يؤكد العديد من المحللين السياسيين أن النفوذ الإيراني هو العامل الرئيسي الذي يظل يعيق تسوية ملف سلاح حزب الله في لبنان، وسط تطورات إقليمية متسارعة وتوتر مستمر في العلاقات بين طهران وواشنطن. يشير هؤلاء إلى أن حزب الله يرفض بشكل مباشر تسليم سلاحه، ويعتبر هذا الرفض مرتبطًا بالدور الإيراني الكبير في لبنان والمنطقة. فالإيرانيون ما زالوا يحتفظون بقدرات وتأثير كبير على هذا الملف الشائك، حيث يظل النفوذ الإيراني حاضراً يعوق أي جهود لحل نهائي.
وفي حديثه لبرنامج تلفزيوني، أكد الباحث علي السبيتي أن إيران لا تزال تمسك بمفاتيح التحكم في موضوع سلاح حزب الله، وأن البعد الإيراني هو أحد العوامل الأساسية التي تعيق الوصول إلى حل جذري. وأضاف أن العلاقة غير المستقرة بين طهران وواشنطن تظل عقبة أخرى أمام التوصل إلى تسوية نهائية، خاصة مع وجود رفض داخلي داخل الحزب نفسه لفكرة التخلّي عن السلاح. كما أشار إلى أن المسألة باتت تتعدى الطابع العسكري والسياسي، وأصبحت تضمًّا عناصر طائفية، حيث يمثل الرئيس نبيه بري، وهو شخصية قيادية للطائفة الشيعية، موقف الحزب الرافض لتسليم السلاح.
الموقف الإقليمي وتراجع النفوذ الإيراني
من جهة أخرى، أوضح الباحث جورج العاقوري أن حزب الله يواجه مأزقًا حقيقيًا جراء المتغيرات الإقليمية المتسارعة، وأنه يحاول كسب الوقت في ظل غموض سياسي، مع العلم أن الأوضاع في المنطقة تؤثر بشكل كبير على وضع الحزب، خاصة مع التغيرات الجذرية في السياسات الإيرانية وتوجهاتها نحو تعزيز السلام والانتقال نحو اتفاقات إقليمية مثل الإبراهيمي. لافتًا إلى أن الحزب يفتقد حالياً إلى أوراق سياسية وعسكرية قوية، خاصة بعد تراجع نفوذ سوريا على الساحة اللبنانية وانخفاض أهميتها بسبب سقوط نظام بشار الأسد، وهو ما يقلل من فرصه في الاعتماد على أدوات إقليمية لمصلحته.
تصعيد الشارع والضغط الداخلي
وفي سياق التصعيد الداخلي، يلوّح حزب الله باستعمال الشارع، مهددًا بأي تحرك سياسي أو حكومي يتعارض مع توجهاته. وأعرب عن استيائه من قرارات الحكومة اللبنانية ووجه رسالة واضحة بأنه مستعد للردّ سياسيًا. يعيش لبنان حالياً مرحلة من الحذر والانتظار، بعد أن أظهرت الحكومة بقيادة الرئيس جوزيف عون موقفًا صارمًا يدافع عن السيادة الوطنية ويواجه ضغوطًا سياسية وعسكرية. يسعى الحزب إلى تعويض ضعفه وانكشافه من خلال خطاب تصعيدي وتحريك قواعده الاجتماعية، في وقت بات واضحًا أنه قد أصبح أكثر تمركزًا داخليًا، ليدافع عن وجوده وسلاحه، بدلًا من مواجهة إسرائيل عسكريًا، وهو يخسر بذلك أوراقه الإقليمية وتوازنه في الداخل.
سلاح الحزب ومرجعيته السياسية
تُظهر المواقف السياسية أن سلاح حزب الله يمثل العمود الفقري لوجوده السياسي، حيث يعتمد على إيهام الطائفة الشيعية بأنه الحصن المنيع لها في مواجهة التحديات الخارجية والداخلية. يبرز ذلك في قدرته على تجييش المجتمع الشيعي رغم عجزه عمليا عن مواجهة إسرائيل، مما يثبت أن دوره السياسي مرتبط بشكل مباشر بتمسكه بالسلاح. ويؤكد الخبراء أن الحزب لا يملك قيمة سياسية حقيقية بدون سلاحه، وأنه يدافع عن وجوده بشكل أساسي من خلال الحفاظ على الطائفة المسيطرة داخل لبنان.
وفي الوقت ذاته، يُظهر تراجع قدرته على استخدام القوة العسكرية، إذ يكتفي الآن بتهويل وترويج خطابات تصعيدية كوسيلة ضغط، أملاً في أن تتراجع الحكومة أو يتغير موقف الرئاسة. ويصف بعض المراقبين تصرفات الحزب بأنها محاولات يائسة لرفع معنويات مناصريه، رغم أنها تضعه في مواجهة احتمالات تعرضه لضربة عسكرية من إسرائيل، وهو ما يحمل معه مخاطر حقيقية على قواعده ومناصريه، برغم ادعائه بالحفاظ عليهم.







