدما جديدا في الكويت.. تصنع الهند اليوم منتجات عالمية المستوى بأقل تكلفة ممكنة.. ويعد التنويع في التجارة غير النفطية أمرا أساسيا لتوسيع التجارة بين الجانبين”.
وتابع أن “هناك إمكانات كبيرة لتوسيع تعاوننا في قطاعات الأدوية والصحة والتكنولوجيا والرقمنة والابتكار والمنسوجات.. ولتحقيق هذه الغاية يجب على غرف الأعمال والتجارة ورواد الأعمال والمبتكرين التفاعل والتواصل مع بعضهم البعض بشكل أكبر”.
وشدد مودي على أن “علاقاتنا التجارية المعاصرة مهيأة بشكل تام للسطوع بقوة بالقدر نفسه الذي كانت تتمتع به شبكاتنا التجارية تاريخيا. فلنعمل معا لتحقيق هذه الغاية”.
وبسؤاله عن رؤيتي (الهند 2047) والكويت (2035) وكيف يمكن أن تصبحا مفيدتين بشكل متبادل لكلا البلدين وشعبيهما قال مودي إن “رؤيتنا هي أن نرى الهند دولة متقدمة بحلول العام 2047 عندما نحتفل بمرور 100 عام على استقلالنا”.
وتابع “اننا نسعى جاهدين لتسريع النمو في كل القطاعات لتحسين مستويات معيشة شعبنا.. نحن نبني الهند بحيث تكون البنية التحتية المادية والاجتماعية من الطراز العالمي وجميع المواطنين لديهم الفرصة للتفوق.. نحن ملتزمون بتوسيع دورة التنمية لدينا للارتقاء بكل هندي إلى مسار تنمية أعلى.. النتائج موجودة ليراها الجميع”.
واستطرد بهذا الشأن “اننا في السنوات العشر الماضية انتشلنا 250 مليون شخص من براثن الفقر.. نحن نكفل أيضا أن تكون جميع لوائحنا وقوانيننا وفق المعايير العالمية حتى يشعر المستثمرون وكأنهم في وطنهم”.
وأشار إلى رؤية (كويت جديدة 2035) وتركيزها على تحويل البلاد إلى مركز اقتصادي ومركز للاتصال.. مبينا أن هناك عددا كبيرا من مشاريع البنية الأساسية من مطار إلى ميناء بحري وخط السكك الحديدية ومشاريع للطاقة المتجددة ومناطق اقتصادية خاصة قيد التنفيذ”.
وأكد أن “هناك قدرا كبيرا من المشتركات في رؤيتينا اللتين تتوافقان في العديد من الجبهات وسترون هذا في العمل بالفعل.. إن الوتيرة الهائلة للنشاط الاقتصادي في بلدينا تفتح فرصا كبيرة لحكومتينا وشركاتنا للتعاون والتنسيق”.
وقال بهذا الصدد إن الكويت والهند “تتمتعان بشراكة أوسع نطاقا في عدد كبير من المجالات بغض النظر عن شراكتنا التقليدية في قطاع الطاقة.. وتشمل هذه المجالات التعليم والمهارات والتكنولوجيا والتعاون الدفاعي”.
وأشار إلى أن عددا من الشركات الهندية يشارك بالفعل في تنفيذ مشاريع البنية الأساسية في قطاعات مختلفة في الكويت وفي المقابل هناك أيضا استثمارات من شركات كويتية في الهند واصفا إياها بأنها “شراكة مفيدة للطرفين بالمعنى الحقيقي للكلمة”.
وفيما يتعلق بالشراكة الثنائية بين الكويت والهند في قطاع الطاقة أفاد مودي بأن “الطاقة ركيزة مهمة لشراكتنا الثنائية فقد تجاوزت تجارتنا في هذا القطاع العام الماضي 10 مليارات دولار”.
وأضاف أن “الشراكة في مجال الطاقة بين الهند ودولة الكويت ليست مجرد ركيزة لعلاقاتنا الاقتصادية بل إنها أيضا محرك للنمو المتنوع والمستدام.. نحن نرسم مسارا نحو مستقبل من الرخاء المشترك وأمن الطاقة والرعاية البيئية”.
وذكر مودي أن دولة الكويت والهند احتلتا باستمرار مرتبة بين أكبر عشرة شركاء تجاريين عالميين في قطاع الطاقة مشيرا إلى أن الشركات الهندية تشارك بنشاط في استيراد النفط الخام والغاز المسال ومنتجات البترول من الكويت فيما تصدر أيضا منتجات البترول إلى الكويت.
