أظهرت دراسة جديدة أن البالغين المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ADHD قد توافيهم المنية قبل ما يصل إلى 11 عاماً مقارنة بغير المصابين، في وقت يطالب الخبراء بزيادة الاستثمار في العلاجات.
يقول هنري شيلفورد، الرئيس التنفيذي لـ”مؤسسة فرط الحركة البريطانية الخيرية” (أي دي أتش دي يو كي) ADHD UK الذي شُخص باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في سن البلوغ، إن التقرير يجب أن يعتبر دعوة عاجلة إلى التحرك من قبل خدمات الصحة الوطنية (أن أتش أس) NHS والحكومة، مضيفاً “التغيير ضروري، ومن دونه تدمر حيوات الناس”.
ووجدت الدراسة الجديدة أن المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه قد يعيشون أقل من 4.5 إلى 9 سنوات بالنسبة للرجال، ومن 6.5 إلى 11 سنة بالنسبة للنساء، كما لاحظت “وجود نقص كبير في الخدمات المتخصصة لدعم البالغين المصابين في المملكة المتحدة”.
وقال جاش سكوت، أستاذ علم النفس في جامعة “كولدج لندن” (UCL) وكبير مؤلفي الدراسة، إن الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب يمكنهم الحياة بهناء إذا تلقوا الدعم والعلاج المناسبين، لكن هذا الدعم غالباً ما يكون غير متوافر، مضيفاً “من المقلق أن يعيش بعض البالغين المصابين باضطراب فرط الحركة حياة أقصر من المفترض.”
ويقدر “المعهد الوطني للتميز في الصحة والرعاية” National Institute for Health and Care Excellence بأن نحو ثلاثة إلى أربعة في المئة من البالغين في المملكة المتحدة، أي ما يعادل نحو 2.6 مليون شخص، يعانون اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
وعلى رغم أن المصابين بالاضطراب يمكنهم التركيز بصورة كبيرة على الأشياء التي تثير اهتمامهم، فإنهم يجدون صعوبة في التركيز على المهمات الروتينية. كما أن الاضطراب قد يؤدي إلى زيادة الاندفاع والقلق وصعوبة في إدارة الوقت، مما يجعل العمل والتعلم المدرسي أمراً صعباً.
وقامت الدراسة التي نشرت في “المجلة البريطانية للطب النفسي” The British Journal of Psychiatry، بفحص بيانات طبية مجهّلة لـ30029 بالغاً في المملكة المتحدة شُخصوا باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وقارنتها مع بيانات 300390 بالغاً غير مصابين.
وأفاد الخبراء بأن هذا الاضطراب يعالج بصورة أقل بين البالغين في المملكة المتحدة مقارنة بالدول ذات الدخل المرتفع، وأكدت الدراسة أن أقل من واحد من كل تسعة بالغين مصابين بالاضطراب تم تشخيصهم.
وأكد السيد شيلفورد أنه انتظر ثلاثة أعوام للحصول على موعد في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، وكانت أوقات الانتظار في جميع أنحاء البلاد مروعة. وفي العام الماضي، أُبلغ بعض المرضى بأن فترة الانتظار تصل إلى 10 سنوات قبل التشخيص.
وأضاف “كانت تجربتي مع الاضطراب صعبة جداً، ويُظهر هذا البحث كيف أننا نتحمل بصورة مباشرة كلفة هذا الإهمال”.
ومن جانبها، أشارت الدكتورة ليز أونيونز، المؤلفة الرئيسة للتقرير من جامعة “كولدج لندن” قسم علم النفس وعلوم اللغة ومعهد برادفورد لأبحاث الصحة، إلى أن نسبة صغيرة فقط من البالغين المصابين بالاضطراب شُخصوا، مما قد يؤدي إلى مبالغة الدراسة في تقدير الفجوة بالعمر المتوقع للأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
وأوضحت “على رغم أن كثيراً من الأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يعيشون حياة طويلة وصحية، فإن اكتشافنا بأنهم يعيشون بصورة عامة حياة أقصر مما ينبغي يشير إلى عدم تلبية حاجات الدعم”.
وأكدت “من الضروري أن نفهم أسباب الوفيات المبكرة لكي نتمكن من وضع استراتيجيات لمنعها في المستقبل”.
وبدوره أوضح أوليفر هاوز، أستاذ الطب النفسي الجزيئي في معهد الطب النفسي وعلم النفس وعلم الأعصاب في “كينغز كوليج لندن” King s College London، أن “الدراسة تسهم في دعم كثير من الأدلة الأخرى التي تشير إلى أن الأشخاص المصابين بأمراض نفسية يعيشون حياة أقصر من غير المصابين”، مضيفاً “تظهر هذه النتائج الحاجة الماسة لزيادة الاستثمار في خدمات الصحة النفسية، ليتمكن المصابون من الحصول على الدعم اللازم”.
فيما شرح زميله فيليب آشيرسون، أستاذ الطب النفسي الجزيئي في معهد الطب النفسي وعلم النفس وعلم الأعصاب في “كينغز كوليج لندن”، أنه “على رغم أن الدراسة لم تحدد أسباب الوفيات المبكرة بصورة قاطعة، فإن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يرتبط بمعدلات أعلى من التدخين والسمنة وأمراض القلب والسرطان، إلى جانب مشكلات صحية أخرى”.
وقال متحدث باسم وزارة الصحة البريطانية “أوضح تقرير اللورد دارزي مدى تفاقم التراكمات في نظام خدمات الصحة الوطنية بالنسبة إلى الأشخاص الذين ينتظرون التشخيص. ومن خلال خطة التغيير، ستعمل الحكومة على إعادة بناء النظام الصحي وتقليص قوائم الانتظار”.
وأضاف “يعمل فريق اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في خدمات الصحة الوطنية على جمع الخبرات من مجالات الصحة والتعليم والنظام القضائي لفهم التحديات التي يواجهها المصابون بالاضطراب، بما في ذلك تحسين الوصول السريع إلى الخدمات والدعم”.