أصدر خفر السواحل الأميركي تقريرًا مفصلًا أظهر أن كارثة غوص غواصة “تيتان” السياحية في عام 2023، والتي أدت إلى وفاة خمسة أشخاص، كانت نتيجة إهمال كبير وتجاهل لممارسات السلامة والرقابة. وجاء في التقرير الذي استمر التحقيق فيه لمدة عامين وتجاوزت صفحاته 300 أن الشركة المشغلة، “أوشن غيت”، تعرضت لأجواء مفعمة بالتوتر والتلاعب وعدم الالتزام بالإجراءات الضرورية، مما ساهم في وقوع الحادث.
وصف التقرير الحادث بأنه “مأساة يمكن تجنبها”، مع اتهام الشركة وقياداتها بوقوع أخطاء ممنهجة في تصميم وتشغيل وصيانة الغواصة. كانت “تيتان” في مهمة استكشافية لحطام سفينة “تايتانيك” عندما فقدت الاتصال، ثم تبيّن أن الغواصة انفجرت تحت ضغط الأعماق، مما أسفر عن مقتل من كانوا على متنها. وأكد جيسون نوبيور، رئيس مجلس التحقيقات البحرية، أن تلك الكارثة كانت نتيجة إهمال كامل، وكان من الممكن تجنبها لو توفرت إجراءات السلامة اللازمة.
سلوك إدارة الشركة وأثره على السلامة
كشف التحقيق عن أن الرئيس التنفيذي الراحل، ستوكتون راش، الذي كان من بين الضحايا، اعتمد أسلوبًا سلطويًا داخل الشركة، حيث هدد الموظفين وسخر منهم وانتقدهم بشكل دائم، وواجهوا الفصل عندما أعربوا عن مخاوف تتعلق بالسلامة. كما أن الشركة عمدت إلى تضليل الجهات الرقابية، حيث استُخدمت سمعتها العلمية كغطاء لتخفيض معايير السلامة، عبر تقليل الإجراءات الهندسية وتزوير البيانات المهمة المتعلقة بالصيانة والسلامة.
وأورد التقرير أن الغواصة تيتان تعرضت لتدهور كبير عند تخزينها في العراء خلال فصل الشتاء في كندا عام 2023، حيث تعرضت لعدة عمليات تجمد وانصهار، الأمر الذي تسبب في تضرر هيكلها الخارجي، مما زاد من خطورة استخدامها لاحقًا.
تداعيات الإهمال والوفاة والتهم
ذكر التقرير أن إهمال راش أدى إلى مقتل أربعة أشخاص آخرين، ولو نجا، لكان من المتوقع أن يواجه تهمًا جنائية من وزارة العدل الأميركية. من بين الضحايا كان المستكشف الفرنسي بول-هنري نارغوليه، ورجل الأعمال البريطاني هاميش هاردينغ، والملياردير الباكستاني البريطاني شاهزاده داوود وابنه سليمان البالغ من العمر 19 عامًا.
دعوات للمساءلة والتغيير
عبّرت عائلة داوود عن أسفها، مؤكدة أن التقرير لن يعيد الأحبة وإنما يطالبون بمحاسبة المسؤولين وتعديل القوانين لمنع تكرار مثل هذه الكوارث، معتبرين أن إرث شاهزاده وسليمان يمكن أن يُحدث فرقًا يُحسن من إجراءات السلامة ويحفظ الأرواح في المستقبل. وفي سياق مماثل، تواصل عائلة نارغوليه مقاضاة الشركة في دعوى تعويضات تتجاوز 50 مليون دولار، موجهة إليها تهمة إخفاء معلومات هامة عن حالة الغواصة وتاريخها العلمي والصلاحي.







