– أعلن نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو أداة عالمية لقياس أزمات الجوع، يوم الثلاثاء، حدوث مجاعة في 5 مناطق بالسودان ، فيما تأكد خطرها في 17 منطقة إضافية.
و علّق السودان مشاركته في نظام التصنيف المرحلي، حيث اتهم وزير الزراعة السوداني،التصنيف المرحلي بـ “إصدار تقارير غير موثوقة تقوض سيادة السودان وكرامته”.
وقال التصنيف، في تقرير أصدره الثلاثاء وتلقته “سودان تربيون”، إن “المجاعة موجودة في 5 مناطق على الأقل في السودان، ويتوقع وقوعها في 5 مناطق أخرى بين ديسمبر الحالي ومايو 2025، فيما تأكد خطرها على17 منطقة إضافية”.
وأوضح التقرير أن المجاعة موجودة في مخيمات زمزم وأبو شوك والسلام بولاية شمال دارفور، وجبال النوبة الغربية بولاية جنوب كردفان، متوقعًا استمرارها وتوسعها إلى أم كدادة ومليط والفاشر والطويشة واللعيت في شمال دارفور بين ديسمبر 2024 ومايو 2025.
وأفاد التقرير بأن خطر المجاعة يواجه مناطق جبال النوبة الوسطى، بما في ذلك دلامي وغرب كادوقلي وأم دورين والبرام بجنوب كردفان، إضافة إلى طويلة ونيالا جنوب ونيالا شمال وبليل وشطايا وبرام وكاس في جنوب دارفور، علاوة على مدني الكبرى وشرق ولاية الجزيرة والفردوس بشرق دارفور ومايو جنوبي الخرطوم.
وتعلن لجنة مراجعة المجاعة، وهي فريق مستقل في مجال الأمن الغذائي والتغذية والوفيات، حدوث مجاعة في أي منطقة عندما تواجه 20% من الأسر نقصًا حادًا في الغذاء، ويعاني 30% من الأطفال من سوء التغذية الحاد، ويكون معدل الوفيات اليومي 2 لكل 10 آلاف شخص أو 4 لكل 10 أطفال دون سن الخامسة.
وأرجع التقرير حدوث المجاعة إلى النزاع المسلح والنزوح القسري، داعيًا إلى اتخاذ إجراءات فورية لتحقيق وقف إطلاق النار وحماية المدنيين.
وشدد على أن المجاعة هي أشد مظاهر المعاناة الإنسانية تطرفًا، حيث تمثل انهيارًا كارثيًا للأنظمة والموارد الضرورية للبقاء على قيد الحياة. كما أنها ليست مجرد نقص في الغذاء وإنما انهيار عميق للصحة وسبل كسب العيش، مما يترك مجتمعات بأكملها في حالة من اليأس.
وتوقع التقرير استمرار الصراع في شمال دارفور حتى مايو المقبل، مرجحًا استمرار حصار الفاشر، عاصمة الولاية، إلى مطلع العام القادم، مما يدفع سكانها والنازحين في مخيمي أبو شوك والسلام إلى الفرار لمخيم زمزم وطويلة ومحليات جنوب وغرب دارفور.
ورجح أن يؤدي تصاعد النزاع في الفاشر إلى تسارع تدفق النازحين إلى زمزم حتى مع مواجهة المخيم لعمليات التوغل العسكري والغارات الجوية.
وقصفت قوات الدعم السريع، اعتبارًا من مطلع ديسمبر الجاري، مخيم زمزم عدة مرات، حيث تسعى إلى فصل المخيم عن الفاشر التي ظلت تهاجمها منذ 10 مايو السابق في محاولة للسيطرة على آخر موقع حضري يتواجد فيه الجيش بإقليم دارفور.
وذكر التقرير أن أم كدادة ستكون الهدف التالي لهجمات الأطراف المتحاربة بعد الفاشر، مما يؤدي إلى نزوح عدد أكبر من الأشخاص إلى طويلة والطويشة واللعيت.
وأضاف : “في أسوأ السيناريوهات، يتوسع الصراع ويتصاعد شمال وغرب الفاشر ومليط وأم كدادة وما حولها، مما يؤثر على اللعيت والطويشة ويمتد التأثير إلى المحليات المجاورة في غرب كردفان، جنوب شرق شمال دارفور”.
وتوقع التقرير أن تشهد المناطق الحضرية في غرب وجنوب كردفان، بما في ذلك كادقلي والدلنج والمناطق الريفية على حافة الأراضي المتنازع عليها، استمرار النزاع بين الأطراف المسلحة.
