كشفت صحيفة “واشنطن بوست”، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين، أن الولايات المتحدة شاركت معلومات استخباراتية سرية مع الحكومة السورية الجديدة، بهدف مواجهة التهديدات التي يشكلها تنظيم داعش في المنطقة.
وأفادت الصحيفة بأن هذه الخطوة تأتي في إطار تعاون محدود بين الطرفين، رغم الخلافات السياسية والأيديولوجية العميقة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاستخبارات الأمريكية ساعدت، على الأقل في حالة واحدة، في إحباط مخطط لتنظيم داعش تنفيذ هجوم على مزار ديني خارج دمشق في وقت سابق من هذا الشهر.
وتمثلت المحاولة الإرهابية في استهداف مقام السيدة زينب، وهو موقع مقدس لدى الطائفة الشيعية، في 11 كانون الثاني/يناير الجاري.
وبحسب المسؤولين الأمريكيين، فإن المعلومات الاستخباراتية التي قدمتها واشنطن كانت حاسمة في منع وقوع الهجوم.
وأضافت الصحيفة أن تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الجانبين “جرى خلال لقاءات مباشرة بين مسؤولي الاستخبارات الأمريكية وممثلين عن هيئة تحرير الشام، التي تسيطر على جزء كبير من الأراضي السورية”.
وبدلاً من الاعتماد على أطراف ثالثة، تمت هذه اللقاءات بشكل مباشر، مما يعكس مستوى غير مسبوق من التعاون بين الطرفين.
وبحسب المسؤولين الأمريكيين، فإن المعلومات الاستخباراتية التي قدمتها الولايات المتحدة ساهمت بشكل مباشر في إحباط محاولة تفجير استهدفت مزاراً دينياً في ضواحي دمشق أوائل هذا الشهر.
وأكدت المصادر أن هذا التعاون ينبع من مصلحة مشتركة بين واشنطن والإدارة السورية الجديدة في منع عودة تنظيم داعش، الذي لا يزال يشكل تهديداً أمنياً كبيراً في المنطقة.
ومطلع الشهر الجاري، دعا وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في تصريح له اليوم خلال مؤتمر صحفي إلى ضرورة استمرار وجود القوات الأمريكية في سوريا، مشيراً إلى أن هذا الوجود يعد حيوياً لمنع عودة تهديد تنظيم داعش الإرهابي، خاصة بعد سقوط نظام الأسد السابق.
وأوضح مسؤول أمريكي سابق، طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع، أن “هذه الخطوة كانت ضرورية وصائبة بناءً على معلومات موثوقة ومحددة حول تهديدات داعش. وهي تتماشى مع جهودنا لتطوير علاقة عملية مع الهيئة”.
ووفقاً للصحيفة، فإن هذا التعاون يأتي في أعقاب سقوط نظام الأسد السابق في 8 كانون الأول/ديسمبر الماضي، وهو الحدث الذي أدى إلى تغييرات جذرية في المشهد السياسي السوري.
ومنذ ذلك الحين، بدأت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في التواصل بحذر مع هيئة تحرير الشام وقائدها أحمد الشرع، المعروف سابقاً بلقب “أبو محمد الجولاني”.
وحول تلك التفاصيل وفيما إذا كان هذا التعاون بين واشنطن والإدارة السورية الجديدة يعني التخلي عن قسد؟ قال الباحث والكاتب علي تمي لمنصة سوريا ٢٤: “أعتقد أن التنسيق بين واشنطن وتحرير الشام فيما بعد الإدارة الجديدة في دمشق كان قائما منذ زمن بعيد، والكثيرون يتذكرون منا كيف كانت الطائرات الأميركية كانت تستهدف شخصيات من القاعدة في ريف إدلب بيّن الفينة والأخرى، وأعتقد كان ذلك يتم بالتنسيق المشترك”.
وأضاف: “وبالنسبة لتدخل واشنطن لمنع تفجير مزار ديني في دمشق هو في إطار تبادل المعلومات والتنسيق المشترك ومع وجود حكومة جديدة في دمشق يمثل جميع السوريين، وبالتالي لم تعد هناك حاجة أو تبرير لوجود قسد، واتوقع هذا مرتبط بالتفاهمات المرتقبة بين أنقرة وواشنطن”.
وقبل نحو أسبوعين، نجح جهاز الاستخبارات العامة بالتعاون مع إدارة الأمن العام في ريف دمشق في إحباط محاولة لتنظيم داعش لتنفيذ تفجير داخل مقام السيدة زينب جنوب العاصمة دمشق.
وأضاف مصدر في جهاز الاستخبارات العامة أن العملية أسفرت عن اعتقال الأشخاص المتورطين (عددهم أربعة أشخاص) في هذه المحاولة الإجرامية، التي كانت تهدف إلى استهداف الشعب السوري، حسب ما نشرت وزارة الداخلية السورية في بيان.
وأكد المصدر أن جهاز الاستخبارات العامة يبذل كل الجهود ويضع كافة إمكانياته لمواجهة المحاولات الإرهابية التي تستهدف أمن وسلامة الشعب السوري بمختلف أطيافه.
ومؤخرًا، اتخذت إدارة العمليات العسكرية إجراءات مشددة لحماية الأماكن والمقامات المقدسة بهدف منع الفتن الطائفية، عقب سقوط نظام الأسد السابق في 8 كانون الأول/ديسمبر الماضي.