أثناء احتفال دول العالم بنهاية عام 2024 واستقبال العام الجديد، كان بعض السودانيين في منطقة شمبات في الخرطوم بحري ومناطق أخرى يقضون الساعات الأخيرة من العام في محاولة الوصول بأمان إلى المقابر لوداع أقاربهم وجيرانهم الذين سقطوا بسبب القصف الجوي والبري الذي استهدف العديد من المناطق في البلاد، حيث تعيش البلاد في حالة حرب مستمرة منذ أبريل 2023.
أدى الصراع إلى وفاة أكثر من 150 ألف شخص وشرد حوالي 15 مليون شخص من منازلهم، وجعل أكثر من 25 مليون شخص يعانون من الجوع في ظل تدهور اقتصادي شديد وتدمير هائل للبنية التحتية، وفقاً لتقديرات المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، توم بيرييلو.
تجلى الكارثة الإنسانية التي يواجهها البلاد في رحيل حوالي ثلث سكان السودان في عام 2024 إلى النزوح، حيث تم إجبارهم على ترك منازلهم بسبب الحرب والفرار منها إلى أماكن اللجوء، في وجه كارثة إنسانية لم تشهدها البلاد من قبل.
خلال عام 2024، كانت الأوضاع الإنسانية تتدهور والصور الدامية والدمار الذي أصاب معظم جوانب الحياة في السودان، هو العنوان الرئيسي الذي تصدرته وسائل الإعلام العالمية. وقد وصف الصحفي محمد المختار عام 2024 بأنه العام الذي دُفنت فيه أحلام السودانيين في إنهاء الحرب وإيقاف الدماء والعودة إلى حياة طبيعية في منازلهم.
قال المختار لموقع “سكاي نيوز عربية”: “نجح مؤيدو استمرار الحرب في إفشال جميع محاولات التفاوض لوقف النزاع، وبدأت الغشاوة في أعين الكثير من السودانيين بالتلاشي تدريجيًا بسبب تصريحات تنظيم الإخوان التي هددت بالحرب وأشعلتها فعليا.”
تميزت انتهاكات الحرب ضد المدنيين بوصفها السمة الرئيسية لعام، وقد أكده تقرير بعثة الأمم المتحدة الذي رفضته الحكومة الحالية في بورتسودان. شهد هذا العام اعتقال ومطاردة أكثر من 3000 شخص بسبب العرق أو التوجه السياسي، إلى جانب مقتل أكثر من 4000 شخص جراء القصف الجوي، وتصفية العديد من المدنيين الأبرياء في الخرطوم بحري ومناطق أخرى.
أشارت رحاب المبارك، عضو مجموعة محامو الطوارئ، إلى أن سمة عام 2024 كانت التهجير القسري والجرائم القتل المنهجي المرتبطة بالهوية، بالإضافة إلى انتشار خطاب الكراهية والفصل العنصري، وارتكاب انتهاكات صارخة ضد المدنيين عبر القصف البري والجوي واستهداف الطائرات المسيرة.
أوضحت المبارك لموقع “سكاي نيوز عربية” أن العام شهد عمليات انتقام واسعة من قبل أطراف النزاع، مما سبب موجة تهجير قسري لآلاف السكان في العديد من القرى والمدن، بالإضافة إلى وجود مئات المعتقلين في السجون بسبب اتهامات بالانتماء أو الولاء لطرف معين.
خلال العام الماضي، لقي العشرات من آلاف الأشخاص حتفهم جراء القصف الجوي والأرضي المتواصل، وأيضا بسبب الجوع وانتشار الأمراض المعدية نتيجة خروج أكثر من 70% من المستشفيات والمرافق الصحية عن الخدمة.
أشارت استشارية الأمراض الوبائية، أديبة السيد، إلى أن عام 2024 كان الأسوأ بالنسبة للقطاع الصحي، حيث تعرضت المستشفيات والمرافق الصحية لتدمير ممنهج. وأوضحت لموقع “سكاي نيوز عربية” أن الحالة الصحية وصلت إلى مستويات كارثية، حيث انتشرت أمراض مثل الكوليرا وحمى الضنك، مما أدى إلى وفاة الآلاف، وتزايدت حالات الإصابة بأمراض أخرى مثل الملاريا والسل بسبب نقص حاد في العمليات التطعيمية.
أشار السيد إلى تفاقم معاناة كبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة، وانخفاض كبير في الصحة الإنجابية، حيث فقدت 680 ألف امرأة حياتهن أثناء الولادة.