رئيس التحرير: سراب حسان غانم
مدير التحرير: رماح اسماعيل

عاجل | لبنان بين دعم حصر السلاح وتحديات الميدان

شارك

شهد لبنان مؤخراً تحولاً نادرًا حيث تجمع اللبنانيون من مختلف الطوائف والمناطق على مطلب واحد وهو حصر السلاح بيد الدولة فقط. يأتي هذا الطلب في ظل أزمة طويلة الأمد وتفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، حيث أدرك الجميع أن استمرار تعدد مصادر القوة المسلحة يمكن أن يؤدي إلى فوضى عارمة، وربما يهدد وجود الدولة نفسها.

لم يكن قرار الحكومة الأخير، الذي يركز على حصر السلاح في المؤسسات الشرعية، عشوائيًا، بل جاء نتيجة تراكمات من الأزمات والانهيارات المتكررة. فبعد اتفاق الطائف، ظل ملف السلاح بعيدًا عن يد الدولة، لكن المزاج الشعبي اليوم يميل بشكل واضح لتنفيذه. يرى النائب فراس حمدان أن هذا الالتفاف الشعبي هو تعبير عن التزام الحكومة بتنفيذ اتفاق الطائف ووقف إطلاق النار، مع تأكيده أن اللبنانيين باتوا يدركون أن الحرب لا تبني الوطن، وأن الخيار العسكري خارج المؤسسات وفشل في حماية مصالحهم.

تحديات على أرض الواقع

لكن الشارع يحمل في ليلته مشهدًا آخر من الصراع، حيث تجوب مسيرات دراجات نارية بعض المناطق، وتحمل أعلام حزب الله، وتطلق شعارات معارضة للقرار الحكومي. توحي هذه الاستعراضات بوجود تحدٍ ميداني، تمثله محاولات فرض واقع قوة مضادة على الأرض، وهو ما يعكس أن المواجهة لم تعد مجرد صراع سياسي بل باتت أيضًا على مستوى الواقع الميداني.

الآراء والتوقعات

يعتقد المحلل السياسي أسعد بشارة أن الالتفاف الشعبي حول الحكومة سيزداد، مؤكدًا أن غالبية اللبنانيين يدركون أن استمرار بلدهم كمكان تُستَعمل فيه أدوات إيران يهدد سلامتهم، ويدفعهم نحو كارثة أمنية واقتصادية. ويشير إلى أن استطلاعات رأي مجهزة من قبل بعض الجهات تظهر أن غالبية اللبنانيين تؤيد حصر السلاح بالدولة، رغم محاولات بعض الممانعين تزوير الصورة. يرى بشارة أن هذا الدعم الشعبي يعزز فرص تنفيذ القرارات الدولية والاتفاقات الوطنية، وفي حال فشل ذلك، فإن الأوضاع ستتجه نحو الأسوأ.

آراء اللبنانيين على أرض الواقع

في جولة على الشارع، عبّر مواطنون عن رغبتهم في دولة تضمن أمنهم وتحميهم من ويلات الصراعات. يقول سامي عيتاني، موظف في بيروت، إنه تعب من الحروب ويريد أن يكون السلاح بيد الجيش فقط. وتؤكد رنا حبال، معلمة من صيدا، أن المهم هو أن يصبح السلاح في يد الدولة ليعيش الأطفال بأمان، وفي طرابلس، يختصر تاجر يدعى أبو طارق الأمر بالقول إن المواجهات المسلحة تفرض عليهم دفع الثمن، ويجب إيجاد حل جذري يوقف الحال المأساوي.

التعب من الفوضى وتطلعات للاستقرار

يرى المحلل السياسي خير الله أن اللبنانيين باتوا يتطلعون للاستقرار بعد سنوات من الفوضى، وأن اللبنانيين الذين ابتعدوا عن بيئة حزب الله يبحثون عن هدوء. ويضيف أن الحزب استفاد من قوة السلاح، لكنه أدى البلاد إلى مسارات مدمرة، مثل اغتيال الحريري وحرب تموز، والانخراط في الحرب السورية، محذرًا من أن استمرار النهج الحالي قد يؤدي إلى دمار أكبر بصراع مع إسرائيل.

يختتم خير الله بالتأكيد أن لبنان اليوم يمر بمرحلة حرجة، فالتفاف الشعب يمنح الحكومة زخمًا، ولكنه يضعها أمام تحدي كبير في ترجمة هذا التأييد إلى خطوات عملية، وإلا فإن البلاد ستظل تواجه الانقسامات والإحباط المتكرر.

مقالات ذات صلة