رئيس التحرير: سراب حسان غانم
مدير التحرير: رماح اسماعيل

عاجل | إعادة صياغة العنوان مع الحفاظ على نفس المعنى مع إضافة كلمة عاجل دائمًا في البداية والفاصل بين الكلمة والعنوان

شارك

أعلنت وزارة العدل السورية عن تشكيل لجنة تحقيق رسمية للتحقيق في أحداث العنف الأخيرة في محافظة السويداء، وهي خطوة أثارت جدلاً واسعًا وردود فعل متباينة بين تفاؤل مشوب بالحذر واتهامات بأنها محاولة لكبح الغضب المحلي.

يطرح السؤال حول مدى جدية الحكومة السورية في السير نحو إصلاح حقيقي، أم أن خطوة تشكيل اللجنة تظل مجرد إجراء شكلي لتخفيف الضغوط الدولية، خاصة بعد إعلان نتائج لجنة التحقيق في أحداث الساحل السوري التي وقعت في مارس الماضي، والتي كشفت عن انتهاكات خطيرة تشمل القتل الجماعي والتعذيب والشتم الطائفي.

وفقًا لوزارة العدل، منحت اللجنة صلاحيات واسعة للتواصل مع الخبراء والجهات المختصة، مع وعد بإصدار تقرير نهائي خلال ثلاثة أشهر. لكن غياب ممثلين من أبناء السويداء عن اللجنة أثار استياء الأهالي، الذين اعتبروها طرفًا محايدًا يملك نية الحكم وليس التحقيق فقط.

مطالبات بتحقيق دولي

تزايدت المطالبات بتدخل جهات دولية في التحقيق، احتجاجًا على الرفض المحلي، خاصة بعد تنظيم احتجاجات في السويداء طالبت بوجود لجنة دولية تشرف على التحقيق، وهو ما اعتُبر رسالة سياسية هامة. وفي حديثه، أكد خبير القانون الدولي ياسر الفرحان أن لجنة الساحل كانت سابقة مهمة، لأنها وثقت أكثر من 900 شهادة وشملت ملاحقة قانونية لأكثر من 550 مشتبهًا، مما يعطيها مصداقية غير مسبوقة.

وفي سياق متصل، صرح المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توماس براك، بأن الحكومة السورية تتعاون مع مكتب التحقيقات الفيدرالي بشأن قضية مقتل مواطن أمريكي في السويداء، وأن رفع اسم سوريا من قائمة الدول الداعمة للإرهاب مرهون بتحولات حقيقية، مشيرًا إلى أن هناك أملًا مشروطًا في تحركات دمشق الحالية، والأمر يتوقف على خطوات فعلية من أجل الإصلاح الحقيقي، لا مجرد تصريحات فقط.

نجاح لجنة الساحل وامكانيتها

يعتبر الخبير الفرحان أن لجنة التحقيق في الساحل شكلت سابقة نادرة، لأنها وثقت انتهاكات خطيرة ورفعت ملفات بأسماء متهمين أمام القضاء، وأشاد بأنها كانت لجنة حقيقية غير شكلية، حيث وصفت بدقة عمليات قتل جماعي وسرقات وحرق. وأكد أن هذه اللجنة حظيت بتأييد من جهات أممية، مثل لجنة التحقيق الدولية ومكتب المبعوث الأممي إلى سوريا.

التحديات والثقة مع أهالي السويداء

لكن، يتساءل البعض من أهل السويداء عن قدرة اللجنة على كسب ثقة الضحايا والأهالي، خاصة مع وجود رفض من بعض الأطراف المحلية، رغم أن الرفض ليس بحق الحقوق وإنما نتيجة لانتظار معايير حيادية. ويؤكد الفرحان أن التواصل المباشر مع الأهالي هو السبيل لتجاوز هذا الرفض، وأن تجربة لجنة الساحل أثبتت أن الدولة السورية يمكن أن تقدم نموذجًا مختلفًا إذا أرادت.

ويشير إلى أن مؤسسات الدولة السورية لا تزال في مرحلة إعادة البناء، مع شروعها باتخاذ إجراءات منها ضبط السلاح بشكل أكبر، إلا أن الجماعات المسلحة لا تزال ترفض تسليم مواردها، الأمر الذي يعقد جهود السيطرة وتحقيق العدالة في المناطق المتأثرة.

انتقادات للازدواجية الدولية ودور إسرائيل

انتقد الفرحان بشدة الازدواجية في المعايير الدولية، معتبراً أن إسرائيل تمارس عدوانًا صريحًا وفقًا للقانون الدولي، وأن التعامل معها يختلف كليًا عن التحديات الداخلية السورية، معتبراً أن استغلال الظروف السورية من قبل الدول الغربية لتبرير مواقفها هو أمر غير مبرر ومنطقي.

وفي النهاية، تبرز أمام دمشق فرصة حاسمة، فهي إما أن تستثمر في لجان التحقيق وألا تتنصل عن إصلاحات سياسية انتقالية، أو أن تظل تُستخدم كأداة لحماية النظام من الضغوط الدولية. لكن، برأي المراقبين، نتائج لجنة الساحل تبث أملًا مشروطًا، ويبقى الامتحان الحقيقي هو الأفعال والنتائج التي ستترتب على هذه التحقيقات، حيث تتوقف الثقة كلها على مدى تنفيذ الحكومة لالتزاماتها والتغيير الذي ستشهده على أرض الواقع، خاصة أن الجميع يترقب بعيون مفتوحة الخطوات القادمة.

مقالات ذات صلة