في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة، تشهد مدينة حماة وريفها حالة من الاستقرار النسبي في بعض المناطق، بينما لا تزال مناطق أخرى تعاني من دمار كبير وتحديات جسيمة تعيق عودة الحياة الطبيعية إليها.
وأكد الناشط المدني أحمد محمد في حديثه لمنصة سوريا ٢٤، الذي قدم تقييماً مفصلاً للوضع في المدينة وريفها، مشيراً إلى تحسن في بعض الجوانب الاقتصادية والمعيشية، لكنه أشار أيضاً إلى وجود تحديات كبيرة لا تزال قائمة.
في مدينة حماة.. تحسن نسبي في الأسعار وتوفر السلع
وأوضح محمد أن الوضع في مدينة حماة “هادئ جداً” مقارنة بالفترات السابقة، مع تحسن ملحوظ في أسعار السلع الأساسية مقارنة بما كانت عليه في السابق.
وأشار إلى أن توفر المواد الغذائية والسلع الأخرى جيد بشكل عام، مما أتاح للمواطنين فرصة الحصول على احتياجاتهم الأساسية بأسعار أقل.
ومع ذلك، لفت إلى أن الحركة الاقتصادية في المدينة تعاني من نوع من الجمود بسبب قلة السيولة النقدية، مما أثر على قدرة المواطنين على الإنفاق والاستهلاك.
وأضاف محمد أن الدخل الفردي للمواطنين “ضعيف جداً” رغم انخفاض الأسعار، مما يجعل الأوضاع المعيشية صعبة بالنسبة للكثيرين.
وذكر أن سعر الخبز، على سبيل المثال، تم تحديده بسعر موحد يبلغ 4000 ليرة سورية للربطة الواحدة التي تحتوي على 12 رغيفاً، وهو سعر يعتبر مقبولاً نسبياً في ظل الظروف الحالية.
الريف الحموي.. استقرار في بعض المناطق ودمار في أخرى
أما بالنسبة للريف المحيط بحماة، فقد أشار الناشط المدني إلى أن الوضع يختلف من منطقة إلى أخرى.
ففي الريف الشمالي والشرقي والجنوبي، يسود الاستقرار والأمان، مما سمح بعودة الحياة الطبيعية إلى حد ما، لكن الوضع في الريف الغربي، الذي يضم مناطق ذات أغلبية علوية، يختلف بشكل كبير.
وأوضح محمد أن “كثير من الناس يحاولون تسوية أوضاعهم للعودة إلى هذا الريف، لكن هناك من لا يزالون هاربين ولا يمكنهم تسوية أوضاعهم بسبب الظروف الأمنية والمعيشية الصعبة”.
وبيّن أن الدمار الكبير لا يزال قائماً في مناطق أقصى الريف الشمالي، مثل كفر زيتا والقرى المحيطة بها، بالإضافة إلى منطقة سهل الغاب في الريف الغربي، التي تعرضت لتدمير كامل بنسبة 100%.
وأضاف أن هذه المناطق تعاني أيضاً من انتشار حقول الألغام بشكل كثيف، مما يعيق جهود السكان المحليين الذين يحاولون العودة إلى أراضيهم الزراعية، مؤكدا على ضرورة تقديم المساعدة في إزالة الألغام لتمكين المزارعين من استئناف نشاطهم الزراعي.
تحديات الكهرباء والخدمات الأساسية
من جانب آخر، أشار أحمد محمد إلى أن وضع الكهرباء في المدينة والريف لم يشهد أي تحسن يذكر، حيث لا تزال انقطاعات التيار الكهربائي متكررة وتشكل عبئاً إضافياً على المواطنين.
وأفاد بأن مركز التسوية في قيادة شرطة حماة يشهد زحاماً كبيراً بشكل لا يوصف، مما يعكس الصعوبات الإدارية التي يواجهها المواطنون في تسوية أوضاعهم.
إقبال كبير على مراكز التطوع
وأكد الناشط المدني أن الإقبال على مراكز التطوع في المدينة والريف كبير بشكل ملحوظ، وذلك بسبب الحاجة الماسة إلى العمل وعدم وجود فرص عمل كافية.
وأوضح أن الكثير من الشباب والعائلات يعتمدون على هذه المراكز للحصول على دخل بسيط يساعدهم في تغطية احتياجاتهم الأساسية.
كفر زيتا.. نداء لإعادة الإعمار
من جانبه، تحدث عبد الناصر حوشان، رئيس مجلس مدينة كفر زيتا لمنصة سوريا ٢٤، عن التحديات الكبيرة التي تواجه المدينة والمناطق المحيطة بها.
ودعا حوشان “كل المنظمات والمؤسسات الحكومية والتجار لتقديم مشاريع لإعادة الحد الأدنى من الخدمات الأساسية للمواطنين في القرى والمدن المدمرة، وذلك لاستيعاب العودة التدريجية للمهجرين”.
وأكد أن التحديات كبيرة في جميع مناحي الحياة، خاصة في مجالات الصحة والتعليم، حيث أن غالبية المدن في ريف حماة، ومنها كفر زيتا، تعاني من دمار كبير.
واعتبر أن أي مشروع لإعادة الإعمار لا يمكن أن يبدأ دون توفر الموارد البشرية المؤهلة والخدمات الأساسية، مؤكداً أن الهدف الرئيسي هو إعادة الإعمار وتأهيل البنية التحتية والمساكن التي دمرت.
ورأى حوشان أن التحدي الأكبر يتمثل في زيادة عدد العائلات العائدة، مما يستوجب زيادة عدد الوحدات السكنية في عموم مدن الريف الحموي التي ثارت في وجه النظام السابق.
مبادرة “حماة تنبض من جديد”
وفي إطار الجهود المبذولة لإعادة تنشيط المجتمع المحلي، تم إطلاق مبادرة مجتمعية تحت عنوان “حماة تنبض من جديد”، أمس الإثنين، وذلك على مدرج مجلس مدينة حماة.
وجاءت هذه المبادرة كجزء من الجهود الرامية إلى تحفيز المجتمع المحلي في مختلف المناطق، حيث تم تبادل الأفكار والخبرات بين ممثلي المدن المختلفة، والعمل على تعزيز التعاون بين المؤسسات المجتمعية لتطوير الواقع الخدمي والاقتصادي في المنطقة.
وتأتي هذه المبادرة في وقت تشتد فيه الحاجة إلى تعزيز الجهود المشتركة بين الجهات الحكومية والمجتمع المدني لمواجهة التحديات الكبيرة التي تواجهها حماة وريفها، خاصة في مجالات إعادة الإعمار وتوفير الخدمات الأساسية وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين.