يشهد الوضع في قطاع غزة تصاعدًا في نيران الحرب، مع تحركات دولية وإسرائيلية أكثر حدة. ينتظر الجميع اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت)، وسط أنباء عن خطط عسكرية لاحتلال كامل للقطاع، رغم تحذيرات المجتمع الدولي من العواقب الوخيمة لهذه الخطوة. تظهر خلافات داخل الحكومة الإسرائيلية حول مدى الحاجة إلى احتلال غزة، حيث عبّر رئيس هيئة الأركان، إيال زامير، عن تفضيله لعملية عسكرية محدودة، محذرًا من تبعات كارثية قد تطال بعض الأسرى المحتجزين. أما وزير الدفاع، إسرائيل كاتس، فتمسك بتنفيذ قرارات الحكومة، مؤكدا أن السيطرة الشاملة تتطلب المضي قدمًا رغم التحذيرات الأمنية.
الاجتماع الحاسم والكلام عن خطة التوسيع
يتوقع أن يكون اجتماع الكابينت يوم الخميس مفصليًا، حيث يناقش خطة لتوسيع العمليات العسكرية، بهدف فرض السيطرة على كامل قطاع غزة، خاصة المناطق التي يُحتمل أن يكون فيها الأسرى الإسرائيليون. تأتي هذه التصريحات وسط تحذيرات من الأمم المتحدة التي وصفت الخطة بأنها “مقلقة للغاية” و”قد تؤدي إلى كارثة إنسانية”، وفقًا لما ذكره مساعد الأمين العام للأمم المتحدة في مجلس الأمن.
موقف الولايات المتحدة وتعليقاته غير الواضحة
تضاربت التصريحات الأميركية بشأن غزة، حيث أكّد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أن قرار احتلال غزة يعود لتل أبيب، لكنه أشار أيضًا إلى أن إدارة ترامب تُجري جهودًا إنسانية لعلاج الأزمة، مع نية لتولي مسؤولية إنسانية مشتركة، مع إشارات إلى مشاركة قطر ماليًا، وتعاون مصر والأردن لوجستيًا. يرى الباحث في العلاقات الدولية، أشرف عكة، أن واشنطن تسعى إلى محاولة إدارة الازمة باسم الإغاثة، بينما في العمق، هناك نية لاستثمار الحرب سياسيًا وانتخابيًا، بهدف السيطرة على القطاع بموجب ما يُعرف بـ”اتفاق ضمني” بين نتنياهو وترامب.
تحليل الانقسام الإسرائيلي وتأثيره على القرار
يعتقد عكة أن الانقسام داخل إسرائيل، خاصة بين المؤسسة العسكرية والسياسية، هو ظاهر ولكن لا يعطّل قرار نتنياهو، الذي يسعى للحفاظ على ائتلافه وربح مكاسب سياسية، رغم معارضة بعض الأصوات داخل إسرائيل من الأكاديميين وقادة سابقين في الجيش الذين يدعون إلى العصيان المدني. يربط عكة بين تردي الوضع الإنساني في غزة واستمرار العمليات العسكرية، مشيرًا إلى أن تصريحات ترامب عن المساعدات الإنسانية تحمل طابعًا إنسانيًا ظاهريًا، فيما تقف وراءها أهداف سياسية، أهمها السيطرة على القطاع وفرض مصالح إقليمية.
احتمالات التهجير وتصفية القضية الفلسطينية
يحذر عكة من أن المرحلة القادمة قد تتجه نحو دفع سكان غزة نحو الجنوب، بهدف تهجيرهم قسرًا وتصفية القضية الفلسطينية، وليس فقط تدمير حركة حماس. وأشار إلى أن القاهرة أبدت قلقها من التحركات التي تضع المنطقة أمام ضغوط غير مقبولة، مع وجود أصوات داخل إسرائيل من المجتمع المدني والجيش ترفض السياسات الحالية، رغم ضعفها، إلا أن التوازن في الموقف يبقى غير واضح وسط سيطرة قوى اليمين المتطرف.
الخلاصة والموقف النهائي
يؤكد عكة أن نتنياهو تخلى عن الأسرى منذ البداية، وأن ترامب يدرك أن الحرب تتجاوز حماس، وتمس المشروع الوطني الفلسطيني. يطرح السؤال عمّا إذا كانت إسرائيل ستتمكن من الصمود أمام التطرف الذي يفرضه عليها، أم أنها ستفقد سيطرتها على المشهد، خاصة مع تزايد الضغوط الدولية والداخلية. في النهاية، يبدو أن انقسام المجتمع الإسرائيلي حول استمرار الحرب واحتلال غزة يبدو شكليًا، وأن دعم الولايات المتحدة يظل مزدوجًا، حيث تدعم إسرائيل سياسيًا وعسكريًا، بينما تلمح إلى مبادرات إنسانية قد تُعيد تشكيل غزة بعد انتهاء العمليات العسكرية، في ظل غياب أفق واضح لإنهاء الأزمة بشكل سياسي وإنساني.