وأضاف التقرير: “يظل الصراع على طول ممرات النقل الرئيسية عبر الأبيض في شمال كردفان محتملاً طوال فترة التوقعات – أي حتى مايو المقبل – فيما تواجه الدلنج حصارًا مطولًا”.
واستبعد تصاعد العمليات العسكرية في مخيم السلام ونيالا جنوب ونيالا شمال وبليل وشطايا وكاس حتى مايو المقبل، لكنه شدد على أنها ستشهد هجمات على مجموعات عرقية محددة.
وأفاد بأن هذه الهجمات ستؤدي إلى زيادة النزوح وتعميق التفتت الاجتماعي، مما يفرض ضغوطًا إضافية على الموارد والخدمات الشحيحة، خاصة الغذاء والمياه والمأوى والرعاية الصحية.
وتوقع التقرير استمرار الصراع بين الجيش والدعم السريع في مدني الكبرى وشرق الجزيرة، مما يقود إلى زيادة النزوح إلى مناطق أخرى في الجزيرة وإلى القضارف وعبر الحدود.
وأضاف: “تخطيط الصراع الحالي القائم على النقاط الساخنة من شأنه أن يوسع نطاق النزاع في معظم محليات ولاية الجزيرة، مع نزوح كبير إلى القضارف وسنار والنيل الأبيض، اعتمادًا على الوضع الأمني في تلك الولايات”.
ورجح التقرير استمرار تأثير النزاع المكثف في الخرطوم بحري والخرطوم وجبل أولياء على زيادة حركة النزوح.
وشدد التقرير على أن انعدام الأمن في شمال دارفور سيقيد وصول المساعدات من تشاد وبورتسودان، مما يتسبب في حدوث اضطرابات كبيرة في الإغاثة الغذائية والتغذوية.
وقال التقرير إن النزاعات المسلحة ونقاط التفتيش في شمال دارفور ستضر بعمليات التجارة، فيما يظل الوصول إلى الفاشر صعبًا مع ارتفاع تكاليف النقل.
وأوضح أن خطة توسيع نطاق المساعدات الإنسانية تواجه تحديات كبيرة، حيث إن مليط وأم كدادة معزولتان عن الطرق الرئيسية، بينما يفرض استخدام طرق بديلة مخاطر عالية وتكاليف نقل مرتفعة.
ولم يستبعد التقرير أن يؤدي القتال إلى عرقلة تدفق المساعدات إلى الفاشر ومليط وأم كدادة بالكامل، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وبيّن التقرير أن النهب والضرائب المرتفعة والقيود المفروضة على التنقل وارتفاع الأسعار ستحد من إمكانية وصول السلع والخدمات إلى غرب وجنوب كردفان.
وأوضح أن تعطيل طرق الإمداد والنقل في جنوب دارفور سيعيق حركة التجارة جزئيًا، مما يؤدي إلى نقص إمدادات الغذاء والمياه والمستلزمات الطبية.
وتوقع التقرير استمرار تدهور الوضع الإنساني في السودان بشكل كبير خلال الأشهر المقبلة، حيث ساهم النزاع، وتقييد حركة السلع، والوصول المحدود إلى المساعدات، وتضخم الأسعار، ومشاكل توفر النقد، وتفشي الملاريا والكوليرا في تفاقم الوضع خلال الأشهر الماضية.
وقال إن 24.6 مليون سوداني يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي، منهم 15.9 مليون شخص في مرحلة الأزمة، و8.1 مليون فرد في مرحلة الطوارئ، و638 ألف شخص في مرحلة الكارثة أو المجاعة.
وأشار التقرير إلى أن الغذاء غير متاح لـ90% من الأسر النازحة، كما يحتاج 80% من النازحين إلى الخدمات الصحية التي أبلغ 29% من الفارين عن عدم قدرتهم على تحمل تكاليفها أو عدم توفرها.
وأضاف: “لم يكن هناك تحسن كبير في فرص كسب العيش منذ أغسطس 2024، ولم يكن لدى 77% من الأسر النازحة مصادر دخل كافية”.
وذكر أن السودان يضم أكثر من 11.5 مليون نازح، أكثر من نصفهم تقل أعمارهم عن 18 عامًا، يعيش معظمهم في ظل أوضاع إنسانية غاية في السوء دون القدرة على الوصول إلى الغذاء والمياه والمأوى وخدمات الصحة والتعليم.