رئيس التحرير: سراب حسان غانم
مدير التحرير: رماح اسماعيل

عاجل | ماذا وراء التصعيد في السويداء وتحركات إسرائيل في القنيطرة؟

شارك

عاد التوتر إلى جنوب سوريا مع تصاعد الاشتباكات في محافظة السويداء وتحركات إسرائيلية لافتة في ريف القنيطرة. تشير التطورات إلى مشهد معقد تتهم فيه السلطات السورية مجموعات مسلحة بمخالفة اتفاق وقف إطلاق النار، وتعمل الجهات الحكومية على التحقيق في تداعيات الأحداث. لا تزال الأوضاع تثير تساؤلات حول إمكانية التهدئة أو التصعيد في المنطقة الحساسة.

تصاعد الاشتباكات وخروقات الاتفاق

اندلعت مجددًا الاشتباكات في السويداء بعد أيام من فرض اتفاق هدنة برعاية عربية وأميركية، حيث اتهمت وزارة الداخلية السورية تلك المجموعات باستهداف مواقع قوى الأمن بالصواريخ وقذائف الهاون، ما أدى إلى سقوط ضحايا بين قوات الأمن. قامت قوات الجيش بفرض السيطرة على تل الحديد في ريف المحافظة بعد مواجهات عنيفة مع فصائل مسلحة كانت قد سيطرت على المنطقة، وأُغلِق ممر بصرى الشام مؤقتًا لحين استقرار الأوضاع ميدانيًا.

تحركات إسرائيلية تثير القلق

سجلت المنطقة الجنوبية أيضًا تحرّكات إسرائيلية، حيث نفّذ الجيش الإسرائيلي غارة جوية ليلية استهدفت مواقع لم تُذكر هويتها، عقب رصد استخباراتي وعمليات ميدانية دقيقة. كما لوحظت طلعات تحذيرية من الطيران الإسرائيلي فوق ريف القنيطرة، مع تمركز قوات إسرائيلية في منازل مهجورة بقرية طرنجة، مما زاد من منسوب التوتر على الجبهة الجنوبية.

تحليل للأوضاع الداخلية والخارجية

وفقًا للباحث السياسي عبد الله الحمد، فإن ما يحدث في السويداء يعكس تصعيدًا خطيرًا تمّ من قبل مجموعات استغلت حالة الهدوء النسبي بعد الاتفاق الأمني لاقتحام قرية تل الحديد، بالتعاون مع غارات إسرائيلية وهجمات لقوات سوريا الديمقراطية في مناطق أخرى. ويرى أن السبب الرئيسي وراء التصعيد هو مصالح زعامات مسلحة داخلية، إذ تظهر تسجيلات مصورة خلافات داخل الفصائل بشأن توزيع المساعدات والهيمنة المحلية، كما أن بعض الفصائل تحاول الاستعانة بإسرائيل أو افتعال مواجهات تبرر التدخل الخارجي.

ردّ الدولة وتشكيل لجنة تحقيق

سيطرت القوات الأمنية على تلال الحديد، وفرضت انتشارًا عند حدود السويداء، مع استئناف عبور المساعدات الإنسانية، بهدف تلطيف الحالة وإبعاد الجانب الإنساني عن النزاع. أعلنت الحكومة عن تشكيل لجنة تحقيق برئاسة وزير العدل، وبدأت العمل فورًا لمقابلة الأهالي والمتضررين، مع فتح خطط اتصال لاستقبال الشكاوى. لكن هناك شكوكًا حول قدرة اللجنة على استعادة الثقة، خاصة بعد تجربة سابقة في الساحل السوري، رغم إعلان رئيس اللجنة عن نيّة الحكومة محاسبة المسؤولين عن أي تجاوزات، مع توجه لإشراف دولي على التحقيقات لتقديم تقارير للأمم المتحدة.

صراع داخلي وخارجي يهدد المنطقة

يشير المحللون إلى أن ما يحدث هو جزء من صراع أوسع، إذ توجد صراعات فصائلية داخلية حول النفوذ والسيطرة، وتجارة المخدرات، بالإضافة إلى تدخلات خارجية من إسرائيل التي تتزامن تحركاتها مع التصعيد، مما يثير تساؤلات حول توقيتها وأهدافها، خاصة في ضوء انشغال إسرائيل بجبهات أخرى وحرصها على حماية حدودها في سوريا.

هل تصلح التضحيات لتحقيق التهدئة؟

يرى البعض أن الحل لا يزال ممكنًا، بشرط تفعيل المؤسسات الحكومية وسحب السلاح من جميع المجموعات، وتبني مخرج سياسي تحت مظلة وطنية، مع استثمار بعض المبادرات السياسية التي قد تفتح أبواب حوار شامل لإعادة الوحدة للمجتمع السوري، خاصة بعد اعترافات القيادة عن أخطاء في العمليات الأمنية، ورغبة الدولة في محاسبة جميع المسؤولين. كما أن التعاون مع منظمات دولية لمراقبة التحقيقات يمكن أن يعزز الثقة ويساعد في استعادة الاستقرار.

مشهد متداخل بين الداخل والخارج

لا يقتصر الوضع في السويداء على نزاعات محلية، بل هو جزء من صراعات أكبر تتداخل فيها حسابات داخلية من صراعات عائلة وهياكل مسلحة، مع تدخل وصراعات خارجية، لاسيما مع تحركات إسرائيل التي تثير تساؤلات عن دوافعها وتوقيت تدخلها، خاصة في ظل التوترات الحالية في المنطقة، والسعي لتأمين مصالحها عبر رسائل ردعية للجهات المعادية.

هل تستطيع الدولة فرض الاستقرار؟

يبقى احتمال استعادة السيطرة الكاملة واستقرار الأوضاع مرهونًا برغبة سياسية قوية، وتعاون دولي فعال، وشجاعة داخلية لمحاسبة من تورط في الفوضى، مهما كانت مكانتهم، مع ضرورة العمل على تنفيذ خطوات فاعلة تضمن حفظ الأمن وتثبيت وقف النار في المنطقة.

مقالات ذات صلة