أكد حقوقيون سوريين ، على ضرورة عدم إفلات مجرمي الحرب ومرتكبي الجرائم ضد الإنسانية من العقاب، مؤكدة أن تلك الجرائم لا تسقط بالتقادم.
واعتبر حقوقيون أن محاسبة هؤلاء المجرمين وعلى رأسهم عاطف نجيب، ليست مجرد مطلب قانوني، بل ضرورة أخلاقية وإنسانية لضمان عدم تكرار المآسي التي عاشتها سوريا على مدى سنوات.
خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة الانتقالية
وأمس ذكرت مصادر خاصة لمنصة سوريا أن قوات الأمن العام نفّذت عملية مداهمة ناجحة في مدينة جبلة ريف اللاذقية، تمكنت خلالها من إلقاء القبض على العميد عاطف نجيب، الرئيس السابق لفرع الأمن السياسي في درعا، وأحد أبرز الشخصيات الأمنية المرتبطة بقمع الاحتجاجات التي اندلعت عام 2011، في تطور نوعي يُعدّ خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة الانتقالية في سوريا.
ومن أبرز الجرائم التي ارتكبها نجيب هي حادثة اعتقال مجموعة من الأطفال في درعا عام 2011، الذين كتبوا على جدار مدرستهم عبارات ضد النظام.
وتعرض هؤلاء الأطفال لتعذيب وحشي شمل اقتلاع أظافرهم بناءً على تعليمات مباشرة منه، كما رفض إطلاق سراحهم رغم مطالب وجهاء وأهالي المدينة، ما أدى إلى تصاعد الغضب الشعبي الذي أصبح الشرارة الأولى للثورة السورية.
ردود الفعل الحقوقية
واعتبر الحقوقي ياسر الفرحان، المدير التنفيذي لمنظمة ميزان للدراسات القانونية وحقوق الإنسان في حديثه لمنصة سوريا سوريا ٢٤، أن القبض على عاطف نجيب يمثل خطوة عملية هامة في مسارات العدالة.
وأوضح الفرحان أن هذه الخطوة تعزز ثقة الشعب السوري بحكومته، وتدفع مجتمعات الضحايا إلى المزيد من التعاون مع المؤسسات الوطنية لتحقيق العدالة.
وأكد أن محاسبة المتورطين في الجرائم كبديل عن استيفاء الحق بالذات يتطلب تصميم برامج العدالة الانتقالية بشكل متكامل، بما في ذلك تشكيل لجان الحقيقة وإنشاء محاكم خاصة وطنية للتعاون مع الجهات الدولية لمحاسبة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية.
أهمية المحاكمة العادلة
وأكد الحقوقيون على أهمية إجراء محاكمة عادلة وفق أصول المحاكمات التي تحترم كل الحقوق القانونية للمتهم، معتبرة أن العدالة التي يحتاجها الشعب السوري هي تلك التي تحاسب المجرم عن كل ما اقترفت يداه، دون أي تجاوز أو انتقام.
وفي تعليق على الموضوع، قال الخبير القانوني في مجال حقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي، المعتصم الكيلاني لمنصة سوريا سوريا ٢٤: “في أعقاب اعتقال العميد عاطف نجيب، تتجدد الدعوات لمحاسبة المتورطين في جرائم حرب وانتهاكات ضد الإنسانية، خاصة دوره في انتهاكات درعا 2011 التي أشعلت الثورة السورية”.
وأضاف: “تصنّف هذه الجرائم ضمن القانون الدولي كجرائم ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي، وتتضمن التعذيب والاعتقال التعسفي، مخالفة اتفاقيات جنيف، إذ يؤكد الحدث أهمية عدم الإفلات من العقاب، بغض النظر عن المناصب أو العلاقات”.
وتابع: “رغم أن توقيف نجيب يمثل خطوة نحو العدالة، فإنه يجب إجراء محاكمة عادلة وشفافة، مع ضمان حقوق الضحايا، كما تبرز الحاجة إلى محاسبة شاملة لكل المسؤولين عن الانتهاكات خلال النزاع السوري، لتحقيق العدالة ومنع تكرار الفظائع”.
رسالة إلى المستقبل
واعتبر الكيلاني، أن اعتقال عاطف نجيب هو بداية لمسار العدالة الانتقالية الذي يهدف إلى كشف الحقيقة، تقديم الجناة للعدالة، تعويض الضحايا، وإعادة بناء النسيج الاجتماعي السوري.
ولفت إلى أنها رسالة واضحة بأن الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب السوري لن تسقط بالتقادم، وأن العدالة ستظل السلاح الأقوى لمواجهة الاستبداد والإرهاب، حسب تعبيره.
العدالة ضرورة لمستقبل خالٍ من الاستبداد
من جانبه، قال المحامي علي رشيد الحسن، رئيس هيئة القانونيين للعدالة وحقوق الإنسان لمنصة سوريا ٢٤: “تمثل محاسبة مجرمي الحرب في سوريا جوهر العدالة الانتقالية، خاصة مع الجرائم المروعة منذ 2011، واعتقال عاطف نجيب، المسؤول الأمني المتورط في قمع الاحتجاجات يُعد خطوة محورية نحو ملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية، إذ يُنظر إليه كرمز للاستبداد، ومحاكمته تؤكد أن الإفلات من العقاب لن يستمر، مما يعزز تحقيق العدالة للضحايا وعائلاتهم ويدعم التعافي المجتمعي”.
وتابع: “هذه القضية ليست جنائية فقط، بل محطة أساسية نحو بناء مستقبل قائم على سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، وهو مطلب المنظمات الحقوقية السورية، فالعدالة باتت ضرورة لمستقبل خالٍ من الاستبداد”.
ويأمل أهالي الضحايا الذين قضوا بسبب انتهاكات نظام الأسد السابق، أن تكون هذه الخطوة بداية لفتح ملفات أخرى لمجرمي الحرب، وأن يتمكن الشعب السوري من استعادة حقه المسلوب عبر تحقيق العدالة التي يستحقها.