وأوضح أن دولة الكويت تحتل حاليا المرتبة السادسة كأكبر مورد للنفط الخام للهند والمرتبة الرابعة كأكبر مورد للغاز البترولي المسال لها.
وأكد أن هناك مجموعة كبيرة من المجالات الجديدة للتعاون بين الجانبين كتجارة الهيدروكربونات التقليدية والحلول منخفضة الكربون مثل الهيدروجين الأخضر والوقود الحيوي وتقنيات احتجاز الكربون بالإضافة إلى قطاع البتروكيماويات.
ولفت رئيس الوزراء الهندي إلى أنه يمكن لرؤية الكويت الطموحة للبتروكيماويات بموجب استراتيجيتها لمشاريع الطاقة بحلول 2040 أن تفتح الأبواب أمام الاستثمار المشترك وتبادل التكنولوجيا والنمو المتبادل فهناك مجال هائل لإدخال التقنيات المتقدمة وتعزيز الابتكار عبر سلسلة قيمة الطاقة.
وعن التقارب الثقافي بين الهند والكويت وسبل تأثير القوة الناعمة للهند على انتشارها العالمي اعتبر أن تراث الهند وروحها الحضارية يشكلان أساس قوتها الناعمة قائلا “لقد نمت القوة الناعمة للهند بشكل كبير جنبا إلى جنب مع توسع حضورها العالمي وخاصة على أمد العقد الماضي”.
وأوضح أنه “في الكويت والخليج تبرز الأفلام الهندية كمثال رئيس على هذا الترابط الثقافي.. لقد رأينا أن الناس في الكويت لديهم ولع خاص بالسينما الهندية وقيل لي إن هناك ثلاثة عروض أسبوعية على تلفزيون الكويت عن الأفلام والممثلين الهنود”.
وتابع “وبالمثل فإننا نشترك في العديد من السمات في مطبخنا وتقاليدنا في الطهي.. كما أسفرت قرون من التواصل عن أوجه تشابه لغوية ومفردات مشتركة.. إن تنوع الهند وتأكيدها على السلام والتسامح والتعايش يتردد صداهما مع قيم المجتمع متعدد الثقافات في الكويت.. إن مجتمعنا الهندي النابض بالحياة يعمل كجسر حي بين البلدين”.
وأعرب مودي عن سعادته “بأن برنامجا أسبوعيا باللغة الهندية بدأت إذاعة الكويت الوطنية ببثه بعنوان (ناماستي الكويت) هذا العام” قائلا “لقد تحدثت عنه في برنامجي الشهري مان كي بات (التحدث من القلب) والناس في الهند يشعرون بالسعادة لسماع ذلك”.
وحول وجود جاليات هندية كبيرة في مختلف أنحاء العالم والكويت ليست استثناء من ذلك حيث يشكل الهنود أكبر جاليات مهاجرة وكيف يرى دور الجالية الهندية في تشكيل العلاقات مع الدول المضيفة ورسالته للجالية الهندية في الكويت قال مودي إن “الجالية الهندية التي يبلغ تعدادها نحو مليون نسمة في الكويت تعمل كجسر حيوي بين الجانبين”.
وبهذا الصدد أعرب رئيس الوزراء الهندي عن “الشكر لصاحب السمو أمير البلاد وحكومة دولة الكويت على رعايتهم الكريمة للجالية الهندية.. ستتاح لي الفرصة للقاء الجالية الهندية”.
وأوضح أن “الهنود في الكويت هم أكبر جالية ولقد ساهموا بشكل كبير في تنميتها كأطباء ورجال أعمال وعمال بناء ومهندسين وممرضين ومهنيين آخرين وهذا يعني أيضا أن هناك مليون سفير هندي يغذون روابط الصداقة والتعاون بين دولتينا الصديقتين”.
وتابع أنه “مع رفع مستوى علاقتنا مع الكويت إلى شراكة استراتيجية أعتقد أن دور الجالية الهندية سينمو وأنا على ثقة بأن السلطات الكويتية تدرك المساهمات الهائلة لهذا المجتمع النابض بالحياة وستستمر في تقديم التشجيع والدعم”.
وأضاف مودي “رسالتي إلى إخوتي وأخواتي الهنود في الكويت هي أنه يجب أن يستمروا في رعاية ودعم هذه الصداقة الخاصة التي تربطنا بهذا البلد العظيم.. أقول لهم إنه حتى مع احتفاظكم بالوطن الأم في قلوبكم.. يجب أن تستمروا في تكوين روابط قوية مع موطن عملكم وشعبه الأبي”.
وتطرق إلى النمو الاقتصادي الملحوظ في الهند “ما أدى إلى وضعها في المرتبة الخامسة من حيث الحجم الاقتصادي العالمي وجعلها مركزا للابتكار والاستثمار” لافتا انتباه المستثمرين الكويتيين إلى الفرص المتاحة وسبل المشاركة والمساهمة في قصة النمو بالهند.
وقال مودي إن “الشعب الهندي تعهد بجعل بلاده دولة متقدمة بحلول العام 2047 ونحن حاليا من بين أسرع الاقتصادات الكبيرة نموا في العالم.. في أقل من عقد من الزمان انتقلنا من كوننا الحادي عشر من حيث الحجم إلى خامس أكبر اقتصاد في العالم ونحن نستعد لنصبح ثالث أكبر اقتصاد قريبا”.
وبين أن هذا النمو يخلق فرصا هائلة للاستثمار في مجموعة متنوعة من القطاعات.. إن وتيرة تطوير البنية التحتية في الهند تسير بصورة استثنائية سواء كانت الطرق السريعة أو السكك الحديدية أو المطارات أو الموانئ أو شبكات الطاقة أو الاتصال الرقمي”.
وتابع أنه “على مدار العقد الماضي ضاعفنا عدد مطاراتنا من 70 في العام 2014 إلى أكثر من 150 في العام 2024 وفي السنوات الخمس المقبلة ستشهد 31 مدينة هندية إدخال أنظمة النقل باستمرار قطارات المترو كما تضاعف عدد مؤسسات التعليم وتنمية المهارات منذ العام 2014 مما يعكس التركيز القوي على تنمية رأس المال البشري ويدعم ذلك التركيبة السكانية المؤاتية والقوى العاملة ذات المهارات العالية”.
وذكر أن الاقتصاد الرقمي والخدمات يعملان على زيادة الإنتاجية وتعزيز الكفاءة وخلق طلب استهلاكي جديد.. “ما يقرب من 50 بالمئة من جميع المدفوعات الرقمية العالمية تحدث في الهند.. التكنولوجيا تغير وجه الاقتصاد الهندي بدءا من الطائرات من دون طيار وحتى الهيدروجين الأخضر”.
وقال إن “استقرارنا السياسي وقابلية التنبؤ بالسياسات ونهجنا التجاري الموجه نحو الإصلاح الهند جعل الهند نقطة جذب للاستثمار العالمي والتصنيع وسلسلة التوريد.. وتستقطب قصة النمو الهندية شركات التصنيع العالمية العاملة في مختلف القطاعات من أشباه الموصلات والطائرات والطائرات من دون طيار وحتى المركبات الإلكترونية لإنشاء مقر في البلاد”.
وبين أن “البيئة الاقتصادية الديناميكية في الهند تتميز أيضا بالابتكار وريادة الأعمال في ضوء الزيادة الملحوظة في الشركات الناشئة إذ شهد قطاع التصنيع ارتفاعا كبيرا مما دفع باتجاه النمو المحلي وتوسع الصادرات.. ويؤكد الطلب المتزايد من المستهلكين الذي تغذيه الطبقة المتوسطة التي تتوسع بسرعة على حيوية الاقتصاد الهندي”.
وأضاف مودي “في جميع أنحاء العالم إذا كان هناك بلد ينمو بسرعة ويزيد من سهولة ممارسة الأعمال ويتمتع بالاستقرار والشفافية للمستثمرين الدوليين.. فهذه هي الهند.. ونتيجة لذلك تعد بلادنا واحدة من أكثر الوجهات جاذبية للاستثمار الدولي”.
وبهذا الشأن أفاد بأن الهند “ليست سوقا جديدة للمستثمرين الكويتيين فهناك العديد من الشركات الكويتية التي ترسخت بعمق في النظام البيئي للأعمال الهندية وتتمتع بمواقع قيادية في صناعاتها المعنية.. إن نظامنا الصديق للمستثمرين واقتصادنا عالي النمو يتطلعان إلى الترحيب بالعديد من الشركات الأخرى”.
