تُعَد أجهزة السمع حيويّة لملايين الأشخاص حول العالم، فهي تساعدهم على التواصل مع المحيط من حولهم، لكنها لا تعوض السمع بشكل كامل. تعمل هذه الأجهزة على تضخيم الأصوات، وتتميز بتصاميم حديثة وأنيقة، إلا أن الكثيرين لا زالوا يشعرون بالخجل أو الوصمة المرتبطة بارتدائها.
تجري الآن في بريطانيا تجربة سريرية فريدة من نوعها، الأولى على مستوى العالم، لاختبار علاج جديد قد يلغي الحاجة إلى أجهزة السمع لدى بعض الأشخاص في حال نجاحه. يعتمد هذا العلاج على حقن خلايا جذعية مستنبتة في المختبر داخل الأذن المصابة، بهدف أن تنمو وتتحول إلى خلايا عصبية سمعية جديدة وسليمة، قادرة على نقل الأصوات من الأذن الداخلية إلى الدماغ، وتستبدل الخلايا التالفة بسبب التقدم في العمر أو الأمراض الوراثية أو العدوى مثل الحصبة والنكاف.
تجارب على الحيوانات وتقدم العلاج
أظهرت الاختبارات على الحيوانات أن حقن الخلايا الجذعية لم يكتف فقط بتحسين السمع، بل أظهر نتائج واعدة، حيث أصبحت الخلايا تتماسك وتبقى في مكانها، دون أن تتحول إلى خلايا سرطانية. أُعطيت الشركة المطورة، رينري ثيرابيوتكس، الضوء الأخضر لبدء تجارب على عشرين مريض يعانون من فقدان سمع حاد، خلال جراحات لزراعة قوقعة. وأمل الفريق أن يمكن إحداث علاج يتم عن طريق حقن من غير جراحة في المستقبل.
سر العملية وكيفية النجاح
تتم العملية باستخدام نوع معين من الخلايا العصبية الأذنية، وهي قريبة جدًا من مرحلة النضج، وتدخل الأذن الداخلية لتكمل نضوجها وتصبح خلايا ناضجة تماما. يوضح خبراء أن الخلايا المحقونة تبقى في مكانها ولا تتحول إلى خلايا أخرى، وهو أمر مهم لأنها قد تشكل خطرًا إذا تحولت إلى خلايا سرطانية. من المتوقع أن تظهر النتائج الأولية في عام 2027، وإذا كانت ناجحة، فستساهم في علاج حالات فقدان السمع الخفيف والمتوسط المرتبط بالتقدم في العمر، دون الحاجة لزرع قوقعة.
التحديات والمخاطر
يحذر الخبراء من أن تحديد سبب الصمم بدقة لا يزال صعبًا، فبعض الأنواع ناتجة عن تلف الأعصاب أو خلايا الشعر في الأذن، وقد لا يُعكس تلف الأعصاب من خلال علاج يعتمد على خلايا الجذعية. كما أن هناك مخاطر تتعلق بفتحة الأذن عند إبراء الخلايا، حيث قد تتلف خلايا الشعر المتبقية أو تؤدي إلى ضعف آخر في السمع إذا لم يُجرَ بشكل صحيح. يُذكر أن نحو ثلث الأشخاص الذين يخضعون لزراعة قوقعة قد يفقدون سماعهم المتبقي بسبب هذا الإجراء.
يُعَدُّ هذا العلاج واعدًا، وهو خطوة مهمة نحو إيجاد حلول جديدة لمشكلة الصمم، خاصة لمن لا يستطيعون الاعتماد على الأجهزة التقليدية بشكل كامل، ويأمل الباحثون أن يسهم المستقبل في تطورات أكبر تمكن من علاج تلف الأعصاب السمعية بشكل فعال بدون عمليات جراحية معقدة.







