قامت الولايات المتحدة بمشاركة معلومات استخباراتية سرية حول تهديدات من تنظيم “داعش” مع الحكومة الجديدة في سوريا، والتي يديرها قادة جماعة مسلحة طالما اعتبرتها واشنطن منظمة إرهابية، وفقًا للعديد من المسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين المطلعين على هذه التبادلات، بحسب ما كشفت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير حصري.
وفي حالة واحدة على الأقل، ساعدت المعلومات الاستخباراتية الأميركية في إحباط مخطط لتنظيم “داعش” للهجوم على ضريح ديني خارج دمشق في وقت سابق من هذا الشهر، بحسب المسؤولين.
تعكس هذه القناة السرية مع “هيئة تحرير الشام”، التي أطاحت بنظام الرئيس السابق بشار الأسد الشهر الماضي، تزايد القلق الأميركي من احتمالية عودة تنظيم “داعش” إلى الظهور بينما يحاول قادة سوريا الجدد تعزيز سيطرتهم.
تعامل حذر يدفع هذا التعاون الاهتمام المشترك بمنع عودة التنظيم، لكنه لا يعكس قبولًا كاملاً بـ”هيئة تحرير الشام”، التي لا تزال مصنفة كمنظمة إرهابية، حسبما صرح المسؤولون.وقال أحد المسؤولين الأميركيين السابقين، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: “كان من الصواب والحكمة القيام بذلك نظرًا لوجود معلومات موثوقة ومحددة حول تهديدات تنظيم داعش، إلى جانب جهودنا لبناء علاقة مع هؤلاء الأشخاص”.
في الأيام الفوضوية التي تلت سقوط نظام الأسد، بدأت إدارة جو بايدن في التعامل بحذر مع “هيئة تحرير الشام” وزعيمها أحمد الشرع، المعروف سابقًا باسمه الحركي أبو محمد الجولاني.
وقد حاول الشرع إرسال إشارات بالاعتدال عبر التواصل مع قادة العالم وتعهد بعدم اضطهاد الأقليات الدينية في سوريا.وتقول الصحيفة إنه من غير الواضح ما هي السياسة التي سيتبعها الرئيس دونالد ترامب تجاه الحكومة الجديدة في سوريا.
لكنه أعرب عن رغبته في البقاء بعيدًا عن شؤون البلاد، قائلاً على وسائل التواصل الاجتماعي الشهر الماضي: “هذا ليس قتالنا”.
ووفقًا للمسؤولين، تم تبادل المعلومات الاستخباراتية مع “هيئة تحرير الشام” مباشرة بين المسؤولين الأميركيين وممثلي الجماعة، سواء داخل سوريا أو في بلد ثالث. وبدأ هذا التعاون بعد حوالي أسبوعين من تولي “هيئة تحرير الشام” السلطة في 8 ديسمبر.
في 11 يناير، أحبطت الحكومة السورية مخططًا لتنظيم “داعش” لتفجير قنبلة في ضريح السيدة زينب، وهو مزار شيعي وموقع رئيسي للحج في ضاحية بدمشق.
وأشار تقرير لوكالة الأنباء السورية الرسمية إلى أن التحذيرات التي قدمتها الوكالات الاستخباراتية الأميركية ساهمت في منع هذا الهجوم.
ورفضت وكالة المخابرات المركزية الأميركية التعليق، لكن أحد المسؤولين السابقين أوضح: “نشارك معلومات استخباراتية مع الروس، ومع الإيرانيين في بعض الحالات، عندما تكون هناك تهديدات محددة وعندما يكون لدينا واجب بالتحذير. هذا جزء من جهود تطوير العلاقة مع هيئة تحرير الشام، لكنه ليس استثنائيًا”.