وذكر أن “قطاع السياحة في الهند يقدم بعدا آخر من القوة الناعمة.. ومن خلال إدراج 43 موقعا للتراث العالمي لليونسكو إلى جانب الجهود الجارية لتعزيز المرافق السياحية توفر الهند مزيجا فريدا من التاريخ والثقافة والجمال الطبيعي.. بالنسبة لمجتمع مثل الكويت الذي نتشارك معه في ارتباط تاريخي غني فإن فرص السياحة في الهند تشكل دعوة لاستكشاف وتعميق روابطنا الثقافية المشتركة”.
إلى ذلك ذكر مودي أنه في مرحلة ما بعد جائحة (كوفيد 19) كان هناك اهتمام عالمي متزايد بالممارسات الصحية “حيث اكتسبت اليوجا شعبية هائلة كرمز للتراث الثقافي للهند.. هناك أيضا وعي متزايد بممارساتنا الصحية التقليدية بدعم من مؤسسات مثل مركز الطب التقليدي العالمي التابع لمنظمة الصحة العالمية في ولاية جوجارات الذي يسلط الضوء على ريادة الهند في هذا المجال”.
وعن أهمية دول مجلس التعاون الخليجي لدول الخليج العربية بالنسبة للهند قال مودي إن “مجلس التعاون الخليجي ككيان جماعي له أهمية حيوية بالنسبة للهند إذ تشكل دوله الجوار المباشر للهند ويفصل الجانبين فقط بحر العرب”.
وأضاف أن “العلاقة بين الهند ودول مجلس التعاون الخليجي متجذرة في الروابط التاريخية والثقافية والتجارية والقيم المشتركة التي تعززت وتطورت إلى شراكة عبر مختلف المجالات”.
وذكر أن دول مجلس التعاون تمثل نحو سدس إجمالي تجارة الهند وتستضيف حوالي ثلث الجاليات الهندية فهناك نحو 9 ملايين هندي يقيمون فيها وهم يشكلون مجتمعا مهما فيها ويساهمون بشكل إيجابي في نموها الاقتصادي وتنميتها.
وأشار مودي إلى أنه تم عقد الاجتماع الوزاري الأول المشترك للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون والهند في سبتمبر الماضي على مستوى وزراء الخارجية في الرياض بحضور وزير الخارجية الهندي سوبراهمانيام جايشانكر.
وأوضح أنه تم اعتماد خطة عمل مشتركة بين الجانبين في هذا الاجتماع لتعزيز التعاون في مجموعة متنوعة من المجالات بما في ذلك الحوار السياسي والأمن والتجارة والاستثمار والطاقة والصحة والتعليم والزراعة والأمن الغذائي والنقل والثقافة.
وهنأ قيادة الكويت على استضافة مؤتمر القمة الـ45 لمجلس التعاون الخليجي بنجاح مطلع شهر ديسمبر الجاري مؤكدا ثقته بأن العلاقات الهندية – الخليجية ستتعزز أكثر تحت رئاسة الكويت للمجلس.
وأشار رئيس وزراء الهند إلى وجود قواسم مشتركة مع البلدان النامية من حيث التاريخ وتطلعات الشعوب “لذلك فإننا لا نفهم مخاوفهم فحسب بل نشعر بها أيضا.. لقد أثرت الصراعات المستمرة والتحديات الناتجة عن الغذاء والوقود والأسمدة بالإضافة إلى تغير المناخ على دول الجنوب بشكل سلبي”.
وتابع مودي “لقد كانت الهند صديقا للعالم وشريكا موثوقا به في التنمية لجنوب العالم وكانت أول من استجاب في أوقات الأزمات لهم وللآخرين ورائدة في العمل المناخي وقاطرة للنمو الشامل والتنمية”.
وبين أنه عندما ضربت جائحة (كوفيد 19) العالم قمنا بتزويد أكثر من 100 دولة باللقاحات والإمدادات الطبية استرشادا بفلسفتنا القديمة (العالم أسرة واحدة) فيما أعطينا صوتا لمخاوف البلدان النامية عندما تولينا رئاسة مجموعة العشرين (جي 20) استرشادا بالروح الحضارية نفسها”.
وأفاد بأن الهند تشرفت بأن أصبح الاتحاد الإفريقي عضوا دائما في مجموعة (جي 20) في قمة نيودلهي العام الماضي ما شكل إنجازا تاريخيا للجنوب العالمي فيما استضافت ثلاث قمم لصوت الجنوب العالمي للاستجابة للاحتياجات الملحة للشعوب والعمل على تلبيتها.
وأكد أن بلاده أثبتت باستمرار أنها تفعل ما تقول سواء كان الأمر يتعلق بمشاريع التنمية التي تقوم بها مع الشركاء في الجنوب العالمي أو مناصرتها للإصلاحات متعددة الأطراف أو السعي إلى زيادة الموارد المالية والوصول إلى التكنولوجيا للدول النامية.
وقال مودي في هذا الصدد “لقد تبادلنا الخبرات مع البلدان النامية الأخرى وتعلمنا من بعضنا البعض.. نحن شركاء متميزون للجنوب العالمي في سعينا المشترك من أجل كوكب أفضل”.
في سياق آخر وبالنسبة للصراع في قطاع غزة وفي أوكرانيا قال رئيس الوزراء الهندي: “لقد دعمنا باستمرار الحل السلمي للصراعات من خلال الحوار والدبلوماسية.. إنني أعتقد اعتقادا راسخا بأن الحلول لا يمكن أن توجد في ساحة المعركة”.
وذكر أن الهند أبدت استعدادها للمساعدة في دعم الجهود الجادة التي يمكن أن تؤدي إلى استعادة السلام باعتبارها من الجوانب البارزة في نهجها تجاه الصراعات المختلفة بما في ذلك الوضع في غزة وأوكرانيا.
وأعرب مودي عن قلق بلاده إزاء اتساع الصراع في غزة وتأثيره على الاستقرار في المنطقة وكذلك الوضع الإنساني في القطاع إذ دعت إلى إيقاف إطلاق النار والإفراج عن جميع الأسرى مؤكدا أن بلاده “تواصل دعم حل الدولتين المتفاوض عليه من أجل إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ومستقلة وقابلة للحياة داخل حدود آمنة ومعترف بها”.
وعلى الجانب الإنساني أوضح “اننا نواصل تقديم المساعدات الإنسانية إلى الشعب الفلسطيني إذ أرسلنا 70 طنا من المساعدات الإنسانية في وقت مبكر من الصراع وقدمنا 65 طنا تقريبا من الأدوية في الشهر الماضي وساهمنا بمبلغ 10 ملايين دولار على أمد العامين الماضيين لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)”.
وتابع “لقد أكدنا في تعاملاتنا مع مختلف البلدان الشريكة أهمية المشاركة الصادقة والعملية بين أصحاب المصلحة من أجل سد فجوة الخلافات وتحقيق تسويات تفاوضية”.
وتطرق إلى المبادرات المتعلقة بالاستدامة البيئية التي تدعمها بلاده مثل (التحالف الدولي للطاقة الشمسية) و(التحالف من أجل البنية الأساسية المقاومة للكوارث) و(التحالف العالمي للوقود الحيوي) و(أرض واحدة.. عالم واحد) و(شمس واحدة.. عالم واحد.. شبكة واحدة) قائلا إنها تعمل كمنصات لجميع الدول لمعالجة تغير المناخ بشكل جماعي.
وأضاف أن “هذه المبادرات تعزز الاستدامة البيئية وبناء البنية الأساسية المقاومة للكوارث وتدفع التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة” حاثا المزيد من البلدان على الانضمام إلى هذه المبادرات من أجل تحقيق الخير العالمي.
وذكر مودي أن العالم يواجه العديد من التحديات ولكن لا يوجد منها أكثر إلحاحا من تغير المناخ.. كوكبنا تحت ضغط ونحن بحاجة إلى عمل جماعي عاجل للتصدي لهذه التحديات يشمل المجتمع العالمي بأكمله فلا أحد يستطيع القيام بذلك بمفرده ويجب أن نتكاتف معا”.
وأضاف “نريد أن نقود ونجمع كل البلدان معا لتعزيز العمل لمصلحة الكوكب.. هذه هي الفكرة وراء دعمنا للمبادرات العالمية الخضراء المختلفة.. إن فكرنا وأفعالنا في هذا الصدد مبنيان على الفلسفة الهندية القديمة (العالم أسرة واحدة)”.
وأشار إلى أن “موضوع رئاسة الهند لقمة مجموعة (جي 20) العام الماضي (أرض واحدة وعالم واحد ومستقبل واحد) يعكس هذه الفلسفة أيضا فرعاية أمن الأرض مسؤولية جماعية ونحن مدينون بذلك لأجيالنا القادمة